فعاليات و مبادرات

العلاقات الثقافية المشتركة والترجمة بين مصر واليونان في ندوة بمعرض الكتاب 53

في خامس أيام فعاليات البرنامج الثقافي للدورة 53 من معرض القاهرة الدولي للكتاب عقدت ندوة بقاعة ضيف الشرف تحت عنوان “العلاقات الثقافية المشتركة والترجمة بين مصر واليونان” وشارك بها المترجم الدكتور طارق رضوان، المترجم الدكتور محيي الدين مطاوع، المترجمة يورجيوس كوكوريليس والتي تُعد سفيراً للأدب العربي والترجمة العربية باليونان، والمترجم خالد رؤوف.

في إطار ذلك قالت الروائية والمترجمة بيرسا كوموتسي، أن عميد الأدب العربي طه حسين كان سببا لتعلم اللغة اليونانية في مصر، ولذلك نقدره بشكل كبير، وأضافت بيرسا سعدت لوجودي في معرض الكتاب للحديث عن العلاقات الثقافية والترجمة بين اليونان ومصر، فالترجمة فن وصنعة.

ووجهت ببرسا التحية لطلبة المدرسة اليونانية الذين حرصوا علي الحضور كان المفروض أن تسمي ماضي وحاضر ومستقبل الترجمة لوجود مجموعة رائعة من طلبة المدرسة اليونانية.

فيما قال دكتور طارق رضوان أستاذ الترجمة بجامعة الأزهر، أن عملية الجمع بين مصر واليونان الماضي والحاضر والمستقبل، عبر الحديث عن الترجمة هو انعكاس بكل المقاييس لقضية العلاقات اليونانية المصرية منذ وقت بعيد، يمكن نرجعها إلى الألفية الأولى أو الثانية أو ما قبل الميلاد.

وأضاف رضوان خلال كلمته بندوة العلاقات الشئ المهم عندما نتحدث عن هذه العلاقات هي مسألة الاستشراق والاستغراب بين الدولتين، فتواجد اليوناني بمصر استشراق وتواجد المصري باليونان استغراب.

واكد رضوان أن التواجد اليوناني بمصر أكثر من تواجد المصريين باليونان واقدم فبدأ من الاسرة الخامسة ووجود اليونانيين في أيام الأسرة السادسة والعشرين، وبعد ذلك شكل لنا الفترة الرومانية، وأريد أن أبرز هذا يعني أن تصبح اليونان دولة تنقل ثقافة أوروبا والغرب إلى مصر، كما أنها استطاعت أن تنقل ما تأثر به اليونانيين بمصر إلى اليونان حتى أصبحت تمثل لأوروبا بواية الشرق، مؤكدًا أن الإبداعات اليونانية غنية يشكل كبير وتحتاج إلى مجموعة عمل كبيرة لكي تعيد الترجمة عن اليونان بالقدر الذي يليق.

واستكمل استاذ الترجمة اليونانية إن بيرسا كوموتسي وخالد رؤوف سيظلا رمزا ونموذج للترجمة لأنهما استطاعا أن ينقلا جزءًا كبيرًا من المخزون الثقافي للبلدين بلغتهم الرشيقة، ونجل أعمالهم ونقف احترامًا أمام دورهما في تاريخ الترجمة، مؤكدًا أن الترجمة تدعم السلام العالمي، وتدفع لقبول الآخر والتسامح الوجداني والنفسي بين الشعوب، وقبول الآخر فلن تبقى كل ضفة في مكانها صامته وغير متواصلة ولكن من خلال الترجمة سيتم التلاقي.

فيما قال دكتور محي مطاوع عميد كلية الألسن الأسبق والمترجم عن اليونانية، إن أوروبا لا تستحق أن تنتمي إلى اليونان، وما أساء لليونان أنها انضمت إلى أوروبا، وما أساء للترجمة عن اليونانية هو ترجمتها من لغة وسيطة وهي الإنجليزية ثم العربية، لما يحدثه ذلك من خلل في الترجمة فيفقدها توازنها ويشوهها.

وأشار دكتور محي مطاوع إلى أن هناك الكثير من المعوقات التي تحدث نتيجة حقوق الملكية الفكرية، فهذه الأمور تعوق فكرة الترجمة لذلك أتمنى أن تساعدنا اليونان في هذا اﻷمر، لأني أرى أن الثقافة اليونانية هي قريبة من الثقافة المصرية، فكلاهما يكملان بعضهما الآخر، لذلك هناك ضرورة ملحة للترجمة عن اليونانية.

واستطرد مطاوع أتذكر أن أول عمل ترجمته كان على يد الدكتور أحمد عتمان، فأنا أدرك أن الماضي هو التراث والحاضر هو نحن، والمستقبل هو ملك للأجيال القادمة، فالترجمة عبارة عن ثلاثة عناصر “النص المترجم عنه” والنص المترجم إليه، وبالتالي هناك عناصر ثابتة وعناصر متغيرة، ولكل مترجم أساليبه الخاصة به، فمشكلة الترجمة من اللغتين هو أننا نكتفي بالترجمة الواحدة للنص الأدبي، فتعدد الترجمات يثقل الترجمة نفسها، لأن الإبداع يأتي بعد مرحلة كبيرة من العمل.

كما تحدث مطاوع عن المسافة الثقافية بين مصر واليونان، وهي أقرب من أي دولة أخرى حتى من أوروبا نفسها، وذلك بسبب العوامل الثقافية المشتركة التي تكونت بين الدولتين طوال فترات التاريخ فيجب أن ننحي أيضا للأساتذة المترجمين الكبار مثل الأستاذ الدكتور أحمد عتمان الذي لولاه لما ظهرت الكثير من الترجمات.

وطالب محي مطاوع بأن تكون هناك رقابة على الترجمات اليونانية لأنه أحيانا يحدث تضليل من جانب المترجمين عندما يترجمون من لغات وسيطة، لأنه يجب النقل عن اللغة الأصلية، فكفانا الإساءة إلى اللغة اليونانية من خلال الترجمة الوسيطة التي يصر البعض أن يقدمونها.

فيما قال المترجم دكتور خالد رؤوف إن الترجمة هي إعادة إنتاج للتجربة الإبداعية للكاتب في لغة جديدة، فالمترجم لا ينقل كلمات من لغة للغة فقط ولكنه ينقل ثقافة كاملة، وهذا يدفعنا لفكرة تكوين المترجم فهو لا يكف عن البحث والقراءة فكل تجربة يقوم بها هي إعادة اكتشاف جديد له.

وأضاف رؤوف إن العالم كله مدين للعرب بحركة الترجمة الأولى، ولكن في ذلك الوقت لم يترجم المسرح اليوناني القديم واعتقد انه لو كان حدث لكانت الثقافة العربية في مكان افضل بكثير.

واستكمل رؤوف : “اعتقد أن أي مترجم يتجه للترجمة يجب أن يكون لديه استراتيجية، لأنها الغاية والشغف وبدونهم تضيع الحضارة، فلكي تصبح مترجما يجب أن تعمل على نفسك كثيرا، مضيفا: “اللغة تتطور ومن الطبيعي أن كل ما يأتي أفضل مما سبق لذلك لابد أن يكون تعدد الترجمات أمر طبيعي، فوسائل البحث أوسع بكثير يمكن أن تساعدنا في تطوير الترجمة باستمرار”.

وفي نهاية كلمته أشار دكتور خالد رؤوف إلى الترجمة عن لغات وسيطة وهذا ما أطلق عليه خيانة للنص، حتى ولو كانت الترجمة باللغة الوسيطة قوية ومحترمة، ولكن لكي يتم ترجمة نص بشكل احترافي يحافظ على توازنه يجب أن يترجم من لغته الأصلية، لذلك أريد أن اشكر جيل جديد من المترجمين الشباب ننتظرهم قريبا وهم طلبة المدرسة اليونانية بالقاهرة الذين حضروا الندوة، وفي نهايتها ألقى عدد من الطلاب بعض النصوص العربية التي ترجموها إلى اليونانية، وذلك ما أثار إعجاب الحضور من الوفد اليوناني بالندوة.

اقرأ أيضًا: معرض الكتاب| ما سر اختيار اليونان كضيف شرف هذا العام؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى