الكاتب مارك أمجد الفائز بجائزة الدولة التشجيعية لعام 2024 يتحدث لـ “كلمتنا”
كتبت: وفاء حسن
الروائي والصحفي مارك أمجد فاروق جرجس، من مواليد الإسكندرية 11 يونيو 1994 تخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة،كتب عدة روايات منها نشيد الجنرال، الرقص على أرغن الرب، البطريركية، وديعة لينين، وآخر كتاباته القبودان، التي فازت بجائزة الدولة التشجيعية لعام 2024، كما حصل على جائزة كلية الإعلام الأدبية، المركز الأول، فرع القصة القصيرة 2014، وجائزة وزارة الثقافة المصرية دورة صبري موسى عن قصة “شي جابي” 2014، ومنحة معهد “جوته” للكتابة الإبداعية 2015، وجائزة ساويرس الثقافية للآداب، أفضل مجموعة قصصية، عن كتاب “نشيد الجنرال” 2017، فكان معه هذا الحوار الصحفي الخاص لمنصة “كلمتنا” ليتحدث لنا عن أعماله، فإلى تفاصيل الحوار:
• منحتك “القبودان” جائزة الدولة التشجيعية للآداب ما هي كواليس هذه الجائزة ؟ وماذا تُمثلك؟
جائزة الدولة التشجيعية هي أرقى مستوى من التكريم يمكن أن يناله أي مبدع في مصر، والحقيقة أنها كانت المرة الثانية التي أتقدّم فيها دون آمال أو توقّعات مرتفعة، لاعتقادي السابق أن أي جائزة كلما ارتفع شأنها كلما اقتصرت على الكُتّاب المشاهير والأكثر مبيعًا، لذا حين عرفتُ خبر فوزي استغرقتُ بِضع لحظات لاستيعاب الخبر، وظننتها مزحة من الصحفية التي أبلغتني الخبر، لدرجة أني طلبت منها تِكرار ما قالته وذِكر اسم الجريدة التابعة لها.
• كانت رواية “القبودان” مزيجاً من الأحداث التاريخية.. كيف جاءت فكرة الرواية؟
فكرة الرواية أتتْني أثناء فترة احتجازنا بمنازلنا طوال جائحة الكورونا، كنت أعمل من المنزل لصالح جاليري، وكي لا تقضي عليَّ الوحدة قررت انتهاز الفرصة والتفتيش في رفوف مكتبتي حول الكتب التي لم أفتحها بعد، وبالصدفة عثرت على “حرب القرم” من تأليف الأمير عمر طوسون والصادر في أول طبعة له عام 1936 فوجدتُه يرشدني بتفاصيله المعلوماتية الغنية لعالَمٍ مُثير مَعالِمه وخطوطه الروائية جاهزة للطهي ولا تحتاج إلا لمَن يعكف على رسمها بشكل درامي مُحكَم.
• اسم الرواية “القبودان” اسم ليس مصري.. كيف جاءت فكرة تسمية الرواية بهذا الاسم؟ ولماذا؟
القبودان كلمة من القاموس التركي ومعناها ربان سفينة وكان استخدامها دارجًا في زمن أحداث الرواية على منحى عسكري إذ أطلقوها على قادة الأساطيل الحربية، ومن المعروف في صناعة النشر أن تأليف رواية بأكملها أسهل مِن وضْع عنوانها الذي شئنا أم أبينا يلعب دورًا حساسًا لاستقطاب القُرّاء في المكتبات أو تنفيرهم عنها، لذا غمرني شعور بالثقة حين وافقت الدار على العنوان من أول مسودة طُرِحت عليهم، مع ذلك جدير بالذِكر أنه في مسوداتي الداخلية سبق هذا العنوان النهائي عشرات من العناوين التي تغاضيت عنها بعد تمحيص.
• كانت روايتك”البطريركية” تتسم بالجرأة والمغامرة، هل كنت قلقاً من ردود الأفعال عليها؟
كان هذا في عام 2018 ورفضتْ الرواية حوالي 5 دور نشر مصرية، مِمّا اضطرني للتفكير في بدء عرض المخطوطة على مؤسسات في لبنان نظرًا لهامش الحرية الأكبر هناك، وما حدث كان عجيبًا بعض الشيء لأني طوال فترة العمل على النص كنت منهمكًا في شدّ حبكته وتنميق سطوره، لكني حين وجدتُ كل هذا الرفض من دور كبيرة بدأتُ أفكِّر جديًا أي لغم صنعته يداي دون إدراك، في النهاية نُشِرت الرواية مع مطلع عام 2019 واستغربتُ أن بعضًا مِمن رفضوها رشّحوها للقراءة عند نزولها معرض القاهرة الدولي للكتاب.
• حصلت على جائزة”ساويرس” عن كتاب “نشيد الچنرال” عام 2017 وكان عمرك وقتها 25 عاماً، هل اختلف شعورك بينها وبين آخر جائزة حصلت عليها؟
جائزة ساويرس أتت من مؤسسة خاصة لها رُعاتها، وعادةً وليس دائمًا تختار هذه المؤسسات لِجان تحكيم تميل للمغامرة والتجريب وهي منطقة لعب نصوصي أغلب الأوقات، أما الجوائز الممنوحة من الدولة فتنحاز للقوالب المتعارف عليها، لذا كانت فرحتي بالأخيرة أكبر لأن رهانها أخطر، حين كَسبتُه ابتسمتُ لنفسي وقُلت إن أدواتي قد تفلح في غير مواضعها، وهذا ما تضمّنته حيثيات الجائزة حين ذكرتْ ما معناه أنها رأت في “القبودان” استلهامًا لوقائع حقيقية تم شغْلها بشخصيات معيشية غير أسطورية وأحداث ملحمية وحوارات أقرب للصيغة السينمائية، وبالتالي نجتْ الرواية من أن تتحول لكِتاب تاريخ مَدرسيّ صانعة لنفسها حبكتها الخاصة.
• لماذا أغلب روايات “مارك أمجد” تحمل الطابع الثقافي والتاريخي؟
نحن ككُتّاب شغلتنا صُنع الحكايات، ولكنها ليست حواديت بالمعنى السطحي المُختَزل، أي أننا لا نحكي نكتة في قعدة قهوة وإنما هي حكاية نأمل أن تعيش أعمارًا أطول منا، وكي يتحقق هذا لا بد أن تكون مسنودة على عمود فقري صلب مستوحى من الواقع أو التاريخ أو هو خيالي محض لكنه خلاب، باختصار هناك منبع ينبغي أن نبدأ منه كي يصل العمل لنقطة لا ينساها المتلقّي ولو بعد سنوات من تعرُّضه للعمل.
• تم تكريمك بمعرض مكتبة الإسكندرية للكتاب، كلمنا عن كواليس هذا التكريم في ظل نشأتك بمدينة الإسكندرية؟
كانت كل معلوماتي عن حفل مكتبة الإسكندرية الشهر الماضي أنه مجرد ندوة مقتصرة على محاورة الفائزين بجوائز الدولة التشجيعية في أفرعها المختلفة، أما التكريم نفسه فأتي بشكل مفاجئ حين دخل القاعة الدكتور أحمد زايد مدير المكتبة وخلفه بقية طاقم المُنظِّمين يحملون الدروع والكاميرات وعندئذٍ فهمنا أنها مكيدة لطيفة لتكريمنا، وعن نفسي انتابني شعور بالاستحقاق أن يتم تقديري من أعرق مؤسسة ثقافية في مدينتي الأم.
• إلى أي مدى جعلتك الجائزة حريصاً على اختياراتك المقبلة؟
اعتقد أن الجائزة على عكس ما يتوقّعه البعض زادتْ مخاوفي وحِرصي على كل حرف أكتبه، أعمل منذ أشهر على مشروع روائي وكالعادة اكتشف به عوالم كانت مجهولة عني، لا أستطيع البوح بتفاصيل أكثر من هذه لكن الأكيد أني ككل تجربة أسعى لتحدّي الشخص نفسه مارك.
اقرأ أيضًا: الروائي والقاضي أشرف العشماوي لـ”كلمتنا”: “مواليد حديقة الحيوان” خيالية لكن لها نصيب من الواقع