كاتب ومقال

دار في خاطري| منهم نستفيد

في صباح يوم الجمعة اجتمع تلاميذ الصف الأول الابتدائي في فناء المدرسة استعدادا للرحلة التي انتظروها منذ عشرة أيام، كانت المعلمة برفقتهم ترتب الصفوف وتلقي عليهم التعليمات الخاصة بالرحلة.

وما هي إلا لحظات حتى صعد الأطفال إلى الحافلة التي انطلقت بهم إلى حديقة الحيوان، وفي الطريق راحت المعلمة تتحدث معهم عن الحيوانات وأصواتها، وقام بعض الأطفال بتقليد أصوات بعض الحيوانات، فكثر المزح، وعلت الضحكات.

وصل الأطفال إلى حديقة الحيوان، وساروا بنظام وهم ملتزمون بتعليمات معلمتهم، وكان في استقبالهم الزرافة، فسألت المعلمة الأطفال عن اسم الحيوان فرد الأطفال في صوت واحد دون تردد: “الزرافة” فسألت عن الاسم باللغة الإنجليزية، فكذلك أجابوها، فسألت عن طعامها، ثم مضت تخبرهم عنها بعض المعلومات، ثم قالت : طول رقبة الزرافة يجعلها تستطيع الوصول إلى الطعام بسهولة، ولكن ماذا تفعل حين تشرب؟! إنها تقوم بفتح ساقيها الأماميتن لكي تستطيع خفض رأسها وصولا إلى الماء، فقال أحد الأطفال: تأكل بسهولة ولكنها لا تشرب بسهولة، فقالت المعلمة: وهنا نتعلم أننا لا نحسد أحد على نعمة أنعم الله بها عليه، ولننظر لديه إلى شيء ما يصعب علينا تحمله، وعندها سنقول حمدا لله.

غادر الأطفال بيت الزرافة بعد إطعامها والتقاط الصور التذكارية ليجدوا في انتظار هم الجمل، وقبل أن تسأل المعلمة عن الحيوان تسارع الأطفال في ذكر اسمه باللغتين العربية والإنجليزية، قالت المعلمة: انظروا إلى الجمل!! إنه يبدو حيوانا عاديا ولكنه يمتلك اختلافات كثيرة عن سائر الحيوانات، إن الجمل هو الحيوان الوحيد الذي يمتلك جفنان أحدهما شفاف لكي يستطيع السير في الصحراء دون أن تؤذي الرمال عينيه.

كما أن لعابه يذيب الأشواك لذا فهو بإمكانه أكل النباتات الشوكية بكل سهولة، فقالت طفلة: سبحان الله إنه حيوان مختلف، فقالت المعلمة: أجل! لذا قال الله تعالي: “أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ”، فقالت طفلة أخرى: إنه يستطيع البقاء بدون طعام وشراب لفترات طويلة، فقالت المعلمة: أجل! وكذلك السير لفترات طويلة، إذن فنحن نتعلم من الجمل الصبر.

انتقل الأطفال بعد ذلك لمشاهدة الحمار الوحشي، وكما حدث من قبل تسابق الأطفال في ذكر اسمه، وقال أحدهم: أنا لا أحب صوته لأنه عال وقبيح، فقالت المعلمة: لقد قال الله عز وجل عنه في القرآن.. فقاطعتها طفلة تتلو الآية القرآنية: “إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ” وكذلك شبهه الله بأصوات المتحدثين بأصوات مرتفعة جدا، لذا علينا أن نتحدث بصوت معتدل حتى لا نكون سببا في إزعاج الآخرين.

ومن ثم ذكرت المعلمة بعض المعلومات عن الحمار ليتجهوا بعد ذلك لمشاهدة حيوان آخر، فكان ذلك الحيوان هو الثعلب، وهنا ردد الأطفال عبارة “الثعلب المكار” فقالت المعلمة: أجل! إن من صفات الثعلب المكر والخبث، لذا فنحن لا نتعلم منه تلك الصفات السيئة، ودائما نحذر البشر الذين يشبهون الثعلب في المكر والخبث، فقال أحد الأطفال: ولكن شكله لطيف، أريد التقاط صورة له، فضحك الأطفال والتقطوا له الصور هم أيضا.

انتقل الأطفال بعد ذلك لمشاهدة القرد، قالت المعلمة: أكثر الحيوانات حركة وقفزا، إنه يذكرني.. ونظرت إلى أحد الأطفال، فراح يضحك ويقفز، ويذكرني أيضا ونظرت إلى آخر، فمضى يضحك حتى كاد يسقط أرضا، فضحك الجميع ومضوا يطعمونه، ويلتقطون له الصور، فقالت المعلمة: ما أجمل أن نلهو ونلعب ونحيا طفولة مشرقة، ولكن لابد من تخصيص أوقاتا للراحة، والقراءة، وممارسة الأنشطة المفيدة.

اتجه الأطفال إلى مشاهدة الفيل، فقالت المعلمة: من يعرف قصة عن الفيل يقصها علينا؟! فبدأ الأطفال في ذكر حكايات قصت عليهم ذكر فيها الفيل، لم تكن تلك القصص هي التي تقصدها المعلمة، فقالت: من يتلو علينا سورة الفيل، فتلاها أحد الأطفال، وبعدها قصت عليهم قصة فيل أبرهة الذي أبى هدم الكعبة.

بعد ذلك ذهب الأطفال لمشاهدة الأسد وراحوا يلتقطون له الصور وهو جالس في صمت، وفجأة هم واقفا وراح يزأر، فركضت إحدى الأطفال بعيدا، ثم عادت وأمسكت بيد معلمتها وهي خائفة، فقامت المعلمة بتهدئتها وقالت: لا تخافي لن يصيبك بأذى، فهو داخل قفصه الحديدي، لابد أن نتحلي بالشجاعة، ثم قالت للأطفال: أنظروا إلى الأسد كم هو قوي وشجاع، فهذه من أجمل الصفات التي لابد أن يتحلى بها البشر.

وبعد ذلك قالت المعلمة: والآن حان موعد تناول الغداء هيا نذهب لنغسل أيدينا جيدا بالماء والصابون، ونجلس عند هذه الشجرة لتناول الطعام، وبالفعل لبى الأطفال طلب المعلمة، ثم جلسوا لتناول الطعام وهم يتحدثون عن الأشياء الجديدة التي تعلموها من الحيوانات.

وهنا شعرت المعلمة بسعادة كبيرة لأنها استطاعت أن تعلم الأطفال أشياءً جديدة من خلال رحلة صغيرة لمشاهدة الحيوانات.

بقلم:
ريم السباعي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى