عشق فتاة إسرائيلية ولقب بشاعر المقاومة.. ما لاتعرفه عن الفلسطيني محمود درويش
ارتبط اسمه بشعر الثورة، كما أنه اشتهر بكونه أحد أدباء المقاومة، فقد لقب بشاعر الجرح الفلسطيني، نظرًا لأن العديد من قصائده تحدثت عن القضية الفلسطينية، إنه الشاعر محمود درويش، الذي يعد أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب، وأبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه.
كما طالب باعتماد الهوية العربية وتمسك بها، ولم يخف من العدو بل كان يناشد ذلك في أشعاره المبدعة وكلماته، فقد أثرت أحداث حياته في تكوين شخصيته، وكانت لها علاقة وثيقة في جعله شاعر القضية الفلسطينية.
دمار ولجوء
كان محمود درويش في السادسة من عمره عندما أيقظته عائلته ليلًا ليفروا من فلسطين عام 1974 بسبب القذف بالقنابل، ولكن بعد عامين عاد متسللًا إلى قريته “البروة” ليجدها قد دُمرت كليًا، وحلت محلها مستوطنتان يهوديتان، ليحفظ في ذاكرته صورة الدمار التي طاردته طيلة حياته.
لينتقل إلى قرية أخرى “دير الأسد” مع أسرته كلاجئين، فهم بالنسبة للقانون الإسرائيلي ليس لهم أي هوية، ثم انتقل إلى قرية “الجديدة” وامتلك بها بيتًا، بالإضافة إلى أنه عاش في حيفا لمدة 10 سنوات وأنهى فيها دراسته الثانوية.
وكان درويش بدأ شعره وهو في سن السابعة واتسم بالتكون ووعيه بقضية وطنه وانتمائه له، وانضم بعد ذلك إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وعمل محررًا ومترجمًا في مجلة الجديد وصحيفة الاتحاد التابعتين للحزب، وترقى ليصبح رئيس تحرير المجلة، كما كان عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ولكن اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلية عدة مرات، بتهمة القيام بنشاط معادِ لدولة إسرائيل، نظرًا لنشاطه السياسي وتصريحاته المعادية، وفي أحد تلك المرات تم فرض الإقامة الجبرية عليه حتى عام 1970.
وبعد ذلك حاول درويش السفر إلى باريس ولكن رفضت السلطات الفرنسية دخوله، لأن جنسيته غير محددة بالهوية، ليتوجه بعدها إلى موسكو وكانت تلك أول غربة له بعيدًا عن وطنه، ولكنه لم يحتمل الحياة فيها، وقرر الذهاب للقاهرة.
تجربة مثمرة
أصبحت القاهرة أهم محطة له في تجربته الشعرية، فلقد تم تعيينه في نادي كتاب الأهرام من قبل محمد حسنين هيكل، كما أنه قابل العديد من الأدباء والكتاب النابغين مثل نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وتوفيق الحكيم، والأبنودي، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وغيرهم.
وأحب درويش القاهرة لأنه وجدها تمثل جزءًا من وطنه العربي، حيث أسماء الشوارع العربية، والجميع يتحدث العربية، ثم سافر بعدها إلى العديد من الدول مثل لبنان وسوريا وتونس وفرنسا وقبرص.
وكان درويش يحب العزلة، ويكرس وقته للقراءة والكتابة، وإنتاج العديد من الأعمال المبدعة، كما كان شاعرًا مرهف الحس، وتأثر برومانسية الشاعر نزار قباني، ذلك الأمر الذي أعجب قباني به ومدحه قائًلا: “أفتش عن وجوه الحداثة الشعرية العربية، فلا أجد سوى وجه محمود درويش”.
فتاة إسرائيلية
في بداية عمره أحب درويش فتاة يهودية وتكلم عنها في قصائده وأشعاره، وعندما كان يسأله أحد عنها أنكر وأدعى أن شخصية ريتا ليست حقيقية، وبعد ذلك أعلن عن وجودها في الحقيقة، وأنها كانت فتاة إسرائيلية أحبها، ولكن فرقتهما الحرب عندما انضمت لسلاح البحرية الإسرائيلي.
ولأن درويش كان يحب وطنه أكثر من أي شخص، فقد تخلى في سبيله عن حبيبته، وعُرف فيما بعد أن اسمها الحقيقي تمارا في فيلم وثائقي تحدث عن حياة محمود درويش.
رحلة أشعاره
صدر الديوان الأول لمحمود درويش عام 1960 ويحمل اسم عصافير بلا أجنحة، وظهر فيه شخصيته الثائرة، بالإضافة إلى دعوته للمقاومة والثورة ضد الاحتلال، ليس في فلسطين فقط بل في العالم كله، فقد كان في تلك الفترة من حياته حزينًا بسبب الاضطهاد الذي يواجهه ممن لا يروق لهم ما يكتبه.
وبعد 4 سنوات أطلق درويش ديوان أوراق الزيتون، ثم ديوان عاشق من فلسطين، ليكونا سببًا في حصوله على لقب شاعر مقاومة فلسطيني، وفي أحد المواقف التي تعرض لها درويش كتب قصيدته بطاقة هوية، بعد أن كان يملأ استمارة وسأله جندي إسرائيلي عن هويته، ليجيب محمود مفتخرًا بهويته: أنا عربي، ليعيد الإسرائيلي السؤال مجددًا، ليرد درويش نفس الرد سجل أنا عربي ولم يتراجع عن إجابته.
وبعد رحيله بدأ في كتابة القصيدة بمشاعر غاضبة وثائرة، جعلتها تصل إلى القلب مباشرة، وتلاقي قبولًا كبيرًا في المجتمع العربي، تلك القصيدة التي كانت صرخته للتعبير عن الهوية الفلسطينية والعربية التي سعت الحركة الصهيونية إلى محوها.
واختتم القصيدة قائلًا: “أنا لا أكره الناس، ولا أسطو على أحد، ولكني إذا ما جعت، آكل لحم مغتصبي، حذار حذار من جوعي، ومن غضبي، أنا عربي”، مؤكدًا بتلك الكلمات أنه لايكره الإنسان، ولكنه يكره الاستبداد والظلم، محذرًا العدو من غضب العربي عند انتهاك حقوقه.
غضب وتمرد
لم تكن تلك القصيدة الوحيدة التي أيقظت حب الوطن لدى العديد من أبناء بلده، فلقد كان دائمًا يدعو درويش للمقاومة، من خلال بث الأمل، فلقد انتفض الشعب بسبب أحد جمله الشعرية التي قال فيها: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تسمى فلسطين، صارت تسمى فلسطين، سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة”.
ليستطيع بتلك الكلمات أن يجعل الشعب الفلسطيني يعلن الغضب والتمرد ضد العدو في ديسمبر عام 1987 مرددين إياها، وأصبح محمود درويش شاعر الوطن ورمزًا للمقاومة الفلسطينية ضد العدو الإسرائيلي، ووصفه شعبه بأنه صوت من لا صوت لهم، فقد كان مدرسة أدبية، أيقظت روح الأمل والمقاومة بداخلهم، وظلت كلاماته لها أثر عظيم.
وحصد درويش العديد من الجوائز منها جائزة البحر المتوسط 1980، ودرع الثورة الفلسطينية 1981، جائزة لينين للسلام عام 1982، وجائزة الآداب من وزارة الثقافة الفرنسية 1997، وأيضًا الإكليل الذهبي عام 2007، وغيرها من الجوائز.
وتوفى الشاعر الفلسطيني في الـ 9 من أغسطس عام 2008، بعد دخوله في غيبوبة أثناء عملية قلب مفتوح في أمريكا، وتم دفنه في رام عمان بالأراضي الفلسطينية، وحزنًا على رحيله أعلن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية عن حداد أراضي فلسطين ثلاثة أيام.
أما عن أبرز الدواوين الأدبية لمحمود درويش:
- حبيبتي تنهض من نومها عام 1970.
- محاولة رقم 7 عام 1973.
- مديح الظل العالي عام 1983.
- حصار لمدائح البحر عام 1984.
- هي أغنية .. هي أغنية عام 1986.
- لماذا تركت الحصان وحيدًا عام 1995.
- حالة حصار في عام 2002.
- الجدارية عام 2000.
- لا تعتذر عما فعلت عام 2004.
- لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي، نشر عامَ 2009م، وكان ديوانه الأخير.
ومن أشهر أقوال الشاعر الفلسطيني:
1. في اللامبالاة فلسفة، إنها صفة من صفات الأمل.
2. التاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطاله، يلقي عليهم نظرة ويمر.
3. لو عرفت أشجار الزيتون الأيادي التي زرعتها لأصبح زيتها دمعًا.
4. هناك من يرى الحب حياة وهناك من يراه كذبة، كلاهما صادق: فالأول التقى بروحه، والثاني فقدها.
5. ليس وطني دائمًا على حق ولكني لا أستطيع أن أمارس حقا حقيقيا إلا في وطني.
يمكنك تحميل والإطلاع على دواوين وكتب محمود درويش .. من هنا