كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| السر المعلن

كثير من كتب الإدارة والتنمية البشرية تحمل عناوين مثل “الأسرار العشرة للإدارة الفعالة” أو “أسرار المقابلات الناجحة” أو “أسرار الحياة السعيدة”… إلخ. ثم عندما تقتني الكتاب وتبدأ في قراءته، تكتشف أن النقاط أو المحاور الموجودة بالكتاب ليست سرًا على الإطلاق، بل مجرد مجموعة من القواعد أو الإجراءات البديهية فقط، ولا يوجد بها أي نوع من الأسرار. وحتى لو افترضنا أن أحد تلك النقاط كان سرًا بالفعل، فإنه بنشرها في كتاب متاح للجميع، فإن الأمر خرج من نطاق السرية إلى العلنية والشيوع.

والتفسيرات لسبب تسميتها بالأسرار كثيرة ومتعددة. ربما يكون الأمر أحد أساليب التسويق والجذب. فلو تم تسمية الكتاب “الإدارة الفعالة” فقط، فربما يحجم قطاع كبير من القراء الذين ينجذبون إلى الغموض والأسرار، أو ربما يعتقد القارئ أنه جاء بشيء لم تأتِ به الأوائل. لا أدري على وجه التحديد ما هو السبب، ولكن في جميع الأحوال، فإن الأمر لا يتطلب كل هذا الغموض، ولا كل تلك الجلبة. وأحيانًا كثيرة، لا يحتاج الأمر إلى هذا الحجم من الكتب لشرح قواعد بديهية بسيطة يمكن تلخيصها في ورقتين أو ثلاث ورقات على الأكثر، ولكن تلك قضية أخرى مرتبطة بنفسية القارئ الذي يحب أحيانًا أن يحتوي الكتاب على الكثير من الحكايات والأمثلة والأشكال التوضيحية. أو أن الكاتب يرغب في أن يبدو عميقًا وأن موضوعه بالعمق الذي لا يمكن اختصاره في صفحات قليلة أو مقال محدود، وربما دور النشر تميل إلى الإصدارات الضخمة أحيانًا.

أحد تلك البديهيات – أو الأسرار كما يدعون – والخاصة بنجاح الإدارة هي فريق العمل وأسلوب إدارته. وهي بديهية يؤكد عليها الكثير من المدراء ورؤساء الشركات الناجحة حول العالم، حيث يرجعون النجاح إلى حسن اختيار فريق العمل، وحسن إدارته وتحفيزه. ويشددون على أن القائد بمفرده لا يمكن أن ينجح، كما أن فريق العمل بمفرده لن يستطيع ذلك أيضًا بدون مدير أو قائد ملهم وحاذق.

إذاً، المعادلة بسيطة وبديهية: فريق عمل ماهر ومتعاون مع إدارة محفزة ومنظمة لعمل الفريق، ومحددة لاختصاصات كل فرد فيه، وأسلوب ثواب وعقاب عادلين، ورؤية وخطة قابلة للتحقيق والقياس، مع المتابعة والتحفيز المستمرين، فإن النجاح هو النتيجة المحتومة.

سر معلن يُضاف إلى الآلاف من أسرار الحياة التي هي في الواقع بديهيات تُنقد أو تُغضَّ الطرف عنها أو تُهمَل تحت دعاوى كثيرة تأخذ مسميات براقة مثل “التفكير خارج الصندوق” أو “التفكير الابتكاري” أو “الأساليب الحديثة”… إلخ.

وفي النهاية، أقدم تحية واجبة إلى فرق العمل الناجحة، وإلى الإدارة الرشيدة الواعية في كل مكان وزمان، تلك التي عرفت السر والتزمت به، ووصلت إلى النجاح.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى