كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| مسيرات أم مخيرات؟

أثار الهجوم الأوكراني الأخير على بعض المواقع الاستراتيجية داخل الأراضي الروسية الجدل والتساؤل حول المسيرات وإمكانياتها وما يمكن أن تقوم به. فالمسيرات المستخدمة من طراز FPV قامت في عملية أطلق عليها “شباك العنكبوت” بتدمير 41 طائرة روسية، وبلغت الخسائر حوالي 2 مليار دولار. وبغض النظر عما إذا كان التدمير كليًا أم جزئيًا، فإن النتائج واضحة والخسائر أيضًا.

هذه المسيرات لا يزيد طولها عن متر ونصف، ولا يزيد وزنها عن عشرة كيلوغرامات طبقًا لما تحمله من رؤوس متفجرة. وتصل سرعتها إلى 150 كيلومترًا في الساعة، ونطاق التحكم إلى 30 كيلومترًا، يمكن زيادته من خلال أبراج تقوية لإشارة التحكم. ويصل سعرها إلى 20 ألف دولار للطراز المتقدم.

بالإضافة إلى إمكانية استخدام تلك المسيرات في مسح المناطق بهدوء وخلسة، وإرسال الصور أو مقاطع الفيديو المصورة في نفس الوقت (Realtime)، إلا أنها قادرة أيضًا على استهداف الأفراد والمعدات والمركبات وغيرها من الأهداف الثابتة أو المتحركة تحركًا بسيطًا. حيث تقوم بعمليات انتحارية لتدمير تلك الأهداف بواسطة المواد المتفجرة، وتنفجر المسيرة نفسها أثناء العملية، فلا يمكن في أغلب الحالات الإمساك بها أو الحصول على أي معلومات إضافية تفيد في معرفة ما حدث بالضبط.

والمسيرات هي الترجمة العربية لمصطلح drone، الذي يعني تلك الأجهزة الحديثة التي تطير وتقوم بمهام، ويتم التحكم فيها عن بعد. والحقيقة أن هذا المصطلح يعود إلى عصر ما قبل التكنولوجيا، حيث يعني ذكور النحل التي لا تقوم بأي مهام في إنتاج العسل، ولكنها تقوم بتلقيح الملكة ثم تموت بعد إتمام مهمتها الوحيدة. وربما يكون هذا الاسم امتدادًا لتلك المهمة الطبيعية القديمة.

وعلى أي حال، فإن المسيرات الحالية مدعومة بأنظمة للذكاء الاصطناعي تمكنها من التحرك والتوجه والرؤية واتخاذ قرار الاشتباك طبقًا لقواعد مبرمجة بها من قبل. وفي أغلب الحالات، تحتاج تلك المسيرات إلى تأكيد بشري قبل أخذ القرارات، مع أنه من الممكن أن توضع على وضع الحرية التامة لاتخاذ القرارات وتنفيذها بدون الحاجة إلى هذا التأكيد. وهو ما قد يجعل مصطلح “المسيرات” غير مناسب، وقد يكون من الأفضل استبداله بمصطلح “المخيرات”. فالمسح والتحليل والتقدير وبلورة القرار واتخاذه ستكون جميعها عمليات تقوم بها المسيرات بدون أدنى درجة من الاعتمادية على التدخل البشري.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى