الأرشيف والمكتبة الوطنية يطلق مشروعه الوطني “قياس أثر برامجه التعليمية على الأجيال”
أطلق الأرشيف والمكتبة الوطنية بالتعاون مع مجموعة مدارس الإمارات الوطنية مشروعاً ريادياً لقياس أثر البرامج الوطنية التعليمية التي يقدمها للأجيال، ويمثل هذا المشروع منظومة فريدة يتم تطبيقها لأول مرة بهدف قياس البعد التربوي والسلوكي والمعرفي لدى الطلبة قبل تلقي البرامج التعليمية، وأثناءها وبعد ثلاث سنين من تلقيها.
ويطبق الأرشيف والمكتبة الوطنية هذه المنظومة على شريحة كبيرة من طلبة مدارس الإمارات الوطنية؛ بهدف التأكد من أثرها الكبير في ترسيخ وتعزيز الهوية الوطنية والقيم الوطنية كالمواطنة الصالحة والقيم المجتمعية الأصيلة المستمدة من ماضي الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج.
ويأتي هذا المشروع الوطني انسجاماً مع توجيهات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية التي دعا فيها إلى تعزيز الهوية الوطنية والقيم الثقافية في المؤسسات التعليمية، وأكد فيها أهمية إثراء معارف الطلبة بما يحفل به التاريخ الوطني من إنجازات وتجارب وقصص نجاح يمكن أن تثري معرفة الطلبة، وتزودهم بالدروس والقيم الإيجابية والمهارات والحكمة في اتخاذ القرارات ليكونوا قادة للمستقبل وعناصر فعالة في المجتمع الإماراتي. وقد أكد سموه أهمية الاستفادة من تجارب وخبرات الشخصيات الوطنية البارزة التي لديها وعي بتاريخ دولة الإمارات ومعرفة بالهوية والثقافة الإماراتية والعادات والتقاليد والقيم الإيجابية، وإبراز دورهم في إعداد جيل يحمل الراية ويتمسك بالهوية ويشارك في رسم مستقبل الوطن.
وعن هذا المشروع قال سعادة عبد الله ماجد آل علي المدير العام: يعدّ الأرشيف والمكتبة الوطنية من أوائل الجهات التي تطرح مثل هذه المنظومة العلمية التي تستهدف قياس أثر البرامج التعليمية وأثرها في تعزيز الهوية الوطنية والثقافية الإماراتية والقيم الإيجابية لدى الطلبة وفق توجيهات قيادتنا الرشيدة التي تضعها ضمن أولوياتها.
وأكد سعادته أن الأرشيف والمكتبة الوطنية جدير بالدور الذي يؤديه في التنشئة الوطنية للأجيال، وذلك لأنه الحاضن لذاكرة الوطن وللتاريخ الحافل بالإنجازات والبطولات وقصص النجاح التي ترسخ القيم الإيجابية في نفوس الأجيال، وتؤهلهم لكي يكونوا قادة للمستقبل يحافظوا على مكتسبات الوطن ومقدراته، ويطلع الطلبة على تجارب قادة الوطن والشخصيات الوطنية وخبراتهم التي تعزز لديهم المعارف وحب الوطن والولاء لقادته العظام.
وأضاف: إن ما يزيد في أهمية تطبيق الأرشيف والمكتبة الوطنية لعمليات القياس وفق هذه المنظومة، أنها تنسجم ببعدها المستقبلي مع توجهات قيادتنا الرشيدة التي راهنت على دور شباب الوطن في مجال تنمية ثقافتهم الوطنية، ومهاراتهم والارتقاء بقدراتهم، من أجل تمكينهم من قيادة المستقبل، وتأكيداً على أن الأرشيف والمكتبة الوطنية يتبع في مسيرته الطرق والمنهجيات العلمية الكفيلة بتحقيق النتائج الناجحة التي تعتمد على خطط مدروسة.
وأشار إلى أن الأرشيف والمكتبة الوطنية قد وصل برسالته التي تستهدف تعزيز روح الانتماء والهوية الوطنية إلى أكثر من مليونين ونصف المليون مستفيد من برامجه التعليمية الوطنية الهادفة في غضون ثمان سنين، مشيراً إلى أن هذه الجهود المنظمة والشراكات المثمرة تؤكد تقديرنا لأبنائنا الطلبة ولدورهم الكبير في حمل المسؤولية والأمانة الوطنية.
وأكد د. شاون ديلي، مدير عام مدارس الإمارات الوطنية، على أن مشاريع الهوية الوطنية التي يتم تنظيمها سنوياً بالتعاون مع الأرشيف والمكتبة الوطنية لطلبة الصف التاسع والتي تترجم رؤية مدارس الإمارات الوطنية لإعداد قادة للمستقبل ولتحقيق وتطبيق أعلى معايير الجودة للتمكن من إعداد قيادات مستقبلية مؤهلة تستطيع تحمل المسؤولية وتحقيق رؤية حكومتنا الرشيدة في الخمسين القادمة.
وتهدف هذه المشاريع لمساعدة طلبة الصف التاسع على النمو المتكامل من خلال اتساع نطاق مفهوم التعليم إلى أكثر من مجرد اكتساب للمعرفة الأكاديمية من الكتاب المدرسي، بالتركيز على تنمية المهارات البحثية، والتواصلية، والاجتماعية، ومهارات إدارة الذات، ومهارات التفكير بكافة مستوياتها وأنواعها.
وعن آلية عمل منظومة قياس أثر البرامج التعليمية التي يقدمها الأرشيف والمكتبة الوطنية، قال فرحان المرزوقي مدير إدارة التواصل المؤسسي والمجتمعي: إننا نتطلع من خلال هذه المنظومة إلى قياس ديناميكية البرامج التعليمية، ومدى الاستفادة منها بعد مرور فترة زمنية هي مدة القياس، وستسهم النتائج في مراجعة البرامج أو تعميمها مستقبلاً.
وأضاف: إنه سيتم تطبيق عملية القياس على عينة محددة من الطلبة، ووفق منهجية علمية محددة لمعرفة أثر ما يقدمه الأرشيف والمكتبة الوطنية من برامج وطنية تعليمية متنوعة تشتمل: المحاضرات وورش العمل التفاعلية، والألعاب التربوية والورش القرائية، وبرامج الزيارات الحضورية والافتراضية التي تفتح للطلبة فرصة زيارة مكتبة الإمارات في الأرشيف والمكتبة الوطنية، وقاعة الشيخ زايد بن سلطان، وقاعة الشيخ محمد بن زايد للواقع الافتراضي… وغيرها
وعن منظومة القياس هذه قال: يطبق الأرشيف والمكتبة الوطنية هذه المنظومة المبتكرة في القياس نظراً لاهتمامه بجمهور المستفيدين، ولما لهذه المنظومة من أهمية في كشف مدى استقبالهم واستيعابهم لبرامج تعزيز الهوية الوطنية، والتي تسهم بشكل فعال في التنشئة الوطنية السليمة للفرد الذي يعتبر اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، والذي يتحمل مسؤولياته في متابعة مسيرة البناء والتطوير المستقبلية.
وأوضح المرزوقي: إن أدوات القياس الحالية آنية، وهي تقيس مدى فهم المتلقي لمقرر البرنامج التعليمي المقدم، فيما تقيس المنظومة الجديدة فهم أعمق لهذه البرامج التي من المتوقع أن تؤثر على سلوك المتلقي وقيمه ودوره في مجتمعه ودعم توجهات الدولة؛ وتطبيق هذه المنظومة كفيل بتسليط الضوء على العديد من فرص التحسين المهمة في أداء الأرشيف والمكتبة الوطنية، وهو يعمل من أجل إتاحة ذاكرة الوطن للأجيال، ومن أجل ضمان نقل تاريخ وتراث الآباء والأجداد الذي نفخر به إلى الأبناء؛ مشيراً إلى أن الأرشيف والمكتبة الوطني يعتمد في تطبيق هذه المنظومة على خبراء ومختصين يثق بهم في تنفيذ برامجه الوطنية.
وأكدت الأستاذة أمينة الجابري رئيس قسم المناهج الوطنية: أن مشاريع الهوية الوطنية للصف التاسع أصبحت جزءاً لا يتجزأ من المنهج الإثرائي لمنهج التربية الوطنية والدراسات الاجتماعية، وتم إدراجها تحت مظلة المشاريع المجتمعية لبرنامج السنوات المتوسطة التابع للبكالوريا الدولية، مما ساهم في ابتكار وتطبيق طريقة جديدة للتعليم والتقييم الأصيل المرتبط بالواقع والذي يجمع بين التعليم والتقييم المبني على الأداء، والآخر المبني على المشاريع، وكذلك المبني على الظواهر الطبيعية.
وأضافت: “نسعى من خلال هذه المشاريع إلى إحداث نقلة نوعيّة في توجه الطلبة للعمل التطوعي وخدمة المجتمع، وذلك بنشر الوعي بأهمية العمل التطوعي كمكون أساسي من مكونات الولاء الوطني، ومن خلال الابتكار في تطوير كفاءات وقدرات الطلبة التعليمية بجانبيها المعرفي والأدائي؛ فكان شعار المشاريع هذا العام هو: ” مبادئنا الأصيلة، سر نجاحنا في الخمسين”. وركزنا محاور اختيارات الطلبة على الموضوعات المرتبطة بالمبادئ العشرة للخمسين والتي أطلقها الشيخ خليفة بن زايد -رحمه الله- وذلك سعيا منا لغرس هذه المبادئ الأصيلة وتعليمها لأبنائنا الطلبة.
وقد أبدع الطلبة في تناول القضايا والموضوعات المرتبطة؛ حيث تم إنتاج مئة وأربعة وثلاثين مشروعاً تطوعياً، بمشاركة ثمانمائة وثلاثة عشر طالباً وطالبة من جميع أفرعنا”.
واستعرضت الدكتورة حسنية العلي مستشار البرامج التعليمية الدور الذي يؤديه الأرشيف والمكتبة الوطنية على صعيد دعم العملية التعليمية، وما حققه على هذا الصعيد، متفائلة بنتيجة هذا المشروع الذي سيحفز الطلبة والمدارس على مزيد من الإقبال على البرامج التعليمية الوطنية التي تعزز الولاء والانتماء، وترسخ الهوية الوطنية والقيم والمبادئ الوطنية، وفي الوقت نفسه تعدّ مكملاً لمادتي التاريخ والتربية الوطنية اللتين يتلقاهما الطلبة على مقاعد الدراسة.
وقدمت مستشارة التعليم في الأرشيف والمكتبة الوطنية شرحاً مفصلاً عن منظومة قياس أثر البرامج التعليمية على الطلبة، والأسس العلمية التي تعتمد عليها، والآلية التي تعمل هذه المنظومة وفقها، وما ستؤول به نتيجة هذا المشروع على الأرشيف والمكتبة الوطنية في دعم الثقافة الوطنية لدى الطلبة، مشيرة إلى أن ذلك يصب في بناء قادة المستقبل، والاقتصاد المعرفي للمجتمع الإماراتي، وهذا بحد ذاته هدف سام يتطلع إليه الجميع.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع الذي يطلقه الأرشيف والمكتبة الوطنية بالتعاون مع مدارس الإمارات الوطنية سيبدأ قريباً باختيار العينة من طلبة الصف التاسع في مدارس الإمارات الوطنية في الدولة، وتطبيق الاختبارات للتعرف على جوانب محددة لدى أفراد العينة؛ كالجوانب السلوكية، والجوانب التربوية، والمعارف الوطنية، ومن هذه الجوانب تصل الاختبارات إلى معارف الطلبة في مجال التاريخ، وفي معرفة المسؤوليات والواجبات الوطنية، ومبادئ المواطنة الصالحة، وسلوكيات الطلبة، والتزامهم وقيمهم من خلال إلمامهم بعادات “السنع”، كما أن النتائج كفيلة بأن تُظهر الطرق والممارسات والآليات التي ينبغي على الأرشيف والمكتبة الوطنية اتباعها في نقل المعارف إليهم لتحقيق أفضل المخرجات.
هذا وترصد عملية القياس الأثر الذي حققه البرنامج على صعيد التنشئة الوطنية للطلبة، والثراء المعرفي الذي حققه أفراد العينة من هذه البرامج، ويقيس الأرشيف والمكتبة الوطنية مدى إمكانية وصول رسائل البرامج التعليمية للمشاركين، وبناء على نتائج هذا المشروع يعمل الأرشيف والمكتبة الوطنية على مراجعة البرامج التعليمية وتعديلها لتوائم احتياجات المستفيدين، ويدعم المشروع بالبرامج المبتكرة التي تعزز الهوية الوطنية لدى المشاركين بناء على توجيهات القيادة الرشيدة.
ويوفر الاختبار الثاني من المشروع معرفة أثر البرامج التعليمية على التزام الطلبة بالسلوكيات المثالية التي يكون فيها الطالب حريصاً على أداء مسؤولياته تجاه وطنه على أكمل وجه؛ حيث سيتم النظر على مستوى الإدراك التاريخي للطلبة بعد البرنامج، كما سيتم النظر إلى تفاعلهم مع التعلم وتطوير الذات من خلال النظر إلى مستوى تحصيلهم الدراسي، وقلة غيابهم، ومدى إقبالهم على الفعاليات الوطنية، والعمل التطوعي.
وعلى صعيد آخر من المتوقع لعملية القياس أن تسفر عن مراجعة المخرجات، وأساليب تقديم البرامج التعليمية، وتجسيد المخرجات على أرض الواقع، والإسهام في بناء جيل متمكن يعي هويته الوطنية، ويستطيع أن يعكس المبادئ الوطنية في جميع أفعاله.
ويستهدف الأرشيف والمكتبة الوطنية من هذا المشروع -الذي يتبع فيه أحدث الطرق العلمية في عمليات قياس أثر برامجه التعليمية- الريادة في تنمية خبرات ومهارات الأجيال، ومعرفة فرص التحسين على طريق إثراء ثقافتهم الوطنية وتنمية قدراتهم العلمية ليكونوا جديرين بحمل مسؤولياتهم الوطنية على طريق تحقيق أهداف الدولة في الخمسين عاماً القادمة.