كاتب ومقال

دار في خاطري| القدوة والمثل الأعلى

بقلم: ريم السباعي

هل أنت قدوة؟ ومن هو قدوتك؟ ومن هو مثلك الأعلى؟ وكيف تكون قدوة يحتذى بها؟ وهل من الممكن أن يحيا الإنسان بلا مثل أعلى؟! هل من الممكن أن يسقط المثل الأعلى للإنسان فيتحطم وينتهي؟!

من منا ليس لديه قدوة ومثل أعلى يحتذي به فيكون منارته في سبيله ليصل إلى مبتغاه، فالأم والأب هما أول قدوة يجدها الإنسان في حياته، فتجد الطفل في بداية إدراكه لما حوله يحاكي أبويه محاكاة دون وعي أو إدراك لما يفعل أو يقول، ثم تأتي مرحلة الإدراك، فيجد كل فعل لوالديه أو قول هو الصواب ودونه الخطأ، ثم تأتي مرحلة جديدة يتعرف فيها الطفل على أناس غير والديه يجدهم القدوة أيضا، مثل المعلم في المدرسة الذي علمه دروسا جديدة، أو الطبيب الذي يعالجه من مرض ألزمه الفراش، أو الضابط الذي يقبض على اللصوص.

وعندئذ يدرك بأن والديه ليسا هما فقط على صواب، فيجد قدوة جديدة لا تمحو سابقاتها بل تقف جنبا إلى جنب معها، وتبدأ تتكون لديه الصورة التي يتمنى أن يكون عليها في المستقبل، فيدرك مثله الأعلى ويحتذي به، فيصبح المثل الأعلى في الحياة وكافة أمورها هما الوالدين، بينما يصبح الضابط مثلا هو المثل الأعلى لمستقبله.

وهنا تجد الطفل يقول إنه سيصبح ضابطا في المستقبل، وذلك لكي يخلص الناس من اللصوص والمجرمين، ويحافظ على الأمن، وغير ذلك مما يراه في مثله الأعلى، فيشب الطفل وبداخله مبادئ وقيم رسخت بداخله من خلال التربية التي تلقاها من والديه، ومن خلال قدوته في العالم المحيط به، فيحاول تطوير ذاته فيجمع ممن حوله كل جميل ليزرعه بداخله ليحقق ما يتمناه، وبعدها سيصبح خير قدوة لأجيال قادمة ستجد فيه المثل الأعلى لها.

إذن فكل إنسان قدوة، أجل! فأنت قدوة لأجيال قادمة كما كان السابقون قدوة لك، فإن أحسنت خلقك فكنت خير قدوة، وإن أسأت فأنت بئس القدوة والمثل الذي يحتذى به، فعلى سبيل المثال تجد أبوين يتعاملون مع طفلهما بالكلمات الطيبة، فينشأ على الخلق الحسن، فلا ينطق إلا بطيب الكلام، وعلى النقيض تجد أبوين لا يتحدثان إلى طفلهما إلا بالسب وقبيح الكلمات، فتجده دائم السباب ولا ينطق إلا بقبيح الكلام، والعجيب أنك تجده لا يدرك أنه مخطئ، أو ما تفوه به كلام قبيح لا يصح التفوه به ، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فهذا ما كان دائما يسمعه من أبويه أي من قدوته، فكيف له أن يدرك الخطأ؟!

أجل! فانت قدوة بفعلك وقولك، فعليك أن تكون قدوة حسنة لتترك أثرا طيبا يبقى ولا يعرف الفناء مادام يسكن في نفوس أجيال تتوارثه، كما كان قدوتنا ومثلنا الأعلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فهو خير خلق الله خَلْقا وخُلُقا، فهو القدوة الحسنة بكلامه ومواقفه، فهو باق بداخل كل من يحتذي به، فذكراه خالدة لا تفنى ولا تندثر وذلك لطيب قوله وفعله.

وفي صدد الحديث عن حسن القول والفعل وقبيحه، فهل من الممكن أن تسقط القدوة، ويتحطم المثل الأعلى؟! نعم! وذلك عندما تكون القدوة غير صادقة، عندما يكون المثل الأعلى كاذبا، يدعي ما ليس فيه، وينطق بما لا يفعل، فسرعان ما يفتضح أمره ويسقط عن وجهه القناع المزين الجميل، ويظهر قبح وجهه الحقيقي، فيسقط ويتحطم، فلن يعود قدوة مرة أخرى مهما فعل ومهما ارتدى من أقنعة مزيفة، فمن ينكشف وجهه الحقيقي يصبح من السخف أن يرتدي أقنعة ليخدع بها الناس من جديد.

اقرأ أيضًا: دار في خاطري| من يجني الورد؟!

نبذة عن الكاتبة

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى