كبسولة عم فؤاد| العالم الأزرق.. وهوس الترندات
لا أحد منا ينكر أن لهذا العالم الوهمي دورا بارزا في حياتنا فهو يدخل في كل تفاصيل حياتنا اليومية، ليؤثر على المجتمع وأفراده وخاصة الأطفال والمراهقين، وللأسف من المفترض أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي أداة يمكن تطويعها للحصول على بعض الإيجابيات، حتى تجعل الحياة أفضل وتجنب السلبيات مثل تبادل ومشاركة الخبرات بين الأشخاص الذين تجمعهم نفس الاهتمامات في الحياة.
ولكن للأسف الشديد أصبحت تلك الإيجابيات في خبر كان، حيث يتراءى لنا يوما بعد يوم أنها أصبحت تنطوي على سلبيات كثيرة من أبرزها هوس الترندات أو حتى فضائحها التي وصلت بالنهاية لتصبح باب لشهرة أي شخص لا يملك أي فكر أو مضمون بل أحيانا لا يملك أخلاق.
في معظم الأحيان يبني هوس الترند الخاص به على أكاذيب أو تدني أخلاقي، حيث إنه لا يملك سوي القدرة على صنع التفاهة أو شيء شاذ أو غريب لا قيمة له، ليجني من ذلك شهرة واسعة ونسبة مشاهدة عالية، وبالطبع مكسب مادي، فأصبحت صناعة التفاهة أسهل وأسرع طريق للشهرة وجني الأموال دون تعب، لذلك فإن وصف الترند بالهوس عند الشباب هو أدق وصف، لأنه أصبح مشكلة كبيرة للغاية.
وللأسف أصبح الهدف من ذلك الأمر هو الربح وجذب أكبر عدد من متابعي منصات التواصل الاجتماعى بغض النظر عن مدى السلبيات، وكانت النتيجة بالنهاية توالي شخصيات مهمشة كل هدفها أفعال قبيحة أو أفعال شاذة، واتحقيق شهرة على حساب أى شىء وكل شيء، وللأسف كلما قل مستوى المضمون كلما زادت المشاهدة .
ولعل حب الظهور والشهرة حتى ولو بشكل سلبي هو آفة من قديم الزمن وليست بحديثة ولعل واقعة شهيرة في ذات المقام لأبي الفرج ابن الجوزى، في كتابه (المنتظم)، وهي حادثة الأعرابى الذي بال في بئر زمزم فإذا بالناس ينظرون إليه وما أن تيقنوا من فعلته النكراء حتى انهالوا عليه بالضرب، فكاد أن يموت ولما خلصه حراس الحرم منهم وجاؤوا به إلى أمير مكة وسأله لما فعل ذلك فكان رده حتى يعرفه الناس فيقولون “هذا الذي بال في بئر زمزم”.
ومع وجود التواصل الاجتماعي أصبح الأمر أسهل وأسرع للشهرة، فبلمسة واحدة تحقق عشرات بل مئات الآلاف من المشاهدات ومن الأحداث التي حولت أصحابها إلى ترند على السوشيال ميديا، لعل أهونها من تقوم بعمل الكفتة وقلي السمك في غرفة النوم،
وليأتي بعدها ترندات أقل ما توصف على أنها قبيحة أو شاذة مثل عشرات الحالات لشباب وفتيات يلتمسون الربح السريع والشهرة.. والأمثلة كثيرة كفتاة سقارة.
وأيضاً الشاب الذي قام بفضح حبيبته السابقة والتشهير بها أسفل منزلها بالصياح والنداء عليها وعلى والدها وخطيبها، ونكتشف بعد أن تحولت تلك الواقعة لترند بأن الشاب قال في فيديو آخر أن الواقعة بالكامل هي مشهد تمثيلى قام به بمساعدة أصدقاءه وجيرانه، وذلك لحبه للتمثيل ورغبته فى تحقيق النجومية والشهرة ولفت الأنظار إلى موهبته، كما اتذكر ظهور أم وابنتها عبر تطبيق تيك توك يحمل مقاطع فيديو أقل ما يوصف بأنها خادشة للحياء خاصة بسبب الحديث بشكل غير لائق، ومشاهد غير لائقة إذ كانت تشجع ابنتها على الفسق سواء قولا أو فعلا وكان السجن نهاية للأم والابنة بعد توالي البلاغات.
وآخر الترندات ترند الطفلة “سجدة” الذي أثر نفسيا على المتابعين فإن الطفلة بملامحها البريئة ودموعها المؤثرة أثارت حالة كبيرة من التعاطف بعد انتشار فيديو لها تقول فيه إنها تعرضت للتعذيب على يد والدتها ثم الطرد من منزل عائلتها، ليتبين بعد وقت قصير من انتشار الفيديو عدم حقيقية ما أدعته الطفلة وأثارت به تعاطف الجميع، حتى صدر هاشتاج باسم الطفلة سجدة وطالب العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تبني الطفلة وتعليمها لكن سرعان ما كشفت الحقيقة وأنها مجرد تمثيلية، وتاهت الحقيقة مابين إهمال للطفلة من ذويها أو استخدامها للشهرة من قبل البلوجر وأن رجحت كفة الاحتمال الثاني، وطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعقاب من قاموا بنشر هذه الفيديوهات خاصة أنه قد تعاطف معها الكثير والكثير.
ولم ينتهي الأمر حتى ظهرت فتاه كفر الدوار وهي تستجدى رواد وسائل التواصل الاجتماعى بالاشتراك في قناتها على اليوتيوب هي وزوجها..
وأخيرا أحب أوضح أن ظاهرة التريند أصبحت موجودة في العالم كله وليس فى مصر فقط، ولكن العالم الأجنبي يوجد فيه توازن بين التفاهات والتريند القيم، بينما للأسف الشديد نجد الكثير والغالبية من المواطنين تجري وراء كل ما هو تافه فالناس تبحث عن التسلية بغض النظر عن الضرر الواقع.
حاولت كثيراً التفكير في كيفية حل تلك الظاهرة المؤسفة.. لكني عجزت عن التفكير.. هل لديكم أي حلول؟