كاتب ومقال

دار في خاطري| طلاب تحت المجهر

حدث فريد من نوعه يحدث في كل عام ينتظره الجميع ممن يخصهم الأمر، وممن لا يعنيهم بأي شيء، فتجد الجميع في حالة تأهب، ينتظرون ويتابعون ويدخلون بآرائهم، إنها نتيجة الثانوية العامة.

لماذا تحدث كل هذه الضجة لطلاب الثانوية العامة؟! لماذا لا يتعاملون مع ذلك العام كأي عام عادي يمر على الطلاب؟! ألأنه عام تحديد المصير وتمهيد أول خطوة نحو المستقبل؟! ولكن أي مستقبل هذا الذي يجعل الطلاب في ضغوط نفسية وبدنية وذهنية، فيجد الطالب نفسه وكأنه وضع تحت المجهر، فجميع من يعرفه ينتظر معرفة نتيجته، وبأي كلية سيلتحق.

إن الثانوية العامة عام دراسي لا يختلف عن أي عام غيره إلا بتلك الضجة التي يحدثها الناس، فيصاب الطلاب بالخوف والقلق الذي يؤثر على بعضهم تأثيرا سلبيا، فتجد طالبا متفوقا لا يستطيع اجتياز الامتحانات بسبب خوفه وقلقه، وتربص الآخرين به، فيظن نفسه قد أبلى بلاء حسنا ثم يجد نفسه وقد حصل على مجموع أقل بكثير مما كان يتوقع أو يحلم به هو وعائلته.

لماذا كل هذا العناء؟!! لابد أن يكون الأمر أبسط من ذلك، لابد من توعية الآباء والأمهات لأبنائهم بأن ذلك العام عام عادي لا يختلف عن غيره من الأعوام الدراسية، ولابد من معرفة أحلام أبنائهم وتشجيعهم بأساليب إيجابية لتحقيقها، ويتجنبوا الوقوع في خطأ لا ينتبه له الكثير وهو أن تجد الأب يريد أن يلتحق ابنه بكلية معينة، وذلك لأنه أراد الإلتحاق بها في الماضي ولم يستطع، أو لأي سبب آخر كشكل اجتماعي، أو لأن بتلك الشهادة عمل مضمون دون غيرها، أو تفاخرا بين الناس، ولا يراعي في كل هذا حلم ابنه ورغبته بالالتحاق بكلية أخرى ربما لا تروق له، فذلك يسبب للطالب ضغط نفسي آخر.

ولابد أن يعي الطلاب أمرا هاما وهو أن جميع الكليات بلا استثناء مهمة، ولا تقل إحداهن أهمية عن غيرها، فالمجتمع بحاجة إلى التنوع والاختلاف حتى يكمل بعضه بعض، ولابد من إنهاء أسطورة كليات القمة التي تختار صفوة الطلاب من الحاصلين على أعلى مجموع في الثانوية العامة.

إن ذلك التقسيم في الكليات يعود إلى حاجة كل كلية وعدد الطلاب المسموح لإستيعابها، فإن استطاع الطالب تحديد قدرته وتوظيفها في الكلية المناسبة بغض النظر عن المجموع لكان ذلك أفضل له في جميع الأحوال، فعندما يلتحق الطالب بكلية ملائمة لقدراته، سوف يبدع فيها، ويصبح راضيا عن نفسه وعن دراسته، وينعكس ذلك إيجابيا على مستقبله بعد التخرج، فذلك أفضل من الصراعات حول الكليات لأسباب بعيدة كل البعد عن القدرات فينتج عنها الإحباط وربما الفشل.

وفق الله كل من يسعى إلى هدف نبيل، بسبيل شريف، فيتحقق له ما يتمناه، وتمهد له السبل فيخرج أجمل ما بداخله في دراسته وعمله، فيصبح فردا ذو فائدة ونفع.

ولكن من لم يوفق فلابد من الوقوف بجانبه لتحويل محنته إلى منحة، ومساعدته في تجاوز الصعاب، وتبقى المحاولات مستمرة حتى يصل إلى الهدف المنشود، فذلك أفضل من إحباطه، فيشعر بالخزي والخذلان، وتهتز ثقته بنفسه، فتضعف قدراته في تحقيق أبسط الأحلام.

بقلم: ريم السباعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى