خروجتنا

تعرف على”المدرسة الأشرفية” أو مسجد الأشرف برسباي وتاريخ إنشائها

ترك العصر الإسلامي في مصر العديد من الآثار التي لا تقتصر فقط على المنازل والقصور والجوامع بل تمتد إلى المدارس أيضاً، والتي تميزت بقيمتها المعمارية التي تجمع عناصر شتى من الفن المعماري المملوكي.

ومن ضمن هذه المدارس «مدرسة الأشرف برسباي» التي تقع بقصبة شارع المعز لدين الله الفاطمي في قلب القاهرة.

مسجد ومدرسة السلطان الأشرف برسباي أو المدرسة الأشرفية، يقع في المعز لدين الله عند تلاقيه بشارع جوهر القائد وقد بدأ الملك الأشرف برسباي في إنشائه سنة 826 هـ / 1424 م وهو أحد المساجد الثلاثة التي أنشأها الأشرف برسباي وثانيهما مسجده الملحق به مدفنه وخانقاه بقرافة المماليك الذي أنشأ ببلدة الخانكة سنة 841 هـ / 1437 م، وتتميز هذه المساجد بجمال الهندسة.

ولكن أجمعت أغلب المصادر التاريخية، والنقوش الأثرية الموجودة في المدرسة الأشرفية، على أن تاريخ البدء في إنشائها يعود إلى سنة 800 هـ/ 1397م، حين أمر ببنائها الملك الأشرف الثاني إسماعيل بن الملك الأفضل عباس، ففي النقوش الأثرية الموجودة حالياً، ظهر مايلي:

ورد نقش بخط النسخ التأسيسي للمدرسة في موضعين :
الأول: فوق عتبة الباب الأوسط في الممر الجنوبي المتجه إلى قاعة الخانقاه، وذكر فيه اسم المنشيء، ونصه في السطر الأول: “أمر بعمارة هذه المدرسة المباركة مولانا ومالكنا السلطان السيد الأجل الملك الأشرف ”

وفي السطر الثاني: “ممهد الدنيا والدين إسماعيل بن العباس بن علي بن داوود بن يوسف خلد الله ملكه ونصره ” ، والثالث: يقع في الجانب العلوي من عتب مدخل المنارة الشرقية، نقش فيه تاريخ بدء تأسيس المدرسة.

ونصه السطر الأول: “وكان ابتداء العمارة بهذه المدرسة السعيدة في ثاني ربيع الآخر سنة ثمانمائة.
وهناك نقش ثالث بخط النسخ أيضاً موجود في الجانب العلوي من مدخل المنارة الغربية، موضح فيه اسم المسؤول عن الإشراف على البناء، ونصه: السطر الأول “وكان… مولانا سيد الأمراء صفي الدين”
السطر الثاني (جوهر.. الدويدار مولى حصن تعز المحروس)

ومن خلال الزيارة الميدانية للمدرسة أمكن التحقق من وجود هذه النصوص المنقوشة على الحجر في المواضع المذكورة، والتي تحمل دلالة الثبات الذي حرص عليه السلاطين تخليداً لأعمالهم، فضلاً عما يمثله النقش على المنارة من التيمن بها لثبات الملك.

وأظهرت أعمال الترميم مؤخراً، والتي بدأت عام 1982 م، نقشاً رابعاً ولكنه هذه المرة على لوح من الجص، تم اكتشافه في الواجهة الجنوبية الداخلية من بيت الصلاة، ونصه: “أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة السعيدة السلطانية الملكية الأشرفية، منشيها مولانا السلطان الأعظم شاهنشاه مالك رقاب الأمم الأقمر سيد ملوك العرب والعجم سلطان الإسلام والمسلمين سيد الملوك والسلاطين ناشر جناح العدل على العالمين معهد الدنيا والدين، إسماعيل بن العباس بن علي بن داوود بن يوسف بن علي بن رسول، وقد بناه بتاريخ 15 محرم سنة 83.

وسجل نقش خامس تاريخ بناء المدرسة، ويذكر السنة الثانية من البناء؛ وهذا النقش يفيد بأن العمل استمر في بناء المدرسة مدة ثلاث سنوات، أي من عام 800-803هـ/1397-1400م، ومما جاء في نص النقش والذي وجد أعلى المدخل الجنوبي الخارجي للمدرسة ضمن مربع مقسم في ثلاثة أسطر:

السطر الأول: “بسم الله الرحمن الرحيم

السطر الثاني : “ادخلوها بسلام آمنين”

السطر الثالث: “بتاريخ الحادي عشر من رمضان سنة أحد وثمانماية
كما وجدت بعض الكلمات التي بقيت على النقش الحجري بخط نسخ محصور ضمن إطارين في بطن عتب المدخل الجنوبي للمدرسة.

أما في المصادر التاريخية:
فقد وردت نصوص متفقة تماماً مع النص التأسيسي الوارد في النقوش الأثرية، ومن ذلك:
ما جاء في افتتاحية الوقفية الغسانية عن تاريخ بناء هذه المدرسة أورد نصها القاضي الأكوع جاء فيها: “بناها السلطان الملك الأشرف إسماعيل بن الملك الأفضل العباس بن الملك المجاهد سنة 800 هجرياً، وما ذكره الخزرجي من أن السلطان الأشرف إسماعيل بن العباس، أنشأها سنة 880هـ/1937م.

والعديد من كتب التاريخ ذكرت أن الحاكم المنشىء للمدرسة الأشرفية، هو الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل بن الأفضل العباس، والذي امتدت فترة حكمه من سنة 761- 803هـ/ 1359- 1400م، وقد توفي في السنة التي افتتحت بها المدرسة عند انتهاء البناء فيها سنة 803هـ/ .1400
وتشير أغلب المصادر بأنه بنى جامعاً يحتوي على مدرسة دينية.

المذاهب والعلوم التي كانت تدرس في المدرسة الأشرفية:
مما سبق ذكره فإن أحد أهم الأسباب الرئيسية التي أسهمت في انتشار بناء المدارس في اليمن، وخاصة إبان حكم الدولتين الأيوبية والرسولية؛ يعود إلى رغبة حكامها بنشر المذهب السني، وتقليص المذاهب الأخرى، وذلك من خلال الإكثار في بناء المدارس التي تعنى بتحقيق هذا الهدف.

لذا فإن من أهم وأبرز العلوم التي كانت تدرس في تلك المداس هي علوم الفقه على الشافعي، وعلوم القرآن والسنة والحديث، وعلوم اللغة العربية، ومن تلك المصادر، ما يذكره الخزرجي عن المدرسة الأشرفية” كانت تختص بتدريس تعليم القرآن الكريم، والحديث واللغة، والفقه على مذهب الإمام الشافعي، بطاقم كامل من موظفي المدرسة، والمسجد والطلبة الذين يدرسون بمنح دراسية كما جرت العادة”

وجرى كذلك تدريس المذهب الحنفي في بعض المدارس كالمنصورية العليا في زبيد. ويقدم الخزرجي في الجزء الثاني من نفس المصدر وصفاً للمدرسة الأشرفية وللتدريس فيها، جاء فيه: ” ومن مآثره الدينية- يقصد الملك الأشرف الثاني إسماعيل- التي أنشأها في مدينة تعز وخارجها مدرسة حسنة الشكل لها بابان، شرقي وغربي، وباب يماني- يقصد به جهة الجنوب- ومقدم فسيح، ورتب فيها إماماً ومؤذناً، وقيماً ومعلماً وأيتاماً يتعلمون القرآن الكريم، ومدرساً على مذهب الإمام الشافعي ومعيداً وعدة من الطلبة، ومدرساً يتحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدرساً في النحو والأدب، وجماعة من الطلبة أيضاً.

ووقف فيها العديد من الكتب النفائس في كل فن، وأوقف على المدرسة المذكورة وعلى المرتبين فيها وقفاً جيداً يقوم بكفايتهم، ويعزز صحة ذلك ما أوردته الوقفية الغسانية والمذكورة، ويضيف محمد زكريا بأن المدرسة كانت مكونة من قاعات للدراسة، وأن القاعة الشرقية كانت لتدريس الفقه والحديث الشريف، بينما اختصت القاعة الغربية بتدريس وحفظ القرآن الكريم)

أنواع المدرسة الأشرفية:
كان لانتشار المدارس، والثورة العمرانية التي رافقت بناءها في فترة حكم الأيوبيين والرسوليين الأثر الواضح في خلق تنوع مميز، وتصنيفها تبعاً لميزات كل منها إلى أنواع عدة:

النوع الأول: ويعرف بالمدارس الكبرى.

النوع الثاني: ويعرف بالمدارس الصغرى.

فالعناصر المكونة للمدرسة الأشرفية ومميزاتها تضعها ضمن المدارس الكبرى وبحكم أسبقية إنشائها، ينظر إليها لا بحسبها تمثل نوعية المدارس الكبرى فحسب، بل تعتبر المقياس لهذا التقسيم لما يليها من المدارس الكبرى؛ مثل المدرسة العامرية التي جاءت كنموذج متطور عنها، وذلك زمن حكم آل طاهر، الذين خلفوا دولة آل رسول.

اقرأ أيضًا:سياحة الصعيد.. مغامرات منسية لا تفوتك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى