خروجتنا

تعرف على مسجد سليمان أغا السلحدار.. درة المساجد الإسلامية

ظهر نوع من عمارة المساجد في الفترة التي واكبت سطوع نجم العثمانيين، وامتلاكهم زمام أمور الخلافة الإسلامية، وتميز هذا النوع من العمار بأنه يحتضن في جنباته الجامع والكتّاب وسبيل المياه في مبنى متصل ببعضه، وإن توزعت هذه المكونات بشكل معماري فريد حسب تصميم كل منها.

وامتاز هذا النوع من العمارة بنقوش وحُلي أضفت عليه جمالاً خاصاً، وغلفته مشغولات الخط العربي، منها الأرابيسك، لتضفي على جماله بعداً آخر، رفعها إلى مكانة التحف المعمارية الفريدة.

وإحدى أهم هذه المجموعات المعمارية هو مسجد وكتاب وسبيل الأمير سليمان أغا السلحدار في القاهرة، وهو أحد أروع وأندر المساجد الأثرية التي تتميز بطرازها المعماري الفريد الذي جعل منه لؤلؤة تُزين تلك المنطقة الزاخرة بالآثار الإسلامية.

متى أنشئ الجامع؟

أنشئ هذا الجامع في عهد محمد علي باشا، وأمر ببنائه الأمير سليمان أغا السلحدار، وهو أحد الأمراء المقربين من الباشا، ونشأ في بيت محمد علي بقوله، وتحديداً في قرية تسمى جار.

وجاء إلى مصر برفقة محمد علي، كجندي ضمن الجند الألبان، الذين جاؤوا مع الباشا، ضمن الحملة العثمانية، لطرد الفرنسيين من مصر في الفترة من‏ 1798-1801 م، وإجلائهم عنها.

سليمان أغا..كيف دبر مذبحة القلعة وبنى مسجدًا؟

ولعب سليمان أغا دوراً مهماً في الحياة السياسية المصرية، في عهد محمد علي باشا، حيث ترقى في الوظائف العامة، حتى وصل إلى وظيفة «سلحدار»، أي أمير لواء السلاح، واشتهر سليمان أغا في زمنه بالقسوة والشدة، وكان واحداً من أربعة أشخاص دبروا لمذبحة القلعة مع محمد علي، وتوفي في 1845.

كما عُرف عنه أنه كان جائراً متعسفا في نزع الملكيات، التي بنى عليها منشآته، كما استولى على كثير من عناصر المساجد الخربة بالصحراء، والمنهوبات من المباني المتهدمة التي كانت مملوكة للماليك، وأعاد تشييدها مرةً أخرى واستخدامها حسب احتياجه، وله من الوكالات والمساجد العديد.

ويقع الجامع عند بداية حارة برجوان في شارع أمير الجيوش، وعلى الرغم من تميز طابع العمارة الفاطمية بزخارفه ونقوشه البديعة، التي يشهد على تفردها ما تبقى من آثارهم بقاهرة المعز، إلا أن جامع وكتاب وسبيل سليمان أغا السلحدار، استطاعت كلها التفرد والتميز عن عديد من المساجد الفاطمية الرابضة على بعد خطوات من موقعه بشارع المعز لدين الله الفاطمي، وبمجرد أن تقترب من حارة الأصفر قادماً من بوابة الفتوح ستخطف أنظارك تلك المئذنة الشامخة، التي تبدو من بعيد كالرمح يعانق السحاب عاليا. ً

ويتألف الجامع من مسجد، وكُتاب لتعليم الأطفال الفقراء حينها، وللجامع ثلاث واجهات رئيسية، أولاها تلك الواقعة بالجهة الجنوبية الشرقية، والتي تُطل على شارع المعز لدين الله، وتضم واجهة المسجد والكتاب والسبيل.

أما الواجهتان الجنوبية والشمالية فتطلان على حارة برجوان، وتقع المئذنة على يسار مدخل السبيل والكتاب بالواجهة الرئيسية، وهي مبنية بالحجر الفص النحيت، ويبلغ ارتفاعها حتى قمتها 22مترا، ًويعد الصهريج الخاص بتخزين المياه عجيبة أخرى من عجائب العمارة العثمانية، فهو يعتمد نظام القباب المرفوعة على الأعمدة الضخمة، وهي تمتاز بقدرتها الفائقة على تحمل الأوزان الهائلة، من خلال توزيع الأحمال على الأعمدة بشكل متوازن.

وأهم ما يميز المبنى واجهته الحجرية ذات الزخارف النباتية التي تعكس التأثر بفنون أوروبا في عصر النهضة، كما نجد الزخارف الرخامية والألوان الزيتية على الأسقف الخشبية ذات الطابع العثماني المتأثرة بالفنون الأوروبية فى تلك الفترة، وللجامع مئذنة تُرى من بداية شارع المعز وهي على الطراز العثماني تشبه القلم الرصاص، ومن مظاهر الإحسان في عمارة السبيل وجود مكان مخصص لشرب الحيوانات الأليفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى