طه حسين عبقرية لا تغيب.. شاكس قانون العمى بسعة الخيال
“كان يكره أن يضحك إخوته، أو تبكي أمه أو يعلمه أبوه في هدوء حزين”، طه حسين الطفل السابع من 13 طفلأ في أسرته، ولم يحالفه الحظ مع أول خطوات حياته، ففقد بصره وهو في الرابعة من عمره، لتصبح نقطة فارقة في تحول قصة الصبي الكفيف لعميد الأدب ليبهر العالم بفكره.
من خلال منصة كلمتنا نلقي الضوء على كفاح محارب الظلام.
سياج المنزل
كان حسين دائما يتحدث عن سياج القصب الذي يحيط منزله، وكان حلمه تخطي هذا السياج للخروج من منزله ومن عتمته اللانهائية، واستطاع طه حسين أن يكسر حاجز العمى الذي كان يحيط به مثل سياج المنزل، ليلتحق بالتعليم الأزهري ومنه للجامعة المصرية ليحصل على الدكتوراة ويحطم السياج تماما بحصوله على الدراسات العليا في القانون الروماني من بلد النور فرنسا.
زواجه من سوزان بريسو
“المرأة التي أبصرت بعينها” دائما كان طه يتحدث عن سوزان بريسو أنها لم تكن زوجته فقط، فهي كانت الداعم له في مراحل حياته، وكانت تقوم بدور القارئ له ودائما ما كان حسين يقول عنها سوزان “الصوت العذب”، ويرجع الفضل لزوجته في مساعدته ليصبح بعد عودته من فرنسا أستاذا للتاريخ اليوناني الروماني بالجامعة المصرية، ثم أستاذا في تاريخ الأدب العربي بكلية الآداب، ليصبح في نهاية المطاف وزيرا للمعارف، ويجعل التعليم في مصر مجاني متاح لجميع طبقات الشعب.
أعمال قاهر الظلام الإبداعية في مناقشة قضايا المرأة
أخذت المرأة مساحة كبيرة من فكر طه حسين، فكان حريصا على حرية المرأة وتناول حقها في التعليم في الكثير من أعماله، مثل “شجرة البؤس، دعاء الكروان”، وكان دائما يصطحب زوجته معه لحضور الندوات والاجتماعات وكانت هي دائما المرأة الوحيدة بين الحضور، مما يدل على مدى اتساع عقل مفكرنا، وإيمانه بالمرأة وأنها شريكة الرجل في الحياة.
في كتابه “الأيام” تحدث عن معاناة المرأة وعدم حصولها على حقوقها كإنسان، ودعاء الكروان، خص المرأة أيضا وكيف يمكن للمرأة أن تفقد حياتها لمجرد خطأ وقعت فيه بدلا من معالجته.
كما كان العميد من أنصار اللغة الفصحى، فدائما كان يقول الفصحى هي لغة التفاهم بين الدول العربية، التي تؤدي في النهاية لتحقيق الوحدة بين البلاد، فكان حسين لا يحب أن يكتب بالعامية إلا في أضيق الحدود.
كان يقول دائما “الأديب هو مرآة للبيئة التي يعيش فيها”، وكان عباس محمود العقاد يقول عنه دائما أنه “رجل جرئ العقل مفطور على المناجزة والتحدي”.
وفاة العميد
رحل طه حسين عن عمر 84 عام في أكتوبر 1973، تاركا لنا تراثا من الثقافة و الأعمال الأدبية والفنية الكثيرة.
أهم مؤلفاته
ألف طه حسين ما يزيد على خمسين كتابا من الأدب والقصة وترجمت كثير من كتبه إلى اللغات الأجنبية، ومن مؤلفاته: “على هامش السيرة، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، حديث المساء، في الشعر الجاهلي، حافظ وشوقي، حديث الأربعاء، الوعد الحق، نقد وإصلاح، الحب الضائع”.
كما رشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل ومنحته جامعة الجزائر الدكتوراة الفخرية، كما حصل على قلادة النيل ورئاسة مجمع اللغة العربية، ومنحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراة الفخرية، كما شغل حسين منصب وزير التربية والتعليم في مصر.
أقرأ أيضا: أشباح أنيس منصور وأرواح هائمة حول العالم