كاتب ومقال

دار في خاطري| أطيب أيام العام العشرة

لبيك اللهم لبيك
لبيك لا شريك لك لبيك
إن الحمد
والنعمة
لك والملك
لا شريك لك

هكذا كنا نردد طوال طريقنا إلى المطار لنوصل جدي وجدتي، فهما مسافران لأداء فريضة الحج، فقلت لهما ونحن في المطار: سوف اشتاق إليكما، إن هذه هي المرة الأولى التي لن نقضي معا عيد الأضحى، قال جدي: إنها فريضة الحج يا بني، والركن الخامس من أركان الإسلام الذي خصه الله لمن استطاع إليه سبيلا، فقلت: كيف تكون هذه الاستطاعة؟ فقال جدي: الاستطاعة المادية والبدنية يا بني.

ثم جلس وأجلسني بجواره وقال: تأمل يا بني معي أركان الإسلام، فأولها الشهادتين، فهي شرط إسلام المرء، فحين يقول المرء “أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله” فهو إعلانا صريحا بأنه إنسان مسلم، بشرط يقولها بلسانه وقلبه وهو موقن بها.

أما الركن الثاني وهو إقامة الصلاة، على من فرضت الصلاة؟ فقلت: المسلم البالغ العاقل، فقال جدي: أحسنت، وماذا أفعل إن كنت مصابا في ساقي ولا أستطيع الصلاة واقفا؟ قلت: فلتصلي وأنت جالس، قال: وإن لم أستطع الجلوس؟ قلت: تصلي على جنبك، فقال: وإن كنت مريضا لا أستطيع أن أحرك جسدي إطلاقا، فصمت، فقال: فأصلي بعيني، وماذا إذا لم أجد الماء الطهور للوضوء؟ فقلت: تيمم، فقال أرأيت يا بني؟! لا شيء يمنعك عن أداء الصلاة فهي عماد الدين، وأداؤها في وقتها ضروري جدا ففيه حرصك على لقاء الله، حين ينادي المنادي حان وقت اللقاء مع الله عز وجل.

والركن الثالث وهو الزكاة، فهي متعددة منها زكاة المال، وزكاة الزروع وزكاة الأنعام، وزكاة التجارة، وزكاة الفطر، وهذه الأنواع تجعلها مناسبة للمسلمين جميعا خاصة زكاة الفطر، والركن الرابع وهو صوم رمضان يجب على المسلم البالغ العاقل، وفي حال مرض الإنسان ولم يستطع الصوم، فعليه أن يفطر ويجب عليه تعويض هذه الأيام.

أما الحج يا بني فهو يشترط القدرة المادية والبدنية، الفقير وجب عليه الحج إذا صار لديه المال الكافي لسفره، وطعامه، وشرابه، ومواصلاته، وعودته إلى بلده، والمريض وجب عليه الحج إذا شفاه الله، وأصبح لديه القدرة الجسدية، والقوة البدنية لتحمل مشقة السفر، وآداء مناسك الحج، وفي ذلك رحمة من الله بعباده.

قلت لجدي ما أجمل العبادات، وأخبرني يا جدي ما هي الخطوات التي سوف تقوم بها في الحج؟ ضحك جدي وقال تقصد مناسك الحج، أولا الإحرام، ثم الطواف بالكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، ثم المبيت بمنى، ثم الوقوف بجبل عرفات وذلك يوم التاسع من ذي الحجة، ثم المبيت بمزدلفة ثم رمي الجمرات، بعدها الهدي والتحلل، وأخيرا طواف الإفاضة، قلت: ما أجمل مناسك الحج، قال جدي: عند ما يبدأ شهر ذو الحجة ذلك يعني أنه بدأت اجمل وأطيب أيام العام، ففي العشر الأوائل من ذلك الشهر خيرا كثيرا، فاغتنمه يا بني، قلت: أصوم أول تسعة أيام؟ قال: أجل صيام وقراءة قرآن، وذكر ودعاء، وتسبيح وتحميد وتكبير، ابتسمت وقد شعرت براحة كبيرة وفرحة تغمرني.
حان موعد مغادرة جدي وجدتي، لم أعد أشعر بأي حزن لغيابهما في العيد، دعيت الله لهما وغادرا، ومن ثم عدنا إلى البيت.

بدأت أطيب أيام العام العشرة، فعلت ما نصحني به جدي، وفي يوم عرفة تذكرت كلمات جدي عن مناسك الحج ودعيت الله عز وجل أن يمن علينا جميعا بالحج في العام القادم، ورحت أردد بصوت عال
لبيك اللهم لبيك
لبيك لا شريك لك لبيك.

بقلم: ريم السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى