دع الماضي يمر وابدأ بالحاضر بقلب خفيف

أحيانًا نمضي بأجسادنا إلى الأمام لكن
أرواحنا تظل معلقة هناك عند لحظة انتهت منذ زمن
نُعيد التفكير في التفاصيل ونراجع ما قلناه وما كان يجب أن نقوله وكأننا نحاول إصلاح ما لم يعد قابلًا للإصلاح
ننسى أن ما سقط لم يكن لنا ولو كان لنا لبقي
وأن الالتفات الدائم إلى الخلف يُنهك القلب ويُعمي البصيرة عن الطريق الذي ينتظرنا
الرجل حين يعلق في الماضي يفقد اتزانه الداخلي
يُرهق عقله بمحاولات لا تنتهي لإعادة ترتيب ما تهدّم
يبحث عن منطق يبرر الألم فيقع في فخ التحليل المستمر ويستهلك طاقته دون أن يتحرك خطوة
أما المرأة فحين تستدعي الماضي تُعيد معه إحساسها الأول
تعيش الموقف بكل وجعه وتفاصيله فتتعب مرتين: مرة حين حدث ومرة حين تذكّرته
وكأنها تمنح الجرح عمرًا جديدًا كلما فكرت فيه
كلاهما يختلف في الطريقة لكنهما يلتقيان في الجوهر
فالماضي حين يُستدعى يأكل من الحاضر بصمت ويترك أثرًا ثقيلًا في الروح
ومع ذلك هناك لحظة بعد الهدوء حين نتوقف عن المقاومة ونفكر بصفاء
فنكتشف أن الحل كان واضحًا منذ البداية لكن الضجيج كان يحجبه
عندها ندرك أن النضج ليس في ألا نتألم بل في أن نعرف متى نتوقف عن استدعاء الألم
وعندما يشعر القلب بالثقل يمكننا أن نقرر بلطف وهدوء أن نسمح لما انتهى بالمرور من حياتنا دون مقاومة
وأن نعيد تركيزنا على ما نستطيع تغييره اليوم وعلى الجهد الذي بذلناه بالفعل
التوقف عن إعادة تشغيل الماضي يمنح الرجل راحة للعقل وللروح
ويمنح المرأة فرصة لتعيش حاضرها بلا ألم مزدوج
فالسكون والهدوء الداخلي ليسا هروبًا بل اختيار واعٍ لخلق مساحة جديدة للفرح والثقة بأن القادم أفضل
لذلك دع الماضي يمر وابدأ بالحاضر بقلب خفيف
اعلم أن القوة الحقيقية ليست في الإمساك بما رحل بل في أن تمضي بخطوات هادئة نحو ما سيأتي
وأن كل يوم جديد فرصة لتعيش بدون ثقل الأمس وتثق في نفسك وفي ما بذلته من جهد



