حواراتكلام رجالة

الروائي والقاضي أشرف العشماوي لـ”كلمتنا”: “مواليد حديقة الحيوان” خيالية لكن لها نصيب من الواقع

كتبت: وفاء حسن

بدأ الروائي والقاضي “أشرف العشماوي” مسيرته الكتابية عام 1999 ليصبح من أهم الكُتاب المصريين، كانت الكتابة له هواية، تقتصر على عائلته فقط، لكن مع مرور الوقت أصبحت رواياته تصل للعالمية ويتم ترجمتها، مثل كتاب “سرقات مشروعة” الذي تم ترجمته للغة الألمانية، ورواية “سيدة الزمالك” وغيرها، كما حصلت روايته على العديد من الجوائز.

فوصلت رواية «بيت القبطية» للقائمة القصيرة جائزة ساويرس للثقافة عام 2020، كما حصل على جائزة الرواية ضمن جوائز معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2021 عن رواية صالة اورفانيللي، وحصول رواية «الجمعية السرية للمواطنين» علي جائزة كتارا في قطر لعام 2023، وغيرها من الجوائر.

كانت لـ كلمتنا لقاء مع الروائي أشرف العشماوي عام 2021 عن روايته “صالة أورفانيللي” واليوم يتجدد اللقاء معه، للحديث عن آخر رواياته “مواليد حديقة الحيوان”، فنشارك العشماوي في رحلة عبر 3 روايات مختلفة، يتشابك فيها الخيال مع الواقع بخيط شفاف، ليحكي لنا عن كواليس روايته، والمخاوف التي انتابته في هذة التجربة الأدبية المختلفة..

• سبق وكان لنا معاً حوار صحفي حول “صالة أورفانيللي” ما الذي تغير في المستشار والروائي “أشرف العشماوي” في الفترة بين الروايتين؟

صالة أورفانيللي كتبتها عام 2019 وأنهيتها عام 2021 ومن يومها إلى اليوم تغيرت أمور كثيرة، كتبت بعدها رواية الجمعية السرية للمواطنين وهي مغايرة تماماً لغالبية رواياتي السابقة عليها ومن بينها أورفانيللي، ونشرت بعد ذلك السرعة القصوى صفر وهي أيضاً بعيدة عن عالم مزادات أورفانيللي تماماً، لكن التحدي أنها في نفس الفترة التاريخية من أيام الملك حتى نهاية الستينيات، أنا أحب تلك اللعبة وهذا التحدي، إدهاش القارئ واجب على كل روائي وإلا لا قيمة كبيرة لما يكتبه، منذ أسابيع نشرت آخر أعمالي وهي ثلاث روايات قصيرة في تجربة جديدة تماماً بعيدة كل البعد أيضا عن كل أعمالي السابقة، أظن أنه يمكن تلخيص التغيير في كلمة واحدة “التطور”.

• لماذا اخترت “مواليد حديقة الحيوان” تجمع بين 3 روايات منفصلة في كتاب واحد؟

الحقيقة أنا ترددت كثيراً قبل النشر، كنت في حيرة ما بين كتاب واحد أو نشر رواية مزرعة الخنازير منفصلة، ثم أخذت رأي أدباء وأصدقاء أثق فيهم، بعضهم اقترح النشر المجمع والبعض الآخر كان يرى أن مزرعة الخنازير رواية مكتملة وليست نوڤيلا، ويمكن أن يتم فرد بعض خيوطها لتنشر في نحو مائتي صفحة تقريباً، لكن أنا كنت اميل لهذه التجربة، مجموعة روائية مجموعة روايات قصيرة يربط بينها خيط واحد شفاف هو غياب الإنسانية، وفكرة أن الإنسان مُسير وليس مُخير، ثم أضفت عناوين الكلمات المتقاطعة في كل الروايات وفعلت ذلك عن اقتناع، أن القماشة تسمح بذلك دون إقحام على النص، وفي النهاية اخترت النشر المجمع لكن حتى خروج النسخة الأولى من المطبعة وتوزيعها على المكتبات كنت هادئ ومن بعدها بدأت أتوتر قليلاً في انتظار رد الفعل، الحقيقة أنني كنت خائفاً من التجربة لكن الآن الحمد لله أظن أن القراء استقبلوها استقبالاً جيداً، أعتقد أنني إلى حد كبير كنت موفقاً في الاختيار، على كل حال الكتابة الأدبية تقوم على التجريب ولا بد من خوض التجربة.

• “مواليد حديقة الحيوان” تأخد قارئها إلى رحلة تفوق الواقعية، فالمسافة بين الواقع والخيال خيط شفاف، فهل شخصيات وأحداث الروايات الثلاثة من واقع “أشرف العشماوي”؟

شخصيات الروايات الثلاثة خيالية تماماً لا وجود لها في الواقع كلها من خيالي والأحداث بالطبع خيالية أقرب إلى فانتازيا خاصة في روايتي، مزرعة الخنازير ومواليد حديقة الحيوان ربما الرواية الأولى واقعية إلى حد كبير لكنها أيضا مبناة على التخييل، لكن في الوقت ذاته كل رواية لها نصيب من الواقع، بمعنى أن هناك من ولد في حديقة الحيوان بالفعل بحكم عمل والده مديراً للحديقة، وأنا اعرف أحدهم، وهناك من باع لحوم الخنازير على أنها لحوم بقر وأنا حققت في قضايا من هذا النوع، عندما كنت وكيلاً للنيابة، وهناك من تورط في قضايا بدلاً من آخرين مثل ما حدث في الرواية الأولى، لكن الطريقة أو التغليف الذي أقدم به الحكاية للقارئ وما أردت قوله وقراءتي للمشهد هو الذي يختلف وهو الذي أعتمد فيه على خيالي فقط ولا شئ آخر.

• “مواليد حديقة الحيوان “تحمل عناوين 3 روايات: «كابينة لا ترى البحر» و«ومزرعة الخنازير» و«مواليد حديقة الحيوان».. لماذا اخترت اسم الكتاب بهذه الرواية دوناً عن غيرها من الروايتين الأخريين؟

الحقيقة اختيار العنوان مشكلة وأنا من المدرسة التي تميل إلى أهمية العنوان عكس آخرين لا يولوا اهتماماً كبيراً للعناوين، في هذا الكتاب كان الخيط الشفاف بين الروايات هو كل الصور خادعة لكنه لا يصلح عنواناً للكتاب وهو أقرب لعنوان مقال، وعندما كنت أراجع البروڤة النهائية، وجدت أن الأبطال الثلاثة صاروا في مرتبة الحيوانات بالنسبة للمجتمع فاخترت عنوان مواليد حديقة الحيوان لأنه ينسحب عليهم جميعاً ويناسبهم وأيضا به جاذبية وغموض وفي الوقت ذاته جديد، ربما يقال لأول مرة على حسب ما قرأت. وبعد النقاش مع ناشري وجدناه مناسباً جداً فتم اختياره.

• صرحت أنك استشرت 4 أدباء لتقديم 3 روايات قصيرة فى «مواليد حديقة الحيوان».. هل كنت قلقاً بلخبطة أحداث ال 3 روايات في عقل القارئ، أم كنت قلق بشأن هذه التجربة المختلفة؟

أنا كما أوضحت كنت قلقاً للغاية من التجربة لأنني أكتب رواية طويلة، وأقصر رواية عندي كانت أربعون ألف كلمة مثل البارمان، وتويا، وزمن الضباع، وبيت القبطية، وفيما عدا ذلك أنا أصل لسبعين ألف كلمة وأحيانا تسعين ألف كلمة، مثل تذكرة وحيدة للقاهرة، أنا بطبعي حكاء وأميل للقماشة العريضة في كتابة الرواية لكن هذه التجربة مختلفة، قطعة القماش لا تحتمل القص أو الهدر، كل كلمة وكل فقرة وكل فصل لا بد أن يؤدي أكثر من المطلوب، كان الأمر صعباً لكن التجربة كانت ممتعة في الكتابة، لكن يظل بعض القلق مصاحباً لي بعد النشر وحتى يقرأ الناس واعرف رد الفعل، أنا غالباً أنتظر ثلاثة أشهر، حتى يمكنني أن أطمئن على عملي المنشور واستطيع تقييم نجاحه.

أما استشارة الأدباء أو الأصدقاء فكانت لمعرفة رأيهم في التجربة فنياً، والحمد لله قدموا لي نصائح غالية وأشادوا بالعمل، عدا واحداً لم يعجبه ما كتبت وطلب مني عدم النشر، وعاتبني عندما علم أنني نشرت الكتاب، انا بالطبع أحترم رأيه لكني في النهاية أخذت القرار بمفردي واتحمل مسؤليته.

• أعلنت عبر صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي عن تعرض هذا العمل الإبداعى للقرصنة فور طرحه، من خلال نسخ مزورة تنقص 70 صفحة كاملة عن العمل الأصلي.. ما هي تفاصيل هذه الواقعة عليك بعد تعب عام كامل في هذا العمل الروائي، ومن وجهة نظرك إلى أي مدى ترى تأثير الكتاب الإليكتروني، سواء بالإيجاب أو السلب؟

الحقيقة موضوع تزوير الكتب صار كابوساً بالنسبة لي ولعنة لا تريد أن تفارقني، أنا رواياتي يتم تزويرها بعد نشرها بأيام قليلة، هؤلاء يسرقون الفرحة ويئدون البهجة ويخربون صناعة النشر، لأن كتبي وحدها لا تزور إنما غالبية الكُتاب يتم تزوير أعمالهم، الحقيقة أنا يائس جداً من وجود أي حلول.

• أعلنت أن غلاف الكتاب فكرة “أحمد مراد” أعجبني بصفة شخصية لأنه واقعي وملامح الطفل تحمل ملامحنا وواقعنا.. كيف جاءت تفاصيل فكرة هذا الغلاف الإبداعي ؟

أنا وأحمد مراد أصدقاء منذ سنوات بعيدة، مراد فنان موهوب ولماح وذكي، في هذا العمل فعلنا ما نفعله في كل غلاف يصممه لي، أحكي له أفكار الروايات وعناوينهم وأحيانا يحتاج أن يقرأ النص وهذا يسعدني، وأحيان أخرى يكتفي بملخص ثم نبدأ في تحديد أفكار من خلال مشاهد معينة يطلب مني تحديدها باعتبارها لافتة، ومن بينها مشهد الطفل الذي تصدر الغلاف وهو أحد مشاهد الرواية المهمة، عادة مراد يقدم عدة تصورات لكن هذا الغلاف كان الأفضل وحدث إجماع عليه حتى من عائلة مراد، الألوان جاذبة والصورة لافتة ونظرة الفتى حزينة ومعبرة، وأيضا ظهرية الكتاب مصممة بشكل جمالي لافت ومتفرد، مراد في رأيي أفضل من يصمم أغلفة، ولي تجارب ناجحة معه في روايات المرشد، وتذكرة وحيدة للقاهرة، وسيدة الزمالك.

• ماذا عن العمل القادم للروائي المبدع “أشرف العشماوي”هل يوجد مخططات لديك تصرح بها لـ”كلمتنا”حصرياً؟

لم أحدد العمل القادم حتى الآن، أنا في فترة راحة بعد إصدار الرواية منذ نهاية مايو الماضي وربما استمر كذلك حتى نهاية الصيف، ربما فيما بعد أفكر في تكرار تجربة كتباة النوڤيلا، فلدي أفكار تصلح لكن إلى الآن لم استقر على أي شئ، واستمتع حالياً بقراءة الكتب التي صدرت هذا العام.

• ما هي نصيحتك للشباب الذين يحبون الكتابة ويرغبون في كتابة أعمال أدبية؟

عادة لا أحب تقديم نصائح، الموهوب تفضحه الموهبة، فقط عليه أن يكتب ونرى، ربما النصيحة الوحيدة التي اقولها أيضاً لنفسي باستمرار هي ضرورة القراءة، لا كتابة بغير قراءة.

اقرأ أيضًا: 5 أسرار لتخطي الخذلان العاطفي.. الكاتبة غادة كريم في حوار خاص لكلمتنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى