خروجتنا

حكاية شارع| بيت القاضي وحكاية الأمير “ماماي” مع المحكمة الشرعية

تمتلئ القاهرة بالشوارع الاثرية الجميلة التي تحمل أسماء لا نعرف معناها ولا سبب تسميتها بهذا الاسم، ووراء كل شارع قصة تقدمها لكم منصة “كلمتنا” في سلسلة حكاية شارع، واليوم موعدنا مع حكاية شارع بيت القاضي والذي يقع في منتصف شارع المعز في قلب القاهرة الفاطمية، وهو من أشهر مناطق المعز بل والجمالية كلها، وبيت القاضي هو الرابط بين كلا من الجمالية والحسين وشارع المعز، وهو الشارع المواجه لمجموعة السلطان المنصور قلاوون الشهيرة.

الأصل التاريخي:

وكان شارع بيت القاضي جزءاً من قصر الزمرد الفاطمي، وفي العصر المملوكي آل قصر الزمرة إلى السيدة “تتر الحجازية” ابنة السلطان المملوكي الشهير الناصر محمد بن قلاوون، وقامت ببناء مدرسة وقصر في هذا المكان، ثم جاء جمال الدين يوسف الإستادار في عصر السلطان البرقوقي واستولى عليه وتحول القصر إلى سجن، وجاء الأمير ماماي السيفي وهو أحد أكابر أمراء السلطان المملوكي الأشرف قايتباي وبنى قصره في هذا المكان عام 1496م، واشتهر ماماي بدوره المهم في إتمام الصلح بين الدولة المملوكية والدولة العثمانية في أواخر القرن الخامس عشر.

نهاية ماماي:

وبعد وفاة السلطان قايتباي، كثرت الفتن بين الأمراء المماليك وتدهورت الأحوال السياسية حتى وقعت فتنة عام 1497، وقتل فيها أتباع السلطان وبينهم الأمير ماماي، وتم هدم جزء كبير من القصر ولم يتبقى سوى المقعد الذي كان ملحقًا بالقصر لفخامته وكبر حجمه.

مقر المحكمة:

وفي العصر العثماني أصبح مقعد ماماي مقرًا للمحكمة الشرعية، حيث اتخذ قاضي العسكر منه سكنًا له بالأعلى، ومن المقعد مقرًا لجلساته وحجز المتهمين وتنفيذ الحكم عليهم أيضًا، لذلك أطلق على المقعد اسم بيت القاضي.

المحكمة الشرعية والحياة السياسية:

ولعبت المحكمة الشرعية دورًا كبيرًا في الحياة السياسية المصرية خلال العصر العثماني، وكانت المحكمة هي المكان الذي تتجمع أمامه الانتفاضات والثورات الشعبية ضد الولاة العثمانيين، كما شهدت هذه المحكمة اجتماع ممثلي الشعب المصري من العلماء والأشراف ونقباء الطوائف والحرف في عام 1805م وقاموا بخلع الوالي العثماني ومبايعة محمد علي باشا لتولي حكم مصر بالشروط المتفق عليها، وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ مصر الحديث التي يختار فيها الشعب حاكمه بنفسه بالشروط التي وضعها.

تغيير مقر المحكمة:

واستمرت المحكمة الشرعية في هذا المكان حتى عام 1900م، وبعد ذلك انتقلت إلى منزل محمود محمود سامي البارودي في الحلمية الجديدة، وفي عام 1925م قامت لجنة حفظ الآثار العربية بترميم المقعد وإعادته إلى أصله.

بوابة بيت القاضي:

ويذهب البعض إلى أنه خلال فترة حكم محمد علي باشا (1805م_1848م) أقيمت بوابة بيت القاضي على بداية الشارع، وشيدت هذه البوابة لغرض أمني، وفي عهد الخديو إسماعيل تم إستغلال فناء قصر ماماي وحوله إلى ميدان، وقام بفتح شارع بيت القاضي في عام 1873م ليصل شارع المعز بشارع الجمالية نظرًا لافتتاحه مجلس الأحكام أي محكمة الاستئناف في الميدان.

مركز بيع الموازين:

وبعد ذلك تم تشغيل خطوط أتوبيس هيئة النقل العام وصار ميدان بيت القاضي موقفاً لها، وفي أحد الأفلام القديمة ظهر أتوبيس نقل عام يحمل لوحة “بيت القاضي”، وألغيت هذه الخطوط عام 1956م، وكان يوجد كذلك حوضًا للدواب وسط الميدان ولكن عام 1950م ألغيت أحواض الدواب بالقاهرة، وحالياً يعد بيت القاضي مركزًا لبيع الموازين في الجمهورية كلها.

اقرأ ايضاً: حكاية شارع| حارة «الدرب الأصفر» مذبح أضاحي الفاطميين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى