كاتب ومقال

دار في خاطري| أطفالكم بشر وليسوا ماريونيت

بقلم: ريم السباعي

هل راقبت يوما أفعال طفلك؟! كيف يلعب؟! كيف يتصرف؟! وماذا يقول؟! هل فكرت كيف يفكر؟! هل تخيلت يوما ما يدور بعقله؟! هل تدرك إلى أين يصل خياله؟! وعندما يخطئ كيف تعاقبه؟! وحين يحسن الصنع كيف تكافئه؟! كيف تعاملون أطفالكم؟!

كثيرا ما يعتقد الناس بأن الطفل لا يجيد فهم الأشياء أو إدراكها، ولكن الحقيقة أنه يدرك ويعي كل ما يحدث من حوله، فتراه يقلد الأفعال، ويردد الكلام، ويظهر ذلك جليا في لعبهم وحركاتهم اليومية، فمثلا عندما تقف الام للصلاة تجد طفلتها تسرع وتقف بجانبها مرتدية حجابا وتقوم بتقليدها فتجدها تركع وتسجد، أو تقوم الطفلة باللعب فتأخذ هي دور الأم ودميتها دور الابنة وتقوم بتقليد أمها فيما تفعله معها وهكذا.

إذن فكل ما تفعله تجاه أطفالك أو في حياتك اليومية أو معاملتك لأهلك، أصدقائك، وجيرانك ينتقل بشكل غير مباشر إلى طفلك ويؤثر في تكوين شخصيته.

وعلى الرغم من ذلك فلا أحد باستطاعته تكوين شخصية طفله تكوينا كاملا، فلكل طفل شخصيته المستقلة فأنت بجانب التأثير في شخصيته تقوم بتوجيهه، وتقويم سلوكه، وزرع المبادئ والقيم بداخله.

وعليك أن تضع بعين الاعتبار أن طفلك إنسان مثلك يشعر ويتأثر، يفرح ويحزن، الكلمات القاسية تجرحه، العقاب المؤذي يحطمه، وإن ثقتك به تجعله مسئولا ويخشى فقدان هذه الثقة، اكتشافك لمواهبه ومهاراته تجعله يستطيع الوقوف على أول الطريق الصحيح في مستقبله.

نعم! فالطفل بشر من حقه أن يحلم فلا تحلم له، ومن حقه أن يسعي في تحقيق أحلامه لا أحلامك، دعه يخطط لحياته ومستقبله فلا تخطط له، علمه اتخاذ القرارات، فلا تملي عليه قراراتك التي تتعارض مع أحلامه وطموحاته مادامت لا تنافي الدين والأخلاق ، لا ترسم مساره ولكن صححه إذا حاد عنه، اتركه يتصرف بمفرده ولكن كن دائما على مقربة منه، فدعه لا يراك ولكن حين يحتاج إليك يجدك على الفور أمامه.

هكذا ينشأ الطفل معتمدا على ذاته وفي الوقت نفسه في ظل والديه، فهناك من يظنون بأن أطفالهم ملكا خاصا لهم كالبيت والسيارة والهاتف، ويحركونهم كما يروق لهم وكأنهم ماريونيت خيوطهم بين أيديهم يحركونها كيفما يحلو لهم فيشب الطفل إما خاضع خانع لا يعلم أين الخطأ وأين الصواب، يريد دائما الإرشاد والتوجيه نحو الأشياء، وإما أن يصير متمردا كارها لما نشأ عليه دائم المعارضة والمخالفة حتى وإن كان فيما هو صواب، فكل ما يهمه هو التحرر من تلك الخيوط التي كبلته لينطلق كالأهوج نحو المصير المجهول الذي غالبا ما يكون فيه هلاكه، فاحذروا إن أطفالكم بشر وليسوا ماريونيت.

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| عذراً لغتنا العربية

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى