كلمتها

رائدات غيرن التاريخ: «إليزابيث بلاكويل».. صاحبة أول كلية طب للسيدات

أميرة أحمد 

ف عصر سادت فيه الذكورية، واعتبر عمل المرأة في الوظائف الهامة أمرا غير مقبول به، ظهرت «إليزابيث بلاكويل» لتضرب بكل تلك القواعد عرض الحائط، وتحارب لدراسة الطب، بل افتتحت أول كلية لتدريس الطب في العالم للسيدات.

وفي السطور القادمة نلقي الضوء على بعض من نقاط مسيرتها المضيئة:

ولدت «إليزابيث» في فبراير عام 1821 ، وتربت في عائلة هادئة ومتفهمة، واتخذ والدها دربًا إيجابيًا في تربية أبنائه، حيث آمن بتطوير إمكانياتهم وحثهم على الخير، وتعريفهم الصواب من الخطأ، ومنذ صغرها أحبت القراءة، ولم تنفق أي مال إلا مقابل الحصول على الكتب المختلفة.

كانت طفولتها هادئة، وسعيدة للغاية حتى عام 1831، فقد خسر والدها مصنع السكر الخاص به في أعمال الشغب حدثت في تلك الفترة؛ فقرر أن ينأى بأسرته عن هذه الأحداث، ورحلوا جميعًا إلى مدينة نيويورك.

 

مسار جديد

كانت بداية حب اليزابيث للطب غريبة، فكانت لها صديقة مريضة، كانت سببا في تغيير مسار حياتها فقالت لها: إن مرضها كان يمكن أن يكون أكثر قابلية للتحمل أو العلاج، إذا كانت قد عولجت من قِبل امرأة، حيث لا حرج في الحديث، وأن المرأة لها طبيعة عاطفية أكثر.

وهنا رأت اليزابيث أن وجود ممرضات وطبيبات نساء أمر غاية في الأهمية وقد ينقذ حياة الآلاف من النساء لذا قررت أن تبدأ في دربٍ جديد لدراسة الطب، وكانت نفقات الدراسة آنذاك تبلغ 3000 دولار، ومن أجل جمع المال للدراسة، عملت معلمة في شمال وجنوب كارولينا.

 

مزحة غيرت التاريخ

بعد أن تعلمت ايزابيث الطب في دروس مستقله، بدأت في ارسال العشرات من طلبات الالتحاق للعديد من الكليات والجامعات دون أن تنجح في أيّ منها، حتى جاءت مزحة غيرت المسار.

ففي أكتوبر من عام 1847 قبلتها إحدى الكليات الكلية، لكن جاء ذلك على سبيل المزاح، وما حدث هو أن الجامعة عندما علمت بقدوم طلب التحاق من سيدة إليها، أخبروا طلابهم بأن هناك فتاة تود الانضمام إلى الجامعة (إذا لم يمانعوا)، فوافق الطلاب – دون أن يدركوا أنهم سبب في خدمة البشرية اليوم – اعتقادًا منهم أن الطلب مزوّر، أو مجرد مزحة قام بها أحد الطلاب من جامعة أخرى، ففوجئوا بانضمام «إليزابيث» إليهم رسميًا، وكان طلب الالتحاق هذا؛ هو الطلب رقم 30 الذي تقدمت به «إليزابيث» للجامعات المختلفة.

وفي عام 1849، تخرجت «إليزابيث بلاكويل» البالغة من العمر 28 عامًا حاصلة على المركز الأول؛ لتصبح أول امرأة في أمريكا تحصل على شهادة طبية.

و لم تتوقف عن ذلك، بل امتد طموحها لأن تصبح جراحة، لكن الحظ لم يحالفها؛ حيث أصيبت بعدوى في إحدى عينيها أفقدتها بصرها.

 

أول كلية

 

لم تيأس اليزابيث بل أكملت رحلتها وفي عام 1853، أنشأت مستوصف نيويورك، خاص بالنساء الفقيرات والأطفال.

ثم تنقلت في جولات تعطي المحاضرات لمدة عام كامل في المملكة المتحدة، حيث ألهمت العديد من النساء للعمل في مجال الطب، وأصبحت أول امرأة في السجل الطبي البريطاني، وسمح لها بممارسته هناك.

وبحلول عام 1868 أسست أول كلية لتدريس الطب للسيدات على الإطلاق وافتتحت الكلية بـ15 طالبة، و9 من أعضاء هيئة التدريس.

أما في عام 1874 أسست في لندن أول كلية طب للسيدات في بريطانيا كلها، وكان هدفها من كل هذا، هو توفير تعليم مثالي للسيدات، وتدريبهن على ممارسة مهنة الطب، وظلت الكلية مفتوحة حتى عام 1899، حتى بعد أن بدأت كلية الطب بجامعة كورنيل بقبول الطالبات.

بجانب الطب، كانت «إليزابيث» كاتبة متميزة كتبت عن الموضوعات الصحية والاجتماعية، واستمرت في الكتابة حتى بعد تقاعدها.

توفيت عام 1910 في منزلها في هاستينغز، عن عمرٍ يناهز الـ89 عامًا، إثر سكتة دماغية، مخلفة وراءها أعظم ما قدمته لسيدات العالم حتى اليوم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى