كلام رجالة

حكاية “الورقة ٢٥” والعلامة 91 في استعادة  طابا

رضا الشويخي:

نستكمل معا ملف استعادة طابا، وحديثنا عن محطة مهمة وهي “الورقة 25” فما قصتها؟
كعادة الاحتلال الإسرائيلي في المماطلة، كان هناك رفض للخروج من طابا المصرية، ومحاولة تغيير معالمها وإنشاء فندق “سونستا طابا” طابا مثلا كان واحدا من هذه التغييرات.
ولأن سيناء مطمع الغزاة على مدار التاريخ كما ذكرنا في التقرير الأول من “ملف طابا”، فكان الاحتلال الإسرائيلي متمسكا بشدة بأن يبقيها في حوزته.

 

الأزمة بدأت  بإعطاء وزير الدفاع أرئيل شارون تعليماته لطاقم المساحة الإسرائيلي بتدمير وتغيير مكان “العلامة 91” حتى يختلق مشكلة تعطل الانسحاب، رغم الاتفاق على إعادة طابا في  25 إبريل من عام 1982م، وتوسطت أمريكا في الأزمة وتمت صياغة ورقة عرفت لاحقا باسم “ورقة 25” بالرجوع إلى التحكيم استنادا إلى المادة 7 من معاهدة السلام، والذي انتهى باستعادة طابا وإثبات حق مصر في أرضها.

التاريخ خير مُعلم:
عودة طابا لم تكن حدثا عاديا؛ فمصر التي قضت على أسطورة الجندي الذي لا يقهر التي كان الاحتلال الإسرائيلي يروج لها، هي نفسها التي شكلت فريقا من علماء القانون والتاريخ والعسكرية المصرية والمساحة وغيرهم، ليفتشوا في وثائق عمرها مئات السنين ليثبتوا حقهم، وهنا درس للشباب أن الإصرار سبب قوي لتنجح في الوصول لهدفك.

وضمت الوثائق حدود الدولة المصرية الدولية منذ عهد الانتداب البريطاني على فلسطين المحتلة، أي 
فى الفترة بين عامى 1922 و 1948، كما قدمت  اللجنة المصرية وثائق من ثلاثينيات القرن التاسع عشر والفترة اللاحقة على عام 1948 حتى حرب يونيو ونتائجها، وتقريرا عن رسم خط الحدود 1906و الذي بمقتضاه تم توقيع اتفاقية بين مندوب الدولة العثمانية والخديوية في مصر لتحديد خط فاصل بين ولاية الحجاز.

وفي 29 سبتمبر 1988 أصدرت هيئة التحكيم حكمها التاريخي بأغلبية 4 أصوات٬ بمصرية طابا وأقرت حيثيات الحكم بأن الاحتلال الإسرائيلي أضمر سوء النية طيلة مرحلة التحكيم، وفى 15 مارس 1989 تسلمت مصر طابا٬ وعادت إلى سيادتها٬ ورفرف العلم المصري عليها  في 19 مارس 1989.

قصة العلامة 91:

الخبير الاستراتيجي خالد عكاشة، ذكر في  كتابه “سيناء أرض المقدس والمحرم”، أن الفريق المصري المكون من: “اللواء محسن حمدي، واللواء عبدالفتاح محسن مدير إدارة المساحة العسكرية، ومصور، وجنديين من الصاعقة”، صعدوا على أقدامهم لكنهم لم يجدوا العلامة 91، “وهي آخر العلامات بين مصر وفلسطين المحتلة والتي تحدد مكان طابا” وإنما وجدوا آثار القاعدة الحجرية بدون العمود الحديدي وقال الإسرائيليون إن مكان العلامة في الوادي.

وقتها قدم أعضاء الوفد الإسرائيلي صورة مفبركة لشخص يدعى شالوم بتاريخ عام 1900 ميلادية، رغم أن إسرائيل لم تكن موجودة وقتها، وقالوا هذا شجر الدوم وعمود التلغراف وبئر المياه التي ذكرها الوفد المصري علامات إرشادية عن الموقع، وأثناء وجود الفريق بالأعلى وجدوا مخرا للسيول شديد الوعورة فنزل جنديا الصاعقة المصرية داخله، واستغرقا 20 دقيقة ثم صعدا حاملين العمود الحديدي وطوله متران وعرضه 15 سم ووزنه ما بين 60 – 70 كجم ومكتوب عليه رقم 91 فسجلوه بالصور واستخدم فيما بعد في المحكمة.. والتي توجت بانتصار دبلوماسي لمصر ورفع العلم المصري على طابا في 19 مارس من العام 1989م.
هناك في الكواليس فريق محارب من المفاوضين المصريين وهو ما سنتناوله في حلقتنا المقبلة من “ملف طابا”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى