مكتبة الإسكندرية تشهد الحوار الرابع من «حوارات الإسكندرية»
شهدت مكتبة الإسكندرية اليوم الحوار الرابع من “حوارات الإسكندرية” تحت عنوان: “مجتمع المعرفة في الفضاء العربي والعالمي… مكوناته وآفاقه المستقبلية”، بالتعاون مع قنصلية لبنان العامة في الإسكندرية، تحدث فيه الأستاذ الدكتور مسعود ضاهر الباحث الاجتماعي اللبناني، وأدار الحوار الأستاذ الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية.
قال الدكتور أحمد زايد إن موضوع مجتمع المعرفة بالغ الأهمية، فالسباق والتنافس بين الدول لا يقتصر الآن على بناء الثروة والتنمية والتطور الاقتصادي بل يقوم أيضًا على امتلاك ثروة معرفية وتكنولوجية هائلة، وبناء الافكار وبراءات الاختراع والابتكار والإبداع. فقد تحولت المعرفة لثروة، وكثير من الدول لا تمتلك ثروات بالمعنى الذي نعرفه بل ثورة معرفية ضخمة جدًا تستطيع أن تغزو العالم.
وتحدث زايد عن مؤشرات بعض المشكلات التي تواجه الوطن العربي في هذا الإطار؛ ومنها: التعليم وجودته وكفاءته، والمجتمع الرقمي واستخدام الانترنت في بناء أطر معرفية، مؤكدًا أن الموضوع له أهمية خاصة ويجب أن تلتفت الحكومات له، ويجب أن تكون اللغة العربية قادرة على الاندماج في منظومة مجتمع المعرفة.
ولفت إلى أن الدكتور مسعود ضاهر له أهمية خاصة فهو مؤرخ معروف على مستوى العالم العربي والعالم، ولديه ميل للعلوم الاجتماعية، وهو صاحب مدرسة متميزة وحديثة في دراسة وكتابة التاريخ. وله الكثير من المؤلفات وحصل على عدد كبير من التكريمات والجوائز.
وفي بداية كلمته، قال الدكتور مسعود ضاهر إن مجتمع المعرفة هو نتاج التفاعل الإيجابي بين التراث والثقافة العصرية، المجتمع التقليدي والدولة العصرية، وتوظيف الإنتاج الثقافي في خدمة التنمية البشرية. ولفت إلى أن مجتمع المعرفة له خصوصيته وخصائصه ومكوناته التي تختلف من مجتمع لآخر.
وتحدث عن مجتمع المعرفة في الفضاء العربي، فتناول تجربة محمد علي باشا أو “التجربة المصرية” كما يطلق عليها، فقد قدمت إصلاحات محمد علي باشا نموذج بالغ الأهمية في تحديث مصر وبلاد الشام قبل عقود من بداية مرحلة التحديث في اليابان. ونظرًا للامتداد التاريخي بين مصر والشام كانت بلاد الشام أكثر منطقة استجابت للتحديث في مصر.
كما تناول النموذج الياباني في بناء مجتمع المعرفة وإطلاق حداثة سليمة، ولفت إلى دعوة الإمبراطور مايجي في خطابه لليابانيين “الحقوا بالغرب وتجاوزوه”، فاستطاعت اليابان مد جسور علمية للتعاطي الواقعي مع الغرب، وحرص اليابانيون على حماية الخصوصية اليابانية في بناء مجتمعهم المعرفي. وبالرغم من هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، أطلقت اليابان استراتيجية جديدة للنهضة على قاعدة مجتمع معرفة متجدد لكنه متمسك بالقوة الناعمة وكل ما هو إيجابي في التراث الياباني التقليدي، فشهدت حركة تحديث وفق حداثة سليمة تقوم على تعزيز دور الثقافة والعلوم والتكنولوجيا.
وعن الآفاق المستقبلية لمجتمع المعرفة في الفضاء العربي، أكد الدكتور مسعود ضاهر على أهمية التنمية الثقافية كركيزة للتغيير الجذري في المرحلة الراهنة، إلى جانب الدور الكبير الذي يمكن أن تضطلع به النخب العربية في فتح آفاق جديدة للمستقبل العربي.
وشدد الدكتور مسعود ضاهر على أهمية دور الشباب العربي المبدع في بناء مجتمع عصري تتجدد به الثقافة العربية، وضرورة إفساح المجال أمام الشباب للمشاركة الفاعلة في شئون المجتمع، وأن تحتضن المؤسسات العربية المتميزين منهم. كما تحدث عن أهمية التوظيف الكثيف للبحث العلمي واستقطاب العلماء، وتوظيف نسبة من الإمكانيات العربية في بناء مجتمعات المعرفة بخصائص عربية، وأن نستفيد من كل ما هو إيجابي في تراثنا لنتمكن من بناء مجتمع المعرفة.
وتناول الدكتور مسعود ضاهر في كلمته آفاق التنافس بين الذكاء الإنساني والذكاء الاصطناعي. وقال إن المجتمع العربي انشغل فجأة بالذكاء الاصطناعي، حيث يرى البعض أنه كارثة كبيرة قد تؤدي لدمار العالم. ولفت إلى أنه بالرغم من خطورة الذكاء الاصطناعي إلا أن هذا الخوف لا مبرر له، فلم يثبت أحد أن الذكاء الاصطناعي أقوى من الذكاء البشري، فمازال الإنسان يسيطر على الذكاء الاصطناعي.