مثقفون وأدباء يرثون حمدي أبو جليل
رحل عن عالمنا أحد أهم الأدباء المصريين المعاصرين الذي تميز أسلوبه الأدبي بالبساطة والعمق، فقد استلهم التراث الثقافي المصري في أعماله، إنه الروائي الكبير “حمدي أبو جليل”، الذي وافته المنية عن عمر ناهز الـ56، في السطور التالية ترصد منصة «كلمتنا» أهم المحطات في حياته وأبرز ما قاله الأدباء في نعيه ورثائه.
حمدي أبو جليل، روائي وكاتب قصص قصيرة، ولد في الفيوم سنة 1967، وكان أول اعماله مجموعة من القصص القصيرة نشرت في عام 1997 تحت عنوان “أسراب النمل”، و مجموعته الثانية “أشياء مطوية بعناية فائقة” والتي صدرت في عام 2000 فازت بالعديد من الجوائز الأدبية.
صدر له عدة مؤلفات من أهمها: “الفاعل” و”لصوص متقاعدون” الصادرين عن دار الشروق وطي الخيام”، و”الأيام العظيمة البلهاء”، و”نحن ضحايا عك”، و”قيام وانهيار الصاد شين”، وصدر له عن الهيئة العامة لقصور الثقافة “القاهرة شوارع وحكايات”، تميز بحسه الساخر والكوميديا السوداء وكل كتاباته دارت حول المهمشين وشخصيات من قاع المجتمع.
حصدت أعماله عدد من الجوائز الأدبية، حيث حصلت روايته “الفاعل” على جائزة نجيب محفوظ عام 2008، كما حصل على جائزة الإبداع العربية عام 2000، وغيرها.
ونعته وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني قائلة: “فقدت الساحة الأدبية اليوم أحد أبنائها المتميزين، والذي جسدت أعماله قيمة مضافة لأبجديات العمل الروائي، وستظل أعماله مصدر إلهام لأجيال متعاقبة”.
بينما قال د. أحمد بهي الدين رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب: “إن الراحل حمدي أبو جليل، أحد أهم الأدباء المصريين المعاصرين، وتميز أسلوبه الأدبي بالبساطة والعمق، حيث إنه استلهم التراث الثقافي المصري في أعماله، وكان متشبعا به، مما انعكس على أعماله، كما انعكس في ممارساته للحياة”.
وأضاف أن الهيئة بصدد إصدار طبعة جديدة من كتاب «القاهرة شوارع وحكايات» من تأليف الراحل حمدي أبو جليل، والذي كان قد صدر من قبل عن الهيئة ونفدت طبعته، مؤكدًا أن هذا الكتاب حقق نجاحا كبيرا محليا وخارجيا، لما يضمه من حكايات وأسرار عن شوارع القاهرة.
وودعته الروائية والأديبة المصرية سهى ذكي قائلة: “هناك بعض الأشخاص تظن أن الموت سيتجنبهم لما يتمتعون به من حب للحياة واحترام لها، فمنذ وقع نظري على خبر رحيل الروائي المبدع حمدي أبو جليل وانا في حالة من عدم استيعاب الخبر.. فأنا عن نفسي مازلت اراه في التصنيف اللطيف للقب “الكاتب الشاب “، حتي اني اعرف انه اب وربما صار جد لكن روحه القوية وصلابته وعفويته تجعلك تشعر طوال الوقت أنك أمام رجل طموحه دائما في مطلع انطلاقته، ولمن لا يعرف من هو “حمدي أبو جليل” هو الكاتب الذي كان يفخر بانتماءه للفيوم والمتمرد على ثقافة البدو في نفس الوقت كان يعشق أهله وناسه، هو الحاصل على عدد لا بأس به من جوائز الكتابة وترأس تحرير أكثر من مطبوعة ثقافية وسلاسل أدبية، وهو اللي فازت روايته البديعة “الفاعل” بجائزة نجيب محفوظ عن الجامعة الأمريكية، حمدي أبو جليل مثال للمثقف المصري الذي كان يستحق مكانة تناسب فكره والنور الذي كان يشع منه، في سلام وأمان يا أستاذ حمدي يا جميل ولك المحبة والتقدير في البر التاني”.
وقال الأديب والكاتب حسام مصطفى إبراهيم في نعيه له: “رحيل مفاجئ وصادم للصديق والروائي الكبير حمدي أبو جليل!، قابلته مرة على هامش حفل توقيع، كان ودودا محبا متسع الصدر والعقل، كعادة الموت، لا يترك لنا الفرصة لنقول لأحبائنا كل ما نشعر به تجاههم، أو نوفيهم حقهم علينا، أو هي عادتنا أن نقول أقل مما يجب، ونفعل أقل مما ينبغي، طمعًا في براح الفرص الثانية التي لا تأتي أبدًا!، ألف رحمة ونور يا صديقي، أنت الآن في حال أفضل، وإن هي إلا أيام معدودات حتى نلتقي وكل الأحبة الذين فارقونا، اذكرنا عند ربك”.
وقال الباحث والروائي المصري زين عبد الهادي في رثائه: “خبر حزين ومزعج للغاية، رحيل حمدي أبو جلبل الفاعل ولصوص متقاعدون وصعود وانهيار صاد شين وأجمل وأنقى من عرفت من الروائيين الممتلئين بالإنسانية، حمدي الجميل رحل فجأة، ليضيق العالم اكثر مما هو ضيق وسئ، حمدي أبو جليل ابن البداوة والسخرية حتى من الذات، واحد من أهم الروائيين المصريين في الألفية الجديدة، ميريت القديمة حيث التقينا للمرة الأولى لدى الناشر الكبير محمد هاشم.. السهرات والضحكات واللقاءات في وسط البلد وحواديت المثقفين والروائيين التي لاتنتهي، الله يرحمه ويحسن مثواه عاش جميلا مفكرا ضاحكا، وترك أعمالا لاتنسى في تاريخ الرواية العربية والمصرية”.
وقال عنه الناقد الأدبي يسري عبد الله: “لم أكن أعلم أنني أودع أخي وصديقي حمدي أبو جليل في مكالمتنا الأخيرة بالأمس، وكنا نتهاتف يوميا، ونلتقي حسب ما يتيسر الوقت لكلينا، لم تنقطع علاقتنا يوما واحدا طيلة عشرين عاما، وعززتها الحوادث واللقاءات والضحكات النابعة من القلب، والحكمة التي ارتأيتها فيه، فالسخرية العظيمة كانت تخفي تأملا عظيما، وحين هرعت إلى بيته منذ ساعة تقريبا فور أن رأيت الهاتف، كان الشارع الذي دخلته عشرات المرات كئيبا وحزينا، وكنت أرتدي نظارتي الشمسية على غير العادة، كنت اتحسب بكاء مرا أغالبه، وكنت أمني نفسي بأن الخبر غير صحيح، وحين دخلت العقار وجدت حارسه حزينا، فتأكدت، ووجدت نفسي أخبره بأن الراحل كان يحبه، في الحقيقة كان حمدى يحب الجميع، ويدعوك إلى محبة الجميع، حتى من اختلف معهم لم يضمر لهم أي ضغينة، كان سمحا ورحبا، وأحببت فيه ذلك جدا، وكان يقول لي دائما (انت خلتني يقظ. ما انا كنت من النائمين)، فنضحك وأنا أزيد (من النائمين التاريخيين يا حمدي)، وأنا أريد أن أخبره الآن مثلما أخبرته من قبل أنه من أحب وأجمل من رأيت، ورغم تماسكي في مثل هذه المواقف القاسية على النفس إلا انني لم أتمالك نفسي سوى دقائق قليلة حتى انهمرت في بكاء طويل وأنا أتحدث مع زوجته الفاضلة الأستاذة تهانى عبدالله ابوجليل، فمثل حمدي لا ينسى ولا يغيب، رحم الله الكاتب الروائي الكبير حمدي أبو جليل، أحد ايقونات السرد المعاصر، مع السلامة يا حمدي، كل الرحمة والمغفرة لروحك الطيبة، وقلبك النبيل، وكل العزاء لنا ولأصدقائنا ومحبينا، وللأستاذة تهاني، ولأبنائه أحبابي هشام وهالة ودنيا”.