يعد الكاتب كيرو راجي من الأسماء التي أثرت بشكل كبير في المشهد الأدبي والفكري من خلال مؤلفاته التي تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية معقدة، بأسلوب جريء ومتميز. في هذا الحوار، نتوقف عند تجربته الأدبية من خلال كتابيه: “بره الصندوق الذكوري” الذي ناقش فيه أبعاد الثقافة الذكورية وأثرها على المجتمع، و“بعد حاجة و30 سنة” الذي استعرض فيه تطور الشخصيات والمفاهيم عبر الزمن.
في هذا اللقاء الخاص، نتناول مع كيرو راجي رحلته الأدبية، خلفيات كتبه، ورؤيته لما يواجهه الأدب المعاصر من تحديات وآفاق. تابعوا هذا الحوار المثير مع كاتب يسعى دائمًا للخروج عن المألوف والحديث عن المواضيع التي تشغل بال المجتمع.
1. متى بدأت الكتابة وكيف اكتشفت شغفك بها؟
منذ طفولتي، لاحظت أن لدي القدرة على صياغة مشاعري وأفكاري بشكل مفهوم ومعبر لأهلي وكل من حولي. كنت أحب كتابة موضوعات التعبير سواء باللغة الإنجليزية أو العربية، وكنت أشعر أن الكلمات تتدفق مني بمجرد أن أمسك الورقة والقلم بطريقة لم أكن أفهمها حينها.
في مرحلة الثانوية العامة، بدأ من حولي يلاحظون صياغتي للجمل بشكل معبر أكثر، وكان تأثير الأغاني الثمانينيات والتسعينيات واضحًا في كتاباتي. ما لا يعرفه الكثيرون هو أنني بدأت الكتابة عام 2008 شاعراً غنائياً، حيث كتبت أغاني لمطربين مثل هشام عباس ونادر نور وغيرهم. أما الكتابة الأدبية، فكانت جزءًا من يومياتي، وكان كل من يقرأها يشجعني على نشرها أو تحويلها إلى مقالات. في ذلك الوقت، كنت قارئًا جيدًا لمقالات أساتذة كبار مثل عبد الوهاب مطاوع وأحمد رجب وأنيس منصور.
وبالفعل، بدأت في نشر مقالاتي بشكل احترافي بداية من عام 2017، وقد لاقت نجاحًا جيدًا، والحمد لله، تم نشر أكثر من 500 مقال حتى الآن.
2. ما هي المصادر التي تستلهم منها أفكارك؟
مصادري الأساسية لإلهام أفكاري هي الحياة نفسها، والناس من حولي. كما أنني أستمد الكثير من أفكاري من حياتي الشخصية وتجربتي كإنسان وكرجل. بالطبع، لا يمكنني أن أنكر أن قراءتي الشخصية لها دور كبير في تطوير أفكاري. همي الأول والأخير هو أن أعبر عن نفسي أولًا، ثم عن الناس بشكل واقعي وبسيط. أتمنى أن أتمكن من تحسين حياة أي شخص قد يقرأ لي أو يتابعني، وأن أساهم ولو بشكل بسيط في تغيير أفكار الناس. هذا هو هدف الكتابة بالنسبة لي.
3. من وجهة نظرك، هل تعتقد أن الكتابة تعبير شخصي أم وسيلة للتواصل مع الآخرين؟
في رأيي، الكتابة يجب أن تكون تعبيرًا شخصيًا صادقًا لكي تكون فعّالة. الكتابة التي تخرج من القلب وتعبّر عن أفكار الكاتب بكل صدق، هي التي تصل للناس بشكل أفضل. إذا لم تكن الكتابة تعبيرًا حقيقيًا عن الكاتب، فإنها تصبح مجرد كلام عابر. كلما كانت الكتابة تشبه صاحبها وتعبر عن أفكاره الداخلية، كلما كانت أكثر نجاحًا في التواصل مع القراء، لأنهم سيشعرون أنهم جزء منها. هذا هو الهدف الأكبر للكتابة: أن يشعر القارئ أن ما يُكتب له وعنه.
4. ما هي رسالتك التي تحاول إيصالها من خلال كتاباتك سواء في كتاب “بره الصندوق الذكوري” أو كتاب “بعد حاجة و30 سنة”؟
رسالتي في كتاباتي ذات طابع إنساني بالدرجة الأولى. أسعى دائمًا إلى نقل تجاربي الحياتية المتواضعة وأفكاري على أمل أن تكون مفيدة للآخرين. أحرص على تقديم ذلك بكل أمانة وصدق.
في كتابي “بره الصندوق الذكوري”، كانت رسالتي هي نقل تجربتي كرجُل شرقي، ومناقشة المعتقدات الذكورية الضارة ومحاولة تحسين العلاقات بين الجنسين، أو كما وصفته في الكتاب “فض الخناقة” بينهما. أتمنى أن تكون هذه المحاولة قد نجحت ولو بشكل بسيط.
أما في كتابي “بعد حاجة وثلاثين سنة”، كان هدفي نقل كل ما اختبرته في حياتي خلال تلك الفترة، مع عرض تجاربي في مرحلة العشرينيات والثلاثينيات التي أعيشها حتى الآن، على أمل أن يستفيد منها القارئ، خاصة أن الكثير من الأحداث والتجارب التي مررت بها قد تكون مشابهة لتجارب آخرين. هذا هو الهدف الأساسي في كتاباتي.
5. كيف تتعامل مع النقد، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا؟
أنا أعتبر النقد جزءًا من لعبة الكتابة، طالما قررت أن أقدم أعمالي للناس. في بعض الأحيان، قد يأتي النقد بشكل مسيء أو يحمل تجاوزات، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا عندما تكون الأفكار مختلفة عن ما يؤمن به المجتمع. ومع ذلك، أرى أن النقد مفيد إذا كان يحتوي على ملاحظات بنّاءة. أستفيد من النقد الذي يساعدني على تطوير المحتوى الذي أقدمه، وأحترم ذلك. ولكن لا أقبل التجاوز أو الإساءة. أما النقد الإيجابي فهو أمر جميل، وأشجع دائمًا الناس على إعطائي آراءهم الحقيقية، دون مجاملات.
الكاتب، كما وصفه الأستاذ أحمد خالد توفيق، يشبه “تمثالًا من عجوة”، يمكن أن يُعبَد في لحظة، ثم يُهدد في لحظة أخرى. لذا، لا يزعجني النقد السلبي بشكل كبير، ولكنني أيضًا لا أسمح للإشادة المبالغ فيها أن تجعلني أعيش في وهم.
6. ما هي الموضوعات أو القضايا التي تحرص على تسليط الضوء عليها في أعمالك؟
أنا مهتم دائمًا بالمواضيع والقضايا التي تخص حياة البشر، مثل النفسية والعلاقات الشخصية وتجارب الناس. عندما أكتب في موضوع ما، أشعر أنني يجب أن أكون قد مررت بتجربة مشابهة أو قرأت عنه بشكل جيد. الكتابة يجب أن تكون مستندة إلى خبرات ومعرفة شخصية، وهذا ما أحرص عليه في كل موضوع أتناوله
7. هل تكتب لجمهور معين أم تترك مسألة التفسير مفتوحة للقارئ؟
أنا أكتب ببساطة وبصدق، وأترك الباقي على القارئ. إذا شعر القارئ أن كتاباتي تعبر عنه أو تشبهه، فإنه سيجد نفسه في ما أكتب. لا أكتب ما يطلبه الجمهور، لأنني أعتقد أن هذا بداية فشل أي كاتب. أنا أكتب بكل إحساسي، وأحاول أن أكون صادقًا في ما أقول. في النهاية، النجاح هو من عند الله.
8. هل هناك نوع معين من الأدب أو كتّاب معينين أثروا في أسلوبك الكتابي؟
قرأت الكثير من الأدب على مدار حياتي، سواء من الكتاب العرب أو الأجانب، وكان هناك العديد من الكتاب الذين أثروا في أفكاري بشكل كبير، مثل أنيس منصور، عبد الوهاب مطاوع، أحمد رجب، بالإضافة إلى نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس. ورغم أن تأثير هؤلاء الكتاب كان عميقًا في تشكيل رؤيتي الأدبية، إلا أنني دائمًا أسعى إلى تطوير أسلوبي الخاص الذي يميزني، لأنني أؤمن بأن ذلك هو ما يجعل الكاتب مختلفًا ويعطيه هويته الفريدة.
9. وأخيرًا، ما هي أعمالك القادمة؟
حاليًا، أنا أعمل على كتابة وتحضير أول عمل روائي لي. كما أستعد للمشاركة في مشروع كتابة لدراما اجتماعية، بطريقة جديدة ومختلفة، إن شاء الله