كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| لا تذم ولا تشكر إلا بعد سنة و6 أشهر

المثل بيقول “لا تذم ولا تشكر إلا بعد سنة و6 أشهر” يعني بعد تجربة.. دا مثل من أمثال كثيرة اتكلمت عن معرفتنا بالأشخاص، لأن للأسف الشديد بيحصل أننا نطلق أحكام جزافية على ناس وبعد فترة نندم.

بذمتكم كام مرة وقعتم في المحظور دا، كام مرة انخدعتم في ناس كنت شايفهم ملائكة وبعدين طلعوا زي ما المثل قال اللي تحسبه موسي يطلع فرعون.. وياريته فرعون وبس دا فرعون بالنسبة له غلبان.

طيب بالأمانة كدا محصلش معاكم العكس، يعني ما عداش عليك حد كنت بتستتقل دمه وماكنش بينك وبينه تعامل مباشر لكن كلام الناس الوحش عليه خلاك تشوفه بالصورة اللي رسموها له وبقيت نفسك شايف اللي شيفاه الناس وحاكمته على أفعاله اللي ماشفتهاش واللي هو ما عملهاش وبعد كدا ويمكن بعد فوات الأوان تكتشف أنك كنت للأسف ظالمه وأنه عكس ما الصورة كانت وصلالك، وبعد أحكام حكمتها أنت عليه من غير ماتعرفه؟..

لازم نعرف أن العشرة والتعايش في جميع المواقف هما اللي بيوضحوا شخصية الإنسان الحقيقية..

تعالوا احكي لكم قصة حقيقية عجبتني وبتوضح كلامي دا، القصة دي من مذكرات السلطان مراد الرابع وهو واحد من الخلفاء العثمانيين.. السلطان بيحكي وبيقول إنه حصل له في ليلة ضيق شديد مكنش عارف سببه فقام نادى لرئيس حرسه وقال له إنه عايز يخرج ولما كان من عادته أنه بيتفقد الرعية وهو متخفي..

الحارس فهم السلطان عايز ايه وفعلا خرجوا ومشيوا لحد ما وصلوا لحارة متطرفة والغريب أن كان فيها راجل مرمي على اﻷرض فحركه السلطان فإذا به ميت والناس بيمروا ويعدوا من جنبه ومن حوله وماحدش بيهتم فقام ونادى عليهم تعالوا..

طبعا مافيش حد عارفه بتنكره دا فسألوه عن اللي عايزه فاستغرب لأنهم مفروض أنهم شايفين الراجل الميت ومع ذلك ماهتموش، فقعد يسألهم عن سبب موت الراجل وهو مين؟ وليه محدش وصله لبيته؟ وفين أهله؟، فردوا عليه أنه فلان الفلاني الزنديق شارب الخمر والزاني، طبعا السلطان صدقهم لكنه طلب منهم أنهم يشيلوه معاه ويوصلوه إلى بيته..

وحصل دا لكن اللي حصل بعد كدا كان أغرب لأن أول ما شافته مراته فضلت تبكي ومشي الناس وفضل السلطان ورئيس الحرس وكانت مراته في بكاها بتقول (رحمك الله يا ولي الله.. أشهد أنك من الصالحين)..

طبعا اتعجب السلطان مراد اللي كان مصدق كلام الناس عنه وسألها ازاي يكون من اﻷولياء والناس بتقول عنه كذا وكذا حتى إنهم ماهتموش لموته؟!، فكان ردها إنها كانت متوقعة دا يحصل لأن جوزها كان كل ليلة بيروح لبائعي الخمرة يشتري اللي يقدر عليه ويجيبها للبيت ويقوم صبه في المرحاض وهو بيقول أخفف عن المسلمين..

وكان كمان بيروح للغواني ويديها المال ويقول الليلة دي على حسابي ويطلب منها ماتستقبلش حد لحد الصبح ويرجع ويقول الحمد لله خففت عنها وعن شباب المسلمين الليلة..

صحيح كان الناس بيشوفوه بيشتري الخمر ويدخل على الغانية فيتكلموا عليه.. وقالت إنها قالت له مرة إنه لو مات مش هيلاقي اللي يغسله ويصلي عليه ويدفنه.. فكان بيضحك و يقول مين عارف مش ممكن يصلي عليا سلطان المسلمين والعلماء..

فبكى السلطان وقال صدق والله أنا السلطان مراد
وبكرة هنغسله ونصلي عليه وندفنه ودا اللي حصل فشهد جنازته مع السلطان العلماء والناس!

المغزى بقى أن اللي بين ربنا وبين خلقه كبير وكتير ومحدش يعرفه، وعشان تقدر تحكم على حد لازم تكون عارفه وتكون عاشرته، يعني ماحدش يفتكر أنه أحسن من التاني لأن ممكن يطلع أوحش بكتير وربنا الوحيد العالم بالقلوب.

ياريت نسيب التصنيف ده حلو وده وحش ده هيدخل الجنة وده النار، وياريت نعرف أننا بشر وأن البشر ما يعرفوش غير الظاهر، وربنا بس العالم ببواطن الأمور.
مش كدا ولا اييييييييييييه؟

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى