أسماء هنداوي:
رغم مرور ثمانين عامًا لا يزال طلعت حرب شخصية رائدة ملهمة للكثير، فلقد كان مؤسس الاقتصاد المصري.
واستطاع نقل الاقتصاد من الاعتماد على مصادر محدودة إلى أكثر الاقتصادات تنوعًا في الشرق الأوسط وأسرعها نموًا.
وقد لقبه الكثير بـ “أبو الاقتصاد”، نظرًا لأنه أسس بنك مصر، أول بنك يملكه المصريون.
بالإضافة إلى أنه أسس أيضًا مجموعة من الشركات التابعة للبنك، كما أن له العديد من المساهمات الأدبية والثقافية.
وبفضله تحتفل مصر في 7 مايو من كل عام بذكرى تأسيس أول بنك وطني مصري وهو بنك مصر على يد طلعت حرب.
تلك الشخصية الرائدة التي اختارتها لك اليوم “كلمتنا”، حتى تتعرف على رائد ومؤسس الاقتصاد المصري طلعت حرب.
تشكيل شخصيته
ولد الاقتصادي محمد طلعت حرب عام 1867، في حي الجمالية بالقاهرة، وكان والده موظفًا بمصلحة السكك الحديدية.
والتحق في طفولته بالكتاب وحفظ القرآن، قبل أن يلتحق بالمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة.
وفي عام 1885 التحق بمدرسة الحقوق الخديوية، والتي كان لها دورًا مؤثرًا في تشكيل شخصيته.
كما كان كثير الإطلاع على كتب عديدة في مجالات مختلفة سواء كانت المعرفة أو العلوم، ودرس اللغة الفرنسية جيدًا وأجادها.
وتخرج عام 1889 في مدرسة الحقوق، وكان من الأوائل، وبجانب دراسته الحقوق كان يهتم بدراسة الاقتصاد.
حياته العملية
بعد تخرجه بدأ العمل كمترجم بالقسم القضائي، ثم أصبح رئيسًا لإدارة المحاسبات، ثم مديرًا لمكتب المنازعات حتى أصبح مديرًا لقلم القضايا.
وأصبح مديرًا لشركة كوم امبو بمركزها الرئيسي بالقاهرة في عام 1905.
ثم أصبح مديرًا للشركة العقارية المصرية التي سعى دائمًا على تمصيرها، حتى نجح في ذلك وأصبحت غالبية أسهمها للمصريين.
وفي عام 1910 عاد طلعت حرب لمجال الأعمال التجارية، من خلال تأسيس شركة التعاون المالي بمصر.
وشارك في تأسيسها عمر لطفي والأمير حسين كامل ورجل الأعمال البلجيكي ألفريد عيد، وعدد من تجار القاهرة البارزين، وكانت مجرد مؤسسة صغيرة.
علاج مصر الاقتصادي
في عام 1911 أصدر طلعت كتابه “علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك للمصريين” وقدم فيه رؤيته الفكرية واجتهاداته النظرية عن كيفية إحداث ثورته الثقافية.
وتحدث فيه عن ضرورة إنشاء بنك للمصريين لخدمه المشاريع الاقتصادية في مصر، وتحمس العديد لفكرته.
ولكن بسبب الحرب العالمية الثالثة تعطل كل ذلك، وفي ثورة 1919 بعد مشاركته فيها عادت إليه فكرة البنك مرة أخرى.
وبالفعل بدأ في بلورة فكرة تواجد بنك وطني للمصريين، من أجل التحرر من الاحتكار المصرفي الأجنبي.
كما ساهم في إنشاء شركة التعاون المالي، والتي تهدف إلى الإقراض المالي للمصريين.
بنك مصر
استطاع طلعت حرب إقناع 126 من المصرريين لإنشاء البنك عن طريق الاكتتاب، وبلغ ما اكتتبوا به ثمانين ألف جنيهًا، أي عشرين ألف سهمًا.
وفي عام 1920 أسس بنك مصر، والذي يعد أبرز أسباب نهوضه باقتصاد الدولة.
وليس ذلك فقط بل أنشأ أيضًا شركات لدعم الصناعة المصرية وتحريرها من سيطرة الأجانب.
ليصبح بذلك أول من وضع حجر أساس النهضة التجارية والصناعية في مصر.
وفي عام 1940 واجه بنك مصر أزمة مالية كبيرة، وتم رفض منحه أي قروض.
فقرر حرب اللجوء إلى وزير المالية الذي اشترط أن يترك طلعت منصبه، حتى يتم علاج الأزمة، ذلك الأمر الذي أجبره على الاستقالة من البنك.
وفي عام 1941 توفي طلعت حرب في قرية تابعة لفارسكور بمحافظة دمياط.
