لماذا يستقل المراهق عن أسرته؟.. الشباب يجيبون
في مجتمع تفرض عاداته وتقاليده على الفتيات والشباب أن يبقوا في بيوت أسرهم مع اعتراف منقوص بحقهم في الخصوصية، أو اتخاذ قرارات تتعلق بالعمل والدراسة أو حتى اختيار شريك الحياة، يفضل الشباب بطبيعتهم الاستقلال والتحرر من أي قيد أو الوقوع تحت سلطة لا يفهمونها، وفي هذا النطاق تتحدث منصة “كلمتنا” إلى عدد من الشباب الذين قرروا خوض تجربة الاستقلال عن الأهل وأسباب الظاهرة وتوابعها.
أسباب ظاهرة الاستقلال والتحرر من قيد الأسرة:
يبدو المراهق في مراحله الأولى بحالة صعبة الفهم بالنسبة لنفسه ولغيره من المحيطين به من الأسرة والمعارف والجيران، ويكون الأهل خاصة فاقدي القدرة على التعامل مع شخص يعتقدون بأنهم يعرفونه من قبل، لكننا نرى أن غالبية الأسر لا تعلم أن القابلية للتغيير والتناقض هي متلازمة من الصفات المميزة لمرحلة البلوغ والمراهقة.
يرفض اليافع السيطرة عليه في هذه المرحلة، ويطالب بالاستقلال والحرية ورفض السلطة ودائما ما يكون متمرد على الأوضاع، فالمراهق يصر أيضا وبشتى الطرق البقاء خارج المنزل لفترات طويلة، أو يتواجد بأماكن لا يعلم الوالدين عنها شيئا، فالمراهق يريد أن يصل رسالة إلى والديه بأنه غير عادي ومميز ومختلف ولديه القدرة على الاعتماد على ذاته وصنع مستقبله بنفسه وتحقيق حريته الشخصية.
نجد أن الوالدين غالبا ما يعانون من سوء إدارة الموقف وتوجيه الفتى أو الفتاة في سن المراهقة، لأن الوالدين عندما يقومان بإعطاء المراهق فسحة من الحرية والمرونة والتسامح، قد يعتقد البعض من المراهقين بأنه نوع من التخلي العاطفي من قبل الوالدين والاهمال بشكل ما للحياة النفسية للمراهق.
اقرأ أيضًا: 8 أسباب تقتل التواصل الأسري في عصر الإنترنت ونقدم إليكم الحلول
تجارب شخصية:
طرحت منصة “كلمتنا” سؤالا لكل من استقل عن والديه.. ما أسباب الاستقلال عن العائلة؟ وكيف تكون الحياة بعيدا عن الوالدين؟
يحكي “أحمد ماهر” مهندس كهرباء (30 عاما)، أنه اتخذ قرار الاستقلال منذ ٥ سنوات عندما تخرج من كلية الهندسة جامعة المنوفية، فشعور نفسك عائق وعبء على الأهل في مرحلة تكوين مستقبلك ونفسك هو شعور مخز للغاية، فيقول “حسيت بأني حمل على أهلي خاصة بعدما تخرجت من الكلية وبعد صرف الأموال لكي أتعلم واكمل دراستي، فقررت أن أبحث عن عمل، وبالفعل وجدت شركة عملت بها، وأصبح لي دخل شهري أستطيع من خلاله العيش بدون الأهل والضغط النفسي الذي يحاصرني” ويحكي عن نتائج الاستقلال والتحرر من قيود الأسرة “الشعور في بداية الأمر يكون مريح للأعصاب والفرحة بأنك مستقل بشخصك وذاتك، ولكنه شعور مرهق عندما تتذكر العائلة وغيابهم لمدة أيام طويلة، لكن ظروف الحياة والعمل وشريك حياتك يجعلك لا تفكر في شئ سوى مستقبلك ونفسك”.
“محمود عبدالله” قرر ترك بيت عائلته بعد أعوام كثيرة من فرض قيودهم عليه ليستقل في شقة منفصلة بعيدا عن ضغط الأهل والتعب النفسي المستمر والخلافات بينه وبين أسرته، لذلك انتهز أول فرصة للاستقلال وبمجرد حصوله على فرصة عمل تمكنه من الاستقلال المادي ترك بيت أسرته، وكان السبب الذي يجعلهم يتقبلون أمر انفصاله واستقلاله أن الشقة التي انتقل إليها أقرب إلى عمله، فيحكي عن قصة استقلاله “في بداية الأمر لم تكن فكرة الاستقلال بداخلي ولكن بعد خلافات كثيرة بيني وبين اخواتي وبين والدي بدأت قصة الانفصال عنهم تراودني باستمرار لمدة طويلة، حتى سنحت الفرصة فاقتنصتها، فمسكت فيها وقررت الانعزال عنهم، فوافق والدي عن الفكرة ولكن اخواتي اتهموني بالهروب وعدم الرضا عن العيش مع الأسرة، لكني كنت أدرك أن الاستقلال هو خطوتي الأولى في طريق تحقيق الذات، وصعب إننا نغير طباع أهلنا فقررت الاستقلال”.
ويتحدث عن توابع الاستقلال قائلا “انا الأن منفصل عن عائلتي منذ سنتين وفي بداية الأمر كان والدي يتصل بي باستمرار واخواتي أيضا وبعد ذلك بدأ التواصل يقل نسبيا حتى وصل الأمر بأن اخواتي لم يتصلوا بي لفترة طويلة تصل إلى السنة، ولكني مرتاح بعيدا عنهم وعن المشاكل والخلاف الذي كان يحدث يوميا”.
اقرأ أيضًا: هل يفرق الآباء في المعاملة بين الولد والبنت؟ .. إليك الحقيقة
تحكي سيدة تبلغ من العمر 30 عاما عن تجربتها في الاستقلال ” لقد كان الأمر صعبا، لأن الآباء في بلدتنا يعرقلون الخطوة ودائما ما يقولون بأن تنتقل الفتاة من بيت الوالد إلى بيت الزوج، لذلك كان العيش فى شقة بمفردي دون زواج مشكلة كبيرة، لكني تمنكت في النهاية بإقناع والدي بالانتقال بهدف العمل وشرحت لهم أنه سيكون منطقي أن تكون أقرب إلى مكان العمل وعدم الاضطرار إلى القيادة أو تكدس المواصلات باستمرار لأن العمل يتطلب إلى جهد ووقت” وبعد فترة قررت الاستقلال عن الأهل والعيش بشقة في القاهرة قريبة من مكان العمل الخاص بها ولكن الأمر كلفها كثيرا من حياتها فتقول “لقد خسرت حنان الأهل والعيش وسط اللمة والأهل ولكني أحاول الاستمرار حتى لا أعود للعيش وسط منطقة فقيرة في التعليم والتفكير ولا أحد يفهمني، فقررت الاستمرار بعيدا عنهم حتى أتأقلم مع فئات مختلفة ومثقفة”.
وفي نهاية الأمر نوضح لكم كيفية التعامل واستمرار الحياة مع العائلة والعيش في حياة خالية من الأزمات؟
إقامة علاقة بينا وبين الآباء على أساسين مهمين وهما:
أولا: أن نفهم مشاعر وتفكير الوالدين.
ثانيا: أن نفهم مشاعرنا نحن.
فالآباء يريدون المحافظة عليك وعدم التعرض لأي مشكلة أو ضياع مستقبلك، وأنهم يريدون أن تكون وسط الأسرة واقفا بجانبهم وقت الأزمات قبل الفرح، وأن تكون العمود الصلب لهم وقت احتياجهم لك، فإن قررت الاستقلال عنهم لظروف طارئة فلا تقطع معهم صلة الرحم وزيارتهم كل مدة من الوقت حتى لا تنقطع العلاقة بينك وبين عائلتك، وهناك دور الوالدين أيضا في تكامل العلاقة واستمراره بشكل ناجح وهو فهم دوافع وميول أبنائهم ومحاولة توفير لهم جو خال من الضغط وتعب الأعصاب.
اقرأ أيضًا: 7 أخطاء على الآباء تجنبها عند تربية أطفالهم