كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| عم ظاظا

مكدبش جيفارا لما قال إن العالم مش محتاج للنصايح قد ما هو محتاج للقدوة، وأظن دا واضح من الواقع اللي بنشوفه وعايشينه كل لحظة. كلنا ملاحظين أننا في السنين الأخيرة طرأت علينا حاجات وأفكار وكمان مواقف في منتهى السوء ماكنتش موجودة قبل كدا، فاختل معاها ميزان المجتمع اللي كنا عارفينه. فبقينا نسمع عن حوادث غريبة عن مجتمعنا ونشوف أشخاص أكتر غرابة، سواء كان في السلوك أو الشكل أو حتى ردود الأفعال.

طيب بذمتكم كام مرة سألتوا نفسكم السؤال دا (هي الدنيا جرى فيها إيه؟)، أرد عليكم بكلمتين وبس.. اختفت القدوة، أيوة بقى مافيش قدوة إلا من رحم ربي.

فالقدوة هي أهم أساليب التأثير على الآخرين، عشان كدا اعتبرها كتير من العلماء وسيلة رئيسية للتربية الصح. إحنا محتاجين للشخص اللي يكون مثل أعلى ونموذج مثالي في تصرفاته وأفعاله وسلوكه، بحيث يصبح قدوة ومثلاً أعلى لغيره، فيقوموا بتطبيق أفكاره وتقليده، ودا للأسف دلوقتي بيحصل بس بشكل معاكس عن اللي عايزينه.

أقولكم إزاي.. كلنا عارفين أن الغلط مافيش أسهل منه وإن الصح طريقه صعب، عشان كدا انتشرت للأسف القدوة الغلط. والتقليد الأعمى بقى قدوتنا، أبطال أفلام الفتونة والإجرام والمخدرات وقلة الأخلاق وقلة الدين بمعنى الكلمة.

فبقى كل اللي بيتشاف ويتصدر للجيل الجديد أفلام هابطة أو فيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعيدة كل البعد عن القيم. لكن للأسف هي بالنسبة لهم محل ثقة، حتى أننا بنلاقي كتير بياخدوهم قدوة ويبرروا أفعالهم وأفكارهم مهما كانت سيئة أو مالهاش أي أهمية بتعود على المجتمع. خلينا واضحين ويبقى فيه صراحة بينا ونعترف أن دلوقتي نجوم الفن والرياضة بقوا قدوة، لكن في إيه؟ في هدومهم وتسريحة شعرهم، حتى في غلطاتهم.

فاكرين زمان كان قدوتنا مين؟ كانت قدوتنا ومثلنا الأعلى اللي كنا بنحاول نوصل له هم آباءنا وأمهاتنا، مدرسينا، دكتور ناجح أو مهندس أو ظابط أو حد ناجح. لكن في وسط العتمة دي بتظهر شخصيات جديرة أننا نقف أمامها ونتخذها قدوة، قدوة لينا إحنا قبل ما تكون لأولادنا، قدوة تشجعنا على أننا ناخد الخطوة الصح في حياتنا.

ومن الشخصيات دي شخصية عم ظاظا.. شخصية بسيطة وجميلة جداً ومؤثرة جداً، فعم صيام الجزار صاحب القلب الرحيم الطيب والمعروف باسم “عم ظاظا”، حبيب أطفال مستشفى سرطان الأطفال، صاحب الملامح الهادئة والابتسامة الحنونة اللي مفيش طفل محتاج في المستشفى إلا ودخله بيته.

عم ظاظا الله يرحمه كان بيشوف بعينه أهالي الأطفال وهما بيفرشوا الأرصفة خلال فترة علاج ولادهم، ودا لعدم قدرتهم المادية، وخصوصاً أن معظمهم بيجي من محافظات بعيدة عن القاهرة. فقام مخصص دورين في بيته اللي جنب المستشفى للإقامة المجانية وبيستوعب 7 أسر في المرة الواحدة. وكمان اشترى ميكروباص صغير عشان ينقلهم بالمجان من مترو السيدة زينب للمستشفى، كل دا من ماله الخاص رافض أي تبرعات ويقول: “دي تجارتي الحقيقية، وهي تجارتي مع ربنا”.

عم ظاظا الله يرحمه قدوة عظيمة ساهم في غرس قيم وسلوكيات جميلة. ياريت نعرف نظهر كل قدوة ونتعلم منها ونعلم ولادنا. القدوة هي واجب على الكل وممكنة للكل، ونافعة أكثر من الوعظ والتعليم. القدوة الحسنة بتنادي بيها كل الأديان.

في القرآن الكريم هتلاقي في سورة الممتحنة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر).

وفي الكتاب المقدس (كن قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلامِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ) (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 4: 12).

متهيألي بكدا بقى واجب علينا أننا نكون قدوة ومسؤولين أننا نعمل عمل لخير الناس، على الأقل في نطاق دائرتنا اللي عايشين فيها.
مش كدا ولا اييييييييييييه؟

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى