كلمتها

ابنة رئيس وزراء وقائدة ثورة.. ما لا تعرفه عن “صفية زغلول”

كتبت: أمنية أحمد

واجهت المرأة سنوات طويلة من القمع لحريتها وأفكارها وآرائها، فكان لابد من لحظة تمرد فارقة تلفت أنظار العالم تجاهالمرأةوتناشد بصوت عال أنني هنا أملك حق التعبير والاختيار، لتأتي ثورة 1919، والتي تعد المظاهرات الأولى التي شاركت النساء في صفوفها، ومن بين أسماء عظيمة أثرت في تاريخ مصر بعد تلك اللحظات التاريخية، صفية زغلولزوجة الزعيم سعد زغلول التي كان لها دور عظيم في الحياة السياسية، ولكن هل اتبعت إرشادات مربيتها وتدللت على زغلول أم أنها ركضت ورائه؟

هل العادات والتقاليد تنصفنا دومًا؟

على مدار سنوات طويلة انهالت إلى مسامعنا عدد من الأساطير والخرافات حول الزفاف، لعل أبرزهم أن على العروس أن تخفي فستان الزفاف عن العريس أن رؤيته قبل الموعد المحدد هو فأل سيء من شأنه أن يفسد الزفاف بأكمله، فرغم أننا على يقين أن تلك الأحاديث ما هي إلا هراء إلا أن أغلبية الفتيات والنساء يتبعن تلك الإرشادات خوفًا من الأرواح الشريرة التي قد تفسد ليلة العمر، ولكن ماذا عن بعض الخرافات الأخرى وكيف أتبعت صفية زعلول ذلك الهراء؟

حسب حديث صفية زغلول أن مربيتها ذات الأصول التركية اشترطت عليها يوم زفافها على سعد زغلول أن تتبع تقاليد البلدة حتى ولو لم تقتنع هي بذلك، حتى يتم الزفاف على أكمل وجه، حيث أخبرتها أنه عندما يصل العريس إلى بيتكِ ثم يأخذكِ إلى منزلكم عليكِ أن تتدللي عليه قليلًا ولا تقبلي على الفور دخول بيته إلا بعد ثلاث مرات من دعوته لكِ بالدخول، ولكن هل استجاب الزعيم سعد زعلول لتلك العادات آنذاك؟

في الحقيقة نفذت صفية زغلول هذه التعليمات بحذافيرها، فعندما وصلا إلى بيتهما بالفعل، نزل سعد من السيارة وقال لامرأته: “اتفضلي ياهانم، لكنها تطبيقًا لما قالته لها مربيتها رفضت النزول، ثم قالها زغلول للمرة الثانية فرفضت صفية النزول برفقته من جديد أملًا في تكرار دعوته للمرة الثالثة حسب التقاليد، لكنها في الحقيقة تفاجأت بردة فعل سعد زغلول الذي أدار ظهره ودخل إلى البيت على الفور، الأمر الذي جعلها تهرول خلفه متناسية تعليمات مربيتها التركية.

صفية زغلول

اقرأ أيضًا: في ذكرى وفاته..أغرب الأحداث في حياة زعيم الأمة سعد باشا زغلول

أم المصريينصفية زغلول“:

شهد عام 1876 ميلاد سيدة ناصرت المرأة وكان لها دور عظيم في الحياة السياسية، وهي صفية مصطفى فهمي، ابنة مصطفى فهمي باشا وهو من أوائل رؤساء وزراء مصر، حيث لقبت بصفية زغلول نسبة إلى زوجها الزعيم سعد زغلول، وحملت لواء الثورة على أكتافها عقب نفي زغلول إلى جزيرة سيشل، كما أنها عرفت بدورها العظيم والفارق في مساندة المرأة المصرية وتحريرها من الفكر العقيم الذي كان يسود المجتمع آنذاك وما زال آثاره باقية حتى هذه اللحظة.

فعندما تزوجت سعد زغلول لم يكن حينها سوى قاض مصري، لكنها ساندته في الشدة وشاركته سعادته حتى قاد ثورة 1919 ولم تتركه حتى في تلك اللحظة المصيرية، فكانت ضمن صفوف النساء المتظاهرات من أجل المطالبة باستقلالية مصر من الإنجليز، كما أنها لقبت بـأم المصريينلأنها آمنت بكل جوارحها بالقضية العربية والمصرية  ودافعت عنها حتى النهاية، حيث أطلقه عليها أحد المتظاهرين ذات يوم بسبب حبهم الشديد لتلك السيدة فلازم اسمها وما زال حتى هذه اللحظة.

فكانت تترأس المظاهرات وتلقي خطابات تلقي الأمل والحماس في قلوب المصريين حتى لا يغلب الإحباط واليأس على أرواحهم، ولأن أول شهداء تلك المظاهرات كان من النساء أثار غضبها وحنقها وزاد من عدوانها ضد الاحتلال، فدافعت عن وطنها بعزة وقوة وإصرار غير معهود وكأنها تطمئن سعد زغلول في منفاه أنها ستكمل مسيرته رُغم كل شيء.

صفية زغلول

اقرأ أيضًا: أول محامية مصرية.. كيف نجحت “مفيدة عبدالرحمن” في كسر المألوف؟

لحظات فارقة:

رغم حب المصريين لصفية زغلول إلا أن هناك بعض الأحداث التي لا يمكن نسيانها، ففي عام 1921 قررت  صفية عدم ارتداء الحجاب مرة أخرى، لتصبح بذلك أول زوجة لزعيم سياسي عربي تظهر في المحافل العامة والصور دون نقاب، لكن رُغم ذلك لم يتذمر سعد زغلول ولم يجتاح كيانه الغضب والعار مثلما يظن البعض، بل قدم لها حريتها الكاملة، لثقته العظيمة بها، وباعتبارها امرأة حرة ذات قرار وكيان فلابد من احترام قرارتها مهما بدا للبعض عكس ذلك.

على الرغم من تولى سعد زغلول رئاسة الوزراء إلا أن صفية زغلول قالت: “يجب أن تقدموا لي العزاء وليس التهنئة، سعد زغلول هو زعيم الأمة وهو الآن في مكان أقل بكثير، فما قيمة رئاسة الحكومة مقابل زعامة الأمة، وعندما استقال قالت: “هذا أسعد يوم في حياتي، مهمتنا الكفاح وليست تولي المناصب“.

رغم تلك اللحظات الفارقة في حياة صفية وسعد زغلول وتلك الأحداث التي تحبس الأنفاس، إلا أن ليس هناك ما يضاهي حزن صفية زغلول بعد رحيل رفيق دربها سعد زغلول في 23 أغسطس عام 1927، لكنها قررت بعد فراقه ألا تتخلى عن انتمائها الوطني، لترحل تلك السيدة العظيمة عن عالمنا في 12 يناير 1946، وكتبت وصيتها قبل ذلك بأيام توصي فيها بتركتها إلى خدمها.

صفية زغلول

اقرأ أيضًا: “هند حنفي”.. أول امرأة تتولى رئاسة جامعة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى