كاتب ومقال

دار في خاطري| وما قوتك إلا ضعفًا

بقلم: ريم السباعي

ريم السباعي

هل انت قوي؟ ما هو مصدر قوتك؟ وما هو نوع قوتك؟ هل تثق بقوتك؟ وهل تعتقد أنها سبب استمرارك في الحياة؟ أتظن أنها أهم ما تحتاج إليه في الحياة؟

يعتقد الكثيرون أن القوة ما هي إلا القوة الجسدية، فحين تسأل أحدهم هل أنت قوي؟ فيسرع في إبراز عضلاته كرد سريع يخبرك به بأنه قوي، وحين تري شخصا ما يحمل عددا كبيرا من الكيلو جرامات فعلى الفور تقول أنه قوي، وحين تقنع طفلك بتناول طعامه فتقول له لابد أن تأكل حتى تكبر وتصبح قويا … وهكذا، لكن في الحقيقة فإن القوة الجسدية ما هي إلا نوعا من أنواع القوة، فهناك القوة العقلية وهي المتمثلة في رجاحة العقل وحسن التفكير والتصرف، وهناك القوة الروحية وهي المتمثلة في قوة الإيمان بالله عز وجل، والقوة النفسية وهي أن يستطيع الإنسان كبح جماح نفسه.

هناك من يرى أن القوة بكثرة المال، أو بالجاه والمناصب العالية، أو القوة بالعلم، وقيل في الأمثال “الاتحاد قوة” ، أو قوة التأثير في الآخرين بالقول والفعل، وغيرها الكثير، وهنا يطرح سؤال نفسه وهو هل تدرك أين مكمن قوتك؟ فالكثير لا يستطيع ادراك القوة الخفية كالقوة الروحية والنفسية، فهذه لا يدركها إلا من يمتلكها، بينما القوى الظاهرة يراها الجميع ويدركها، وفي كثير من الأحيان يخشاها، لذا فمالك القوة الخفية يبدو لمن لا يعرفه ضعيفا، ولبنائه تلك الفكرة يبدأ في إستضاعفه، ومن ثم إستغلال ضعفه الكاذب، ويستمر الحال حتى يفرض قوته الظاهرة عليه لإعتقاده بأنه ضعيف.

الحقيقة أن كل إنسان يمتلك قوة، وإن كان لا يعرف نوعها أو مصدرها، ويختلف في قوته هذه عن غيره، كما أن لكل إنسان نقطة ضعف، يعيها جيدا، ويخشى أن يعلم بها أعداؤه، ولكن هناك من يستغل قوته إستغلالا خاطئا، فتجد أحدهم يستضعف طائرا صغيرا فيحبسه في مكان بارد وهو يعلم أنه لن يستطيع البوح ببرده وألمه، أو من يحبس قطة دون طعام وشراب، أو من يعذب كلبا، فينهال عليه بالضرب المبرح، أو من يستغل منصبه لإلحاق الأذى بمن هم أقل منه في المنصب، أو الحصول على حقوق ليست من حقه.

أو من يستغل نقطة ضعف شخصا ما يحبه مثلا، فيبدأ في إيذائه وهو على يقين بأنه لن يرد ذلك الأذى بالأذى، ومنهم من يجد في ماله القوة فينفقه في تنفيذ ما هو غير مشروع، فأمثال هؤلاء يظنون أن هذه هي القوة الحقيقية، وفي الحقيقة فإن امثال هؤلاء لا يشعرون بقوتهم إلا أمام ضعف الأخرين، فهذا هو الدليل الأكبر على أن قوتهم هذه ما هي إلا ضعفا، لأن القوة لابد أن توجد معها الرحمة، وكأنهم وجهين لعملة واحدة، فالله عز وجل هو القوي وهو أرحم الراحمين.

 

نبذة عن الكاتبة:

ريم السباعي

أحد الكتاب الشباب لمنصة كلمتنا

حاصلة على ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2005

صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: رحالة في جزر العجائب

صدر لها رواية بعنوان: ويعود ليلقاها

للتواصل:

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى