كلام رجالة

اعرف تراثك| “فن التحطيب” من مصر القديمة لليونسكو

أسماء هنداوي:

عادات وتقاليد ميزت شوارعنا ورسمت ملامحنا من قديم الزمان، مارسها الأجداد وتوارثها مختلف الأجيال ومازالت تسكن داخلنا حتى الآن، فقديم الإنسان هو تراثه وثقافته وحضارته والشخصية المصرية التراثية هي نتاج ذلك كله، وتراثنا المصري هو الثروة الحقيقية وهو تراث نادر وفريد ولا يوجد له مثيل في العالم، والحفاظ عليه هو الطريق إلى العالمية والحفاظ على الهوية الوطنية.

تتنافس شعوب العالم على تسجيل تراثها على قائمة اليونسكو ليستمر عبر الأجيال وتأكيدًا على التفرد الثقافي وإثبات الهوية، ومن تراثنا تقدم لك “كلمتنا” اليوم فن تراثي قديم توارثه الأجيال منذ قديم الزمان عبر آلاف السنين هو “فن التحطيب” أو كما يسمى أيضًا عصا المحبة وغية الرجال، ذلك الفن الذي نشأ في مصر القديمة والذي كان مهددًا بالاندثار إلا أن منظمة اليونسكو سجلته على قائمتها للتراث العالمي في نهاية عام 2016، ليصبح بذلك حدث مهم للثقافة المصرية.

تعد لعبة التحطيب مصرية خالصة خاصة في صعيد مصر الذين يفتخروا بها ويعشقونها ويتوارثونها، وهي تتميز بأنها لعبة وغية الرجال وتجد إقبالًا كبيرًا بينهم ويتبارز فيها شخصان باستخدام العصا على أنغام آلة المزمار وسط دائرة من المشجعين، والفائز هو من يستطيع إيقاع العصا من يد الآخر.

جذور فرعونية

أما عن جذور فن التحطيب فهي تعود إلى مصر الفرعونية، فلقد وجدت نقوشات على المعابد الفرعونية وكان المصريين القدماء يستخدموا عصاة مصنوعة من نبات البردي، ومع مرور الوقت أصبحت عصاة خفيفة من الخيزران أو شومة غليظة، كما أن كان يتم تأديتها كنوع من التدريب من أجل التدريب وقت الحروب، أو التسلية والتدريب على فنون الدفاع والهجوم.

معاني إنسانية

وبمرور العصور أصبح تراثًا شعبيًا وتقليدًا أصيلًا يساعد على التقارب الاجتماعي ويمارسه الرجال في المناسبات الاجتماعية والأفراح خاصة في الصعيد الذين اعتبروا التحطيب وسيلة لترسيخ قيم الشجاعة والوفاء، ويمثل تجسيدًا للمروءة والشهامة والمنافسة لا الخصومة، بالرغم من أن عصا المحبة تعتمد على فكرة الهجوم والدفاع وما يليه من انتصار أو خسارة، فهي ليست أداة عنف بل فن ورياضة وأصول ووجه آخر للكثير من المعاني الإنسانية والتي تتضمن روح الجماعة واحترام الآخر والدفاع عن الكرامة وكذلك وسيلة تفريغ الطاقة بشكل جيد.

أما عن مميزات لعبة التحطيب فهي فرصة جيدة لتعليم الصبر والشجاعة والجرأة، فهي ليست مجرد لعبة إنما فن يجب أن يجيد متعلمه فنون التعامل مع الآخرين وأن يتمتع بقوة بدنية للمبارزة بالذكاء الذي يجعله ينتصر على خصمه ويستطيع الإمساك بالعصا جيدًا وبقوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى