كلام رجالة

تركوا الطب ليحترفوا الصحافة.. كم واحدًا تعرف منهم؟

“الصحافة في جوهرها تشتغل بالسياسة، والسياسة من ناحيتها تمارس الصحافة، والمعنى هنا أن الصحفيين سياسيون بالضرورة، والسياسيون صحفيون بحكم العمل” هذه العبارة بعض مما ورد في مقدمة آخر كتب الكاتب الصحفي “صلاح الدين حافظ” تحريم السياسة وتجريم الصحافة، فهناك الكثير ممن تركوا مجالهم واحترفوا الصحافة، فكان “حافظ” واحدا منهما، وترصد منصة “كلمتنا” أبرز من تركوا مجال الطب وتفرغوا للصحافة.

صلاح الدين حافظ:

ودعت الصحافة المصرية والعربية في مثل هذا اليوم 16 نوفمبر عام 2008م، واحدا من أهم شيوخها والمدافعين عن حريتها الكاتب الصحفي “صلاح الدين حافظ” عن عمر ناهز 70 عاما، وفيما يلي نتعرف على حياته المهنية وتفرغه لمهنة الصحافة.

وُلد الكاتب الصحفي الكبير “صلاح حافظ” في قرية العقلية مركز “العدوة” بمحافظة المنيا عام 1938م، لعائلة صعيدية تؤمن بالعلم ورسالته في تهذيب النفس ورقي الإنسان وتطوير المجتمع، حيث تلقى تعليمه “الابتدائي والثانوي” في مقر نشأته، وكان والده يريده أن يلتحق بكلية الحقوق كي يصير “وكيلا للنيابة” وترك الطب أيضا من أجل الاحتراف في العمل الصحفي، فالتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وتخرج في قسم “الصحافة” عام 1960م.

وبدأ عمله الصحفي بمؤسستي “الأخبار” و”التعاون” إلى أن انتقل للعمل في الأهرام في عام1965م، وصار مديرا لتحريرها ومشرفا على “الأهرام الدولي”، كما شغل موقع رئاسة التحرير بمجلة “دراسات إعلامية” وقد شغل أيضا موقع “الأمين العام” لنقابة الصحفيين المصريين في الفترة من 1968م إلى 1977م، وشغل منصب الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب في عام 1976م لمدة عام واحد فقط، ثم تولاه مجددا بعد انتقال الاتحاد من بغداد إلى القاهرة في عام 1996م حتى وفاته في يوم 16 نوفمبر 2008م.

ساهم في تأسيس “المنظمة العربية لحقوق الإنسان” وحصل على الجائزة التقديرية للصحافة من نقابة الصحفيين المصرية، وفي كتاباته ظل مدافعا عن المهمشين والحريات العامة والعدالة الاجتماعية، لم يكن “صلاح حافظ” الوحيد الذي ترك الطب من أجل الصحافة فهناك العديد ممن تركوه أيضا وتفرغوا للصحافة، ومن بينهم الإعلامي “حمدي قنديل”.

حمدي قنديل:

الرجل الذي فضل الصحافة على الطب.. الإعلامي “حمدي قنديل”، الذي وُلد في القاهرة عام 1936م، لأب من محافظة “المنوفية” وقضى معظم طفولته وتلقى تعليمه في مدينة “طنطا” وتعرض والده لأزمة صحية وهو في الثانوية العامة مما اضطره لمرافقته 4 شهور فكان ذلك سببا في حصوله على 60٪ في الثانوية العامة والتحاقه بكلية العلوم، إلا أنه لم يدرس بها وقرر إعادة الثانوية العامة ونجح في الالتحاق بكلية الطب في المرة الثانية، لكنه ترك الطب وبدأ في ممارسة الصحافة وهو طالب في الجامعة واختير مدير تحرير لمجلة الكلية، لكنها لم تستمر طويلا وصدر قرار بمصادرتها.

وكان الصحفي الكبير “مصطفي أمين” وقتها متابعا لأعماله وعرض عليه العمل محررا في مجلة “آخر ساعة”، وافق وقرر ترك الطب ليدرس في قسم الصحافة بكلية الآداب، وبعد تخرجه عمل صحفيا في جريدة “أخبار اليوم” وتركها ليعمل مذيعا في التليفزيون المصري محققا نجاحا كبيرا من خلال برنامجه “أقوال الصحف”، وبعد فترة ساءت علاقته مع النظام المصري مما أدى إلى إيقاف برنامجه، وانتقل بعدها بين عدد من القنوات الفضائية منها قناة “دريم” مما اضطره إلى السفر للإمارات لتقديم برنامج جديد بعنوان “قلم رصاص” الذي حقق نجاحا عالميا في هذه الفترة، تزوج أكثر من مرة، آخرها هي الفنانة “نجلاء فتحي” ولم ينجب منها، حتى وفاته في يوم 31 أكتوبر عام 2018م، هناك غيرهم ممن ترك الطب كرها فيه واتجه للكتابة الصحفية، فظهر لنا واحد من عمالقة الصحافة المصرية “المازني”.

اقرأ أيضًا: “حمدي قنديل”.. رئيس التحرير لماذا ترك الطب ليشاكس؟

إبراهيم عبدالقادر المازني:

وُلد “المازني” في 10 أغسطس عام 1889م، في إحدى قرى محافظة “المنوفية” ودرس الابتدائية بإحدى المدارس القريبة، ثم الثانوية في المدرسة التوفيقية ثم الخديوية.
كان “المازني” يفضل أن يكون طبيبا وعلل ذلك ساخرا بقوله “الطبيب ليس كمثله أحد، يقتل الناس ويأخذ مالا”، فالتحق بكلية الطب ولم يلبس بها كثيرا حتى تم طرده من ناظرها لأنه أصيب بإغماءه حين رأى جثة، كره الطب وقرر تركه والالتحاق بكلية الحقوق ولم يكمل بها حين فؤجي بزيادة أجور التعليم فاتجه إلى مدرسة المعلمين العليا إلى أن تخرج سنة 1909م.

عشر سنوات قضاها إبراهيم المازني في التدريس قال عنها “لم أحتج إلى توبيخ طالب أو عتاب تلميذ أو التلفظ بألفاظ نابية، ولم يقصر التلاميذ في محاولة المعاكسة ولكنني كنت حديث عهد بالتلمذة وبشقاوة التلاميذ فكنت أعرف كيف أقمع هذه الرغبة الطبيعية في الشقاوة”. ولكنه ترك التعليم واتجه إلى الصحافة عندما وقعت ثورة 1919 وعمل مع أمين الرافعي في جريدة “الأخبار” ومع عبدالقادر حمزة في جريدة “البلاغ” كما رأس تحرير جريدة “الاتحاد” وكان يعالج الموضوعات السياسية بروح الكاتب المستقل، ويعد المازني من كبار كتاب عصره وبرز بين كبار الكتاب في ذلك العصر أمثال “العقاد” و”مصطفي الرافعي” و”طه حسين” إلى أن انتقل إلى رحمه الله سنة 1949م، ليس فقط هؤلاء من أحبوا العمل الصحفي وتفرغوا له، “يوسف إدريس” واحدا منهم.

يوسف إدريس:

ولد يوسف إدريس 19 مايو 1927م، بقرية “البيروم” محافظة الشرقية، واجتاز الثانوية العامة واستطاع الالتحاق بكلية “الطب” وبعد تخرجه عمل طبيبا في “القصر العيني” ولكنه لم يجد نفسه في هذه الوظيفة ووجد أنه في المكان الخطأ فقرر ترك الوظيفة ويشتغل بالصحافة المصرية، ليتم تعينه محررا في جريدة “الجمهورية” ليبدأ مشواره كاتبا وروائيا، ولأن كتاباته كانت سياسية، اختفى من الساحة فترة من الزمن تحديدا في عصر السادات بسبب تعليقاته ضد الوضع السياسي ولم يظهر من جديد إلا بعد حرب أكتوبر عندما أصبح من كبار كتاب جريدة الأهرام.

كان اسمه يتردد على الألسنة كمثال حي للإبداع القيم والفن الجميل وقد مضى بخصوصية عجيبة في مضمونه وألحانه ولغته معتزا بقدرته غير العادية على الخلق والإبداع، ومن أهم أعماله القصصية ما يلي:

أرخص الليالي
جمهورية فرحات
البطل
حادثة شرف
آخر الدنيا
العسكري الأسود
بيت من لحم
رحال وثيران
نظرة
نيويورك 80
ملك القطن

وغيرهم من الأعمال التي أثرت في الشعب حينها، ولقب باسم “تشيخوف العرب”، وتوفى في 1 أغسطس عام 1991م.

اقرأ أيضًا: يوسف إدريس .. صاحب الكتابة الواقعية الإنسانية الذي لُقب بـ “تشيخوف العرب”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى