كلمتها

هل الأب حب أم كابوس في حياة ابنته؟

إذا سألت أي فتاة يومًا أن رجل أحلامها ستخبرك أنها تريد رجلًا مثل والدها، من حبها لذلك الرجل العظيم تتمنى لو أن هناك من تتزوجه في لين قلبه وحبه غير المشروط لأطفاله ولها، لكن على الرغم من صورة هذا الأب العظيم، إلا أن هناك بعد الفتيات يتمنين اختفاء الوالد من حياتهن للأبد، وللأسف هذا الشعور القاسي تشعر به ملايين الفتيات يوميًا بسبب ما تتعرض له من عنف وقسوة وإهمال وأحيانًا اغتصاب على يد والدها فهل الأب حب أم كابوس في حياة ابنته؟

هل كل الآباء عظماء؟

إذا تحدثنا عن الأمر بالفطرة الطبيعية، فإن الأب هو أعظم من سيكون في حياة ابنته حتى بعد رحيله، فهو الأمان والعطاء والاحتواء وصديق ابنته الأول، لذلك فإن غيابه يكسر ويهدم قلبها يجعلها تعيش حياتها بقلب ناقص رحل نصفه مع رحيل والدها عن دنياها، فإذا تحدثت الفتاة عن والدها فستسرد حكايات تشبه الأفلام لكنها حقيقية نابعة من القلب وبروح متعلقة برجل يمثل كل حياتها.

لكن رُغم ذلك الحب إلا أن هناك جانبًا آخر لرجال لا تستطع إطلاق عليه لقب “أب” أبدًا، ففي السنوات الأخيرة ظهر الأمر على حقيقته بشكل أوضح، فقد خرجت الفتيات عن صمتها وروت حكايات مؤسفة كارثية عما تتعرض له على يد والدها، فهناك من تُعنف يومًا على يده ويتم حبسها في غرفة مظلمة كنوع من التأديب من وجهة نظره المريضة، وأخريات تتعرض للتحرش والاغتصاب من قبل والدها، ذلك الرجل الذي اعتقدت أنه درع الأمان لها، اتضح أنه ينتهك جسدها وروحها.

أما عن التعذيب النفسي الذي تتعرض له الفتيات من والدها فإن “الإهمال” هو الكلمة الأمثل للتعبير عن ذلك الشعور، فهناك فتيات لم يحتضنها والدها يومًا، لم يربت على كتفيها ويطمئنها ويحاول إسعاد قلبها، بل إنه أهملها بأبشع الطرق، انتقدها وقلل من شأنها وأحلامها وحياتها بالكامل، أما الأقسى من ذلك هو التخلص من صغيرته بطريقة ترضي أبوته وهي الزواج، فكم من الفتيات كانت صفقة والدها ورجل قدم أموالًا طائلة من أجل الحصول على شروته، منه زواج القاصرات أو زواج ابنته لرجل في عمره من أجل تأمين مستقبله.

وصولًا إلى حكايات أخرى أكثر ظلمًا وإهانة، فهناك رجال قرروا أن يسمحوا لابنتهم أن تعمل من أجل أن تجلب أموالًا تنفق بها عليه وعلى البيت ويصرفها هو في محرمات أخرى، قصص كثيرة مؤلمة لا يستطع أي عقل استيعابها على الإطلاق، فتيات شوهت نفسيًا وجسديًا وأخريات رحلت عن عالمنا لأنها ببساطة قررت الانتحار للخلاص من ذلك العذاب اللانهائي، ولكن إذا سألنا بعض الفتيات عما تشعر عند لحظة دخول والدها إلى المنزل فبماذا ستجيب؟، دعوني أخبركم.

اقرأ أيضًا: روايات تناقش العنف ضد المرأة.. لماذا يدفعها للانتحار والاكتئاب؟

بماذا تشعرين عند وصول والدك إلى المنزل؟

في إطار تلك الحكايات التي تتأرج بين السعادة والألم، فإن بالتأكيد هناك شعور ما يجتاح قلبكِ يا عزيزتي عند سماع صوت مفتاح والدك الذي يعلن عن وصوله إلى المنزل فبماذا تشعرين؟

قالت ضحى طارق: “عندما كنت أسمع صوت وصول سيارته وقبل طلوعه إلى البيت، كنت أركض لأفتح له الباب بسرعة، فكنت أشعر بفرحة وأمان وراحة واستقرار رحمه الله على عزيزي، الله يأمنه يوم الفزع الأكبر مثلما عشت مطمئنة في وجوده”.

لكن قالت نرمين سامي: “قبل أن يرحل والدي كنت أشعر بخوف كبير مجرد سماع صوته أو صوت مفاتيح البيت، كما أن هناك رعب وقلق دائم كان يجتاح كياني، لكنه رحل في النهاية وكنت أتمنى أن أشعر بحزن ما على رحيله مثلما يحزن أصدقائي على آبائهم لكني لم استطع، رحمة الله عليه”.

أما عن جيهان الطهاوي فروت قائلة: “لحظة وصول والدي إلى البيت لم أجد أجمل منه شعور كما أنني افتقده بشدة، فكان والدي يستخدم جرس الباب بنغمة معينة لا يفعلها غيره، وكنا نتسابق أنا وأشقائي من سيصل ويفتح الباب ويحتضنه أولًا، وأيضًا بعدما تزوجت كنت أفعل نفس الأمر، فأنني لم أر حنان من بعده أبدًا”.

لتجيب مروة طايل قائلة: ” أنا خايفة من أن اكتب لكني سأخبركم، كنت أشعر بقبضة قلبي فور وصوله وانعدام الهواء من المكان، كما كنت أشعر أن معدتي وصلت إلى حلقي من الخوف، فكنت اختبيء في أي غرفة، وأغلق التلفاز حتى ينام أو يغادر من جديد”.

لتنهي أم إبراهيم الحديث قائلة: “مات أبي منذ أكثر من عشر سنوات ولكني ما زلت أذكره في دعائي، كان أبي يحببني في الصلاة، وكان يحدثنا أنا وأشقائي عن الجنة وما فيها من فواكه وخيرات، كما كان يجعلنا نقرأ القرآن بالتبادل في حلقة قرآن، فأبي حين تغضبني أمي يضحك معي، وكنا نذهب سويًا لشراء أغراض البيت ونتحدث كثيرًا طوال الطريق ولم أشعر بالملل من حديثه يومًا حتى ولو تكرر أكثر من مرة، فكنت اضحك وابتسم وأشاركه الأفكار، فكان أبي يستبشر بي خيرًا دائمًا، رحمك الله يا أبي رحمة واسعة ومتعك الله بنعيم الجنة”.

اقرأ أيضًا: ماذا لو كانت المشاعر بين الأم وابنتها تتلخص في “الكره”؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى