فعاليات و مبادرات

حكاية عودة أنطاكية للمسلمين بقيادة الظاهر بيبرس

إنه الملك “الظاهر بيبرس” الذي أبدع في السلم إبداعه في الحرب، أنشأ اتحادًا بين إثنين من أعظم أقاليم الإسلام هما “الشام ومصر”، قامة لا نظير لها في الحكم، ولم تأته السلطة على طبق من ذهب، بل تسلم حكم البلاد والمسلمين في حالة ضعف، وتغير أحوال المسلمين بعد توليه للحكم، وأخذ على عاتقه استرجاع البلاد الإسلامية، فقام بطرد التتار من الشام إلى العراق ليتفرغ لقتال الصليبيين، وبدأ يفتح المدن الواحدة تلو الأخرى، بدأ بفتح “قيسارية” و”أرسوف”، ثم أخذ الكرك ويافا، وضرب قلعة عكا، فنزل على حصن الأكراد، فحمل إليه أهله من الفرنج هدايا بسيطة، فأبى أن يقبلها وقال “أنتم قتلتم جنديا من جيشي وأريد ديته 100 ألف دينار”.

التمهيد للسيطرة على أنطاكية:

وبذلك مهّد الطريق لفتح أنطاكية، واستطاع عزلها عن المدن المجاورة، وقَطَع كل الإمدادات عنها، وكانت “أنطاكية” من مدن الشام التي شملها الفتح الإسلامي في عهد الخلافة الراشدة أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد فتحها المسلمون عقب معركة اليرموك بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، وظلت بأيدي المسلمين إلى أن بدأت الحملات الصليبية، وبقيت في ظلال الحكم الإسلامي حتى سقطت سنة 491 للهجرة في أيدي الصليبيين، وكان الصليبيون راغبين في دخولها لبالغ أهميتها، وذلك بحكم موقعها وكونها صلة وصل بين الشام وبلاد الروم، فضلاً عن أهميتها الدينية عندهم.

فتح أنطاكية:

خرج “بيبرس” بجيشه من مصر إلى فلسطين، وكانت المعاهدة مع الحاكم الصليبي في “يافا” قد انتهت ولم تتجدد، وظن الصليبيون أنه أمير كغيره من الأمراء الذين يتنازلون عن كل شيء في سبيل مصالحهم الشخصية، ولم يعلموا أنهم أمام عبقري من عباقرة التاريخ وقامة من القامات العسكرية التي قل لها نظير؛ ففتح يافا وتلتها “طرابلس”، وفي عام 666هـ خرج من طرابلس دون أن يخبر أحدا من قادته عن وجهته، وأوهم أنه يريد بلداً آخر غير “أنطاكية”، فنزل على حمص، ومنها إلى حماة، ثم إلى فامية.

 

وكان يسير بالليل وينزل على البلاد بالنهار، حتى لا يتمكن الصليبيون من معرفة هدفه، وعمل على تقسيم جيشه إلى 3 فرق، اتجهت فرقة منها إلى ميناء السويدية لتقطع الصلة بين أنطاكية والبحر، وفرقة أخرى اتجهت إلى الشمال لسد الممرات بين قلقلية والشام، أما الفرقة الرئيسية التي كانت بقيادته فتوجهت مباشرة إلى “أنطاكية”، وضرب حولها حصارا محكما في 4 رمضان سنة 666هـ.

وبعد أن فرض عليها الحصار طلب أهلُها الأمان، وأرسلوا وفدا للتفاوض معه، ولكنهم اشترطوا شروطا كثيرة رفضها بيبرس، فشدّد في حصارهم حتى فتحها، وأطلق من فيها من أسرى المسلمين، وعادت هذه المدينة إلى المسلمين بعد أن سيطر عليها الصليبيون 170 عاما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى