كاتب ومقال

كلمة ورد غطاها| أنت مش عارف ولا مش عايز؟

في بعض الندوات وورش العمل التي أحضرها، سواء مستمعًا أو متحدثًا، نجد أحدهم – أو أحداهن – قد رفع يده في فقرة الأسئلة موجهًا السؤال التالي إلى المنصة: “محتاجين ندوات زي دي أكثر ومحتاجين تتوجهوا للشباب وللجامعات والأندية… الناس محتاجة تعرف الكلام المهم ده”.

وهنا تبدأ المنصة في التململ قبل أن ينطلق أحد المتحدثين واعدًا بأن هذا الطلب بالفعل موجود في الخطة الاستراتيجية لنشر الوعي، وأن هذه فكرة نيرة لا يختلف عليها أحد. وأن المنصة بالفعل وضعت هذا الاقتراح نصب عينيها وستعمل عليه بجد واجتهاد.

والحقيقة أنه بالرغم من وجاهة الطلب ودبلوماسية الرد، إلا أن هذا المشهد قد يكون مناسبًا تمامًا إن كنا في حقبة الستينيات أو قبلها أو بعدها بسنوات أيضًا، حين كانت وسائل الإعلام تقليدية ومحدودة في الموضوعات وفي الانتشار أيضًا. إلا أن العصر الحالي، الذي تحول فيه الإعلام التقليدي إلى النمط الرقمي وانتشرت تطبيقات التواصل الاجتماعي بين مختلف الفئات، وتنوعت أساليب الوصول إلى المعلومات من حواسب آلية وهواتف ذكية وغيرها، يجعلني أجد أن هذا السؤال يحمل نوعًا من التواكل أو محاولات إلقاء اللوم بعيدًا عن سائله وعن الشباب الذين يتحدث عنهم.

فما هو متوفر لدى شباب اليوم من مصادر للمعلومات والمعرفة في صورها المختلفة هو فرصة غير مسبوقة عبر كافة العصور والأزمان التي عاشها البشر وخاضوا فيها صعوبات متعددة من أجل الوصول إلى جزء بسيط من معلومة، يستطيع أي شاب حاليًا أن يحصل على عشرات الأضعاف في أقل من ثانية وبضغطة زر على هاتفه الذكي، تمامًا مثلما يقوم يوميًا بمتابعة أخبار سوزي الأردنية وكروان مشاكل وأم خالد وغيرهم من نجوم هذا الزمن العجيب.

ولذلك، بالرغم من أن النوايا لا يعلمها إلا الله، فإن تصريح أحدهم بأنه في قمة الظمأ وأمامه الماء ويرغب فقط في قيام أحدهم بصب الماء في فمه، بالرغم من قيامه هو شخصيًا بتجرع العديد من كؤوس الخمر دون أن يطلب المعاونة أو يقوم بالتهليل وإلقاء اللوم على أحد.

لذلك، فإنني أعتقد أن غالبية السائلين لا يرغبون في الاطلاع على المعارف المفيدة ولا يرغبون في بذل أي جهد من أجل تطوير حاضرهم أو مستقبلهم، وأستثني من هؤلاء من يشعر أحيانًا بصعوبة أو استحالة فهم موضوع معين، وهذه تكون فعلاً مسؤولية العارفين الذين يقومون أحيانًا بتعقيد الأمور وانتقاء المقعر من الألفاظ والمصطلحات بغية إضفاء هالة زائفة من العمق.

لذلك، وبغض النظر عن تلك الحالات الاستثنائية، أرى أن الغالبية لا تريد أو ليس لديها الرغبة في المعرفة، ولكنهم يتحججون بعدم المعرفة. لذلك، عندما أقوم بمواجهة السائل، فإنه يتوقف تمامًا عن الانفعال، خاصة عندما يستمع إلى العبارة النهائية التي تقول: “انت مش عايز مش مش عارف”.

بقلم
المهندس زياد عبد التواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى