كاتب ومقال

كبسولة عم فؤاد| مش هنسأل مجرب ونسأل طبيب

بيحضرني قول الإمام الشافعي “لا أعلم بعد الحلال والحرام أنبل من الطب”.. في البداية لازم نتفق على أن مهنة الطب مهنة إنسانية في الأول والآخر وهتفضل طول عمرها كدا، ودا بمعني ايه؟

عشان تكون طبيب واسمحوا لي استخدم كلمة طبيب مش دكتور لأني مقتنع أن الطب مهنة مش درجة علمية، نرجع لكلامنا ونقول عشان تكون طبيب ناجح فلازم يكون جمب علمك دور أخلاقي وكمان عندك شعور وإحساس إنساني، لأن الطب مهنة بتحتاج للرقة والحنان والعطف والحرص والأمانة، وكمان الكلمة الطيبة والتعايش والتقرب من المريض والتعاطف معه.

يعني من الآخر كدا مهنتك هتكون إنسانية لما تكون في خدمة الأرواح اللي ربنا جندك لها عشان تكون أنت سبب في شفاء للمتألم وللأرواح اللي خلقها ومش مجرد مصدر للترف والثروة..

زمان كان فيه لقب حكيم ودا اللي كان بيتقال على الطبيب، حتر نقابة الأطباء الموجودة في شارع القصر العيني اسمها دار الحكمة، اد ايه اللقب دا صح ومريح عارفين ليه؟، لأنه بيجمع ما بين الطب وكمان الحكمة، فالطبيب في الغالب لما يجي يكشف يقوم يسأل أسئلة ويقدم نصايح في الأكل والشرب والدوا وتحديد المواعيد بدقة، كمان كانت مهنة الطب بتتداخل مع أسئلة ونصائح عن العادات الاجتماعية..

وكمان الطبيب هو الشخص اللي في أيده طمأنة المريض وأهله، أو قلقهم وخوفهم، وعشان كدا لازم يتم التعامل مع المريض وأهله ودواه بكل حكمة وضمير، لقب حكيم امتد من أيام المصري القديم، وكمان مواجهة الأعراض الجسمانية والنفسية ودا بيتطلب حكمة بالغة، عشان كدا كل حكيم طبيب ومش كل طبيب حكيم، فيه فرق كبير بين الحكمة والتطبيب.

ودا اللي فقدناه في الوقت الحاضر إلا من رحم ربي، الأطباء الحمد لله نسبة كبيرة منهم يمكن بتوصل لـ90% ملتزمين بالكلام اللي فوق دا لكن كلامي الجاي لنسبة للأسف محسوبة على المهنة الطب عندهم للأسف بقى سبوبه زي مابيتقال كدا بالبلدي والطبيب فيهم فقد روح الحكمة والإنسانية.

للأسف الأطباء دول بتتعامل مع المرضى على أساس مهني بحت كأن المريض عبارة عن جهاز حصل فيه عطل وعليه أنه يصلحه وفي المقابل ياخد أجر، والأمراض اتحولت لأعطال بشرية وبقى التعامل مع المريض على أنه جهاز فيه شوية أعضاء رئة.. كبد.. طحال.. قلب.. أسنان وغيرهم، كل الأعضاء دي اتحولت بمجموعها لإنسان والمريض اتحول بالمعادلة دي لرقم في ملف أو نمرة فىدي أرشيف مستشفى، وبقى يتم التعامل مع أوراق وأرقام التحاليل وصور الأشعات ويتم تجاهل ونسيان المريض نفسه..

احنا فقدنا الحكيم اللي بيتعامل مع الإنسان في الأول والآخر وقبل ما يلجأ للأشعة والتحاليل يقعد يسمع شكوى مريضه ويسأله ويعرف منه تاريخ مرضه ويقدر يعرفه بالحكمة والفراسة والبصيرة قبل ما الأشعة والتحاليل اللي بقت هي بتحدد..

احنا فقدنا روح الحكيم اللي بيحنو ويطبطب ويتفاعل، الحكيم اللي كان الـ 24 ساعة مهتم بمرضاه ومشاكلهم الصحية واللي مش بتنقطع علاقته بيهم بمجرد انتهاء الكشف وقبض الفيزيتا..

دا زمان كان فيه حاجة اسمها طبيب العيلة ودا أحسن وصف له لأنه كان بيبقى كأنه فرد من العائلة مسؤليته الاهتمام بباقي أفرادها، صدقوني العلاقة دي انتهت وانضم المستحيلات التلاتة،  لأن بقي في المقابل الفئة التانية اللي بيتعامل مع المريض على أنه حالة لها وقت معين ولازم يستفاد منها ماديا مش شرط علاج ناجح أو فاشل، والفئة دي من الأطباء مع الأسف في تزايد وكأن العيادات انقلبت لورش للتعامل مع الأجهزة ومش البشر المرضى.

ياريت نرجع للأطباء اللي بتحكمهم قوانين ومبادئ
المهنه ومبادئه هو ومعتقداته وضميره قبلهم، لازم نبقي عارفين وفاهمين ان اللي مش هيلتزم بدا هيكون خان المهنه والأمانة، وساء استخدام الثقه اللي بيديها له المريض.

تعالوا نرجع لاعتبار مهم وهو أن مهنة الطب من أعظم وأشرف المهن الإنسانية وأكثر المهن رحمة، نفسي ترجع صورة دكتور مشالي ودكتور مجدي يعقوب، عشان ترجع الثقة والحب بين المريض وطبيبه، صدقوني بكدا مش هنسأل المجرب ونجري نسأل الطبيب..
مش كدا ولا اييييييييييييه؟

بقلم
عمرو مرزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى