كلام رجالة

في ذكرى وفاته.. أغرب الأحداث في حياة زعيم الأمة سعد باشا زغلول

مشاهد متعددة وحقيقية انفردت بها ثورة 1919″ قلب عمال الترام للترام اعتراضًا منهم على سوء الوضع الاجتماعي والسياسي” “أول مشاركة نسائية في الثورات” ” احتضان الهلال مع الصليب” ” الدين لله والوطن للجميع” كان شعار الثورة الذي خرج يهتف به الآلاف من مختلف فئات الشعب، نساء، رجال، أطفال، عمال، مختلف الأديان وحتى صفوة المجتمع من نساء البشوات ورجالهن.

ولا ننسى زعيم الأمة، وصانع الثورة، سعد باشا زغلول “سعد..سعد.. يحيا سعد”، “نموت..نموت..وتحيا مصر” هتافات لا حصر لها نادى بها زعيم الأمة ومن وراءه آلالاف المشاركين، والسر في ثورة 19 كان في كلمتها ووحدانية العزيمة، كانت “مصر” ليخرج الجميع ينادي بها وبمجدها وبالحفاظ عليها، عاشقًا لترابها مسلمًا أو مسيحيًا، ثورة لا تعرف التفرقة في الجنس أو الدين ولا السن، الوحدانية في رفض الاستعمار والسعي نحو الاستقلال.

وفي مثل هذا اليوم 23 أغسطس ذكرى وفاة زعيم الأمة، سعد باشا زغلول، تسلط “كلمتنا” الضوء على أغرب وأهم المحطات في حياته.

سعد يهتف باسم الصعيدي “توفيق اندراوس”

1918 وبينما يجلس سعد باشا زغلول في مكتبه يؤلف المجموعة الوطنية للمطالبة بالاستقلال عن بريطانيا، تقدم شاب صعيدي يبدو عليه أنه من أغنياء المجتمع انتهى للتو من دراسته في أكسفورد لمقابلة سعد باشا زغلول، وبالفعل وافق الزعيم على مقابلته، وعبر عن مدى اعجابه بفصاحة وجرأة توفيق برغم صغر سنه، ووافق فورًا على التحاقه والانضمام للحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال عن الاحتلال البريطاني.

اتحد توفيق اندراوس، فخري عبد النور و ويصا واصف، وأعلنوا تأييدهم للحركة الوطنية المصرية نيابة عن أقباط مصر لنيل الاستقلال عن التاج البريطاني، وتفويض سعد زغلول، عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي، بالتقدم للمعتمد البريطاني، بالرغم من المحاولات الشديدة التي جاءت من الإنجليز والحكومة لإبعاد توفيق عن الانضمام، إلا أنه أصر على ذلك.

من هو توفيق اندراوس؟ 

ولد الزعيم الوطني في 1893، بمحافظة قوص، جنوب الأقصر، لأسرة عريقة وثرية، والده هو أندرواس باشا بشارة من أثري أثرياء مصر آنذاك، ورث توفيق عن والده حب العمل الخيري والسياسي، وعرف والده بالأوقاف الخيرية، تبرع بمئة فدان من أملاكه لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة وعشرة أفدنة أخرى لخدمة المدرسة الصناعية، وبني مدرسة الأقباط ومسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين وغيرها من المشروعات الخيرية.

سعد زغلول يهتف “اندرواس” في الأقصر

“ليحيا توفيق بك أندراوس” في الأقصر 1921، توجه سعد باشا زغلول إلى عواصم الصعيد، فقام اندرواس وأشقائه بأصول مكارم الضيافة، واستقبلوا سعد باشا زغلول في قصرهم المجاور لمعبد الأقصر، وعن التفاصيل الكثيرة للمقابلة، لقد كان مرسى الباخرة هو سلم سراي النائب العام، وقد احتجت الأجواء من حوله بهتافات الناس واحتفالهم والبيوتات الكبيرة امتلأت ومن على سطحها وشرفاتها هتفت، وبدلاً من أن تحاصر الباخرة بالعساكر والجيوش، حوصرت بحب الناس والقلوب الصافية النوادر.

ونظرًا لهذا الاستقبال الفاخر عبر سعد باشا زغلول عن فرحته بهم، فرحة الأب المتهافت على أولاده فخورًا بما صنعوه لأجله، وهتف الجميع “يحيا سعد” ليرد عليهم سعد باشا زغلول ” قولوا معي ليحيا توفيق بك أندراوس” ومن وقتها وحفر التاريخ اسم “توفيق اندراوس” الشاب الصعيدي الذي هتف سعد باشا زغلول باسمه، فرشحه لأول مرة للانتخاب في دائرة الأقصر ففاز بأغلبية ساحقة وكان في البرلمان يعمل بكل ما أوتى من قوة على سعادة بلاده ورفاهيتها.

يذكر أن قصر توفيق أندراوس، شهد أحداثًا تاريخية كبرى مثل استضافة القصر للزعيم سعد زغلول، بعدما أصدرت السلطات الإنجليزية بتقييد حركته، كما يحتوي القصر على العديد من التحف الفنية النادرة وسيارة مطلية بالذهب وغيرها من المقتنيات، كما شهد القصر في عام 2013 جريمة قتل ابنتى توفيق باشا أندراوس في ظروف غامضة، وجار هدمه حاليًا.

مكرم عبيد ابن سعد باشا زغلول

“اللهم يارب المسلمين والنصارى أجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصارا واجعلنا نحن نصارى لك وللوطن مسلمين” كانت تلك المقولة خير مثال على تماسك النسيج المصري الواحد، وسببًا في شهرة مكرم عبيد، الشاب الذي خلف من وراءه الغنى والأموال، وأعلن روح الوطنية والجهاد أمام الجميع والعدو الإنجليزي، مكرم عبيد من مواليد 25 أكتوبر1961، لأسرة غنية من إحدى قرى قوص بمحافظة قنا.

كان والده يعمل في مجال الإنشاءات، وحصل على “البكوية” بعد جهد كبير في إنشاء خط سكة حديد بين نجع حمادي والأقصر، وبرغم ثراء العائلة لم يمنعه ذلك من إظهار وطنيته والدفاع عن حقوق العمال، ككا درس مكرم القانون في جامعة أكسفورد، وبنتيجة امتياز سافر إلى فرنسا وهناك حصل على الدكتوراة، بعد عودته من فرنسا شغل منصب سكرتير تحرير لجريدة الوقائع المصرية، ولما له من لباقة وخطابة تم تعيينه سكرتيرًا للمستشار الإنجليزي في مصر.

استغل منصبه لينادي بالحقوق التي طالب بها المصريين، فما كان من الإنجليز إلا أن يقيلوه من منصبه خصوصا بعدما كتب رسالة معارضة للمستشار الإنجليزي، عام 1919 ولتأثره الشديد ب سعد باشا زغلول، انضم لحزب الوفد وتولى أمر الدعاية له في الخارج، حتى أطلقت عليه جريدة الوفد ” الخطيب المفوه” وبالفعل تم نفيه مع سعد باشا زغلول.

وارتبطت علاقته أكثر بسعد باشا زغلول، وأصبح لسانه الناطق، ليصفه البعض ب “ابن سعد” حيث ثار بشدة عندما نفي سعد باشا زغلول إلى جزيرة سيشل، فألقى مكرم عبيد الخطابات والمقالات، التي تسببت فيما بعد في اقالته، حتى قال في إحدى خطبه “ليس في الأمة من يمكنه أن يقول أنا الأمة إلا سعد، ومهما يكن من الأمر فسعد هو سعد فاوض أو لم يفاوض”.

حنى بعد وفاة سعد باشا زغلول، كان له أشد العبارات تعبيرًا عن حزنه “أنه لم يتخذ أي منا من ذكراه عبرة فيجاهد في سبيل وطنه كان هو الحي الميت وحق لى أن أقول: “أيها الميت الحي أنت سعد أيها الحي الميت أنت عبد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى