كاتب ومقال

دار في خاطري| تفاؤل

بقلم: ريم السباعي

عندما يقبل الصبح يلملم الليل الطويل أذياله ويعد عدته استعدادا للرحيل، فيسير متباطئا حتى ينسلخ من النهار لينشر الصبح خيوطه الضوئية لينير الكون الفسيح، ومن ثم يتلاشى الظلام ويعم الضياء.

فما أجمل أن تنشر الشمس أشعتها الذهبية فتغمر الكون نورا ودفئا، فتسعد الكائنات بها، فتغدو الطيور من أعشاشها خماصا، فيرزقها الرزاق من رزقه، وتسعى العباد متوكلة على بارئها فيعطيها من عطائه الوفير.

ثم يأتي الغروب فتودع الشمس الأرض وتوعدها بالعودة من جديد، فتسكن الكائنات، فتعود الطيور إلى أعشاشها بطانا، وتعود البرايا إلى دورها، ومن ثم ينسلخ النهار من الليل.

ويسدل الليل ستائره، فيعم الظلام، فتنفرط دقائقه وثوانيه ثقيلة متباطئة لدى بعض البشر، وسريعة متلاحقة لدى البعض الآخر، وذلك حتى ينجلي وتشرق الشمس من جديد.

فها هي حياة البشر كالليل والنهار، كالنور والظلام، محن تتبعها منح، تتعاقب كتعاقب الليل والنهار، فكم من أحلام وأمنيات أزهرت كزهور الربيع، فملأ شذاها الكون، ثم أقبل عليها الخريف فجفت ويبست ولكنها بقيت محتفظة بشذاها العطر رغم الذبول.

رائع ذلك الصنيع الطيب، ولكن الأروع أن يبقى أثره على المدى البعيد، فدوام الحال من المحال، فاليوم سوف يغدو أمسا، والمستقبل سوف يصبح حاضرا، والأيام تمر بين ليال وأيام، تنسى خلالها كل شيء إلا السعادة والفرح، والأحزان والآلام، فهنيئا لمن علق على جدران ذاكرته ذكريات من سعادة وأفراح، آثارا طيبة تبقى مدى الأيام.

كلنا يعلم بأن لا أحد منا عاش أياما جميلة معطرة بالورود والرياحين دون أن يمر بلحظات من التعب والإحباط، ساعات من الحزن والألم، أيام من ظلام حالك منبعث من داخله من جراء المعاناة، ولكن هناك من يشعل الضوء بداخله لينير ذلك الظلام، ويمحو الحزن ويقاوم الإحباط، يسد أذنيه، ويغمض عينيه عن كل ما يحول بينه وبين تحقيق الآمال، يرشده قلبه وعقله إلى مبتغاه، يحركه حسن ظنه بالله.

عندئذ تجد الطريق الصحيح، ولكن ربما كان محفوفا بالصعاب، فتذكر أن الدنيا ليست بالسهلة اليسيرة، ولكن أنر بالتفاؤل دربك، فبعد كل محنة منحة، ومع كل ألم أمل، وكلما اشتدت الأزمات لابد أن تنتهي، وبعد الشدائد يأتي الرخاء، كما يأتي النور بعد الظلام، أليس هذا ما بشرنا به الله عز وجل؟! أجل فقد قال تعالى في محكم تنزيله ” فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا (5) إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا (6)”

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| ذو الوجهين

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى