الأرشيف والمكتبة الوطنية يفتح صفحة في تاريخ العملات بمنطقة الإمارات
أكد الأرشيف والمكتبة الوطنية أهمية العملات التاريخية، والتي توثق تطور النشاط التجاري في دولة الإمارات، وتكشف تفاصيل تاريخية عن زمن سكها، وأسرار تزايد قيمتها، وأشار إلى أن العملات التاريخية غدت بحد ذاتها سلعة، وأنها كانت أحد محاور النشاط التجاري في منطقة الإمارات، وأن العملات النقدية المعدنية كانت تحمل قيمتها بذاتها، أي بقيمة المعدن الذي سُكت منه، ولذلك كان التجار يمعنون في فحص معدنها حين يشترونها.
وردتْ هذه المعلومات في محاضرة بعنوان: “تحول العملة المعدنية إلى سلعة تجارية في إمارات الساحل الغربي للخليج العربي قبل سك العملة الوطنية” التي قدمتها الدكتورة خولة العليلي الباحثة في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر، وتابعها عدد كبير من داخل الأرشيف والمكتبة الوطنية وخارجه.
وقد جاءت هذه المحاضرة ضمن البرنامج الثقافي للأرشيف والمكتبة الوطنية الحافل بالمحاضرات والنشاطات الثقافية التي يشارك بها كبار الكتّاب والمثقفين، ويفتح فيها صفحات مهمة في تاريخ الإمارات المجيد وتراثها العريق، ويقدم معلومات موثقة تثري المعارف، وتعزز الانتماء للوطن والولاء لقيادته الرشيدة، وترسخ الهوية الوطنية في نفوس أبنائه.
وكشفت المحاضرة التاريخية عن الطلب المحلي المتزايد على العملات من أجل تمويل موسم الغوص، وتمويل تجارة التصدير، وصناعة السفن وتمويلها، وتمويل تجارة الاستيراد والتصدير والاستثمارات الخارجية، وتغطية المصاريف ونفقات معيشة السكان، وتمويل الاستثمارات الخارجية كشراء البساتين وغيرها. وقارنت بين العملة المعدنية المتطورة والمتخلفة من حيث سكها، وربطت ذلك بالقوة السياسية والاقتصادية وبضعفها، مشيرة إلى أن العملات قد كانت وسيلة للتجارة التي امتهنها أبناء الإمارات الذين كانوا تجاراً مهرة عبر التاريخ.
واستعرضت المحاضرة مراحل سك العملة المعدنية ومتطلباتها؛ مشيرة إلى أنها لم تكن متوفرة في إمارات الساحل، وهذا ما جعل “مرضوف القواسم” لم يصمد أمام العملات الأخرى الأكثر تطوراً وأكبر قيمة، ويعود ذلك بمجمله إلى أن إمارات الساحل كانت تتسم ببساطتها، وذلك جعل تجار الخليج يحتاجون إلى العملات المعتمدة في البلدان المجاورة أثناء تنقلهم طلباً للرزق، ما جعلهم يشترون العملات مثلما يشترون أي سلعة أخرى، كما أنهم كانوا يحتاجون العملات من أجل صناعة السفن، وتمويل رحلات الغوص، ولا سيما أن كل سفينة غوص كانت تكلف 85 ألف ربية هندية، ومن إمارة أبوظبي لوحدها كانت تخرج أكثر من 400 سفينة في موسم الغوص.
وفي الوقت الذي كانوا يحصلون فيه على العملة كقيمة لصادراتهم من اللؤلؤ والتمور وغيرها، كانوا يشترون ما يحتاجونه من العملات الأخرى المتداولة من موانئ الدول الأخرى، لا سيما وأن مواسم الغوص كانت ستفشل ما لم يتم تمويل صناعة السفن ورحلات الغوص.
وأما المصاريف المعيشية للسكان فإنها كانت تستدعي أن يمتلك الأفراد العملة لشراء الأقمشة والأدوات اللازمة للمعيشة وغيرها، وكان لكل شي ثمنه.
وتجدر الإشارة إلى أن المحاضرة قد حددت العوامل المختلفة التي أدت إلى تحول العملات المعدنية في منطقة الخليج من مجرد أداة لتحديد قيمة السلع إلى سلعة يُقبل المهتمون على شرائها بما لديهم من سلع أو خدمات أو عملات من صنف مختلف.