معرض الكتاب| ما سر اختيار اليونان كضيف شرف هذا العام؟
أسماء هنداوي وأمنية أحمد:
العلاقات اليونانية المصرية جذوروها ممتدة لآلاف السنين، عبر حضارات عريقة عُرفت بها البلدين خلدها التاريخ لتتوارث من أجيال لأخرى، وفي إطار تلك العلاقات الثقافية البارزة تحل اليونان ضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 53 الذي تنطلق فعالياته في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية في الفترة من 26 يناير إلى 7 فبراير 2022، كما أن اليونان ستشارك بعدد كبير من الأنشطة والإصدارات الخاصة، ومن أبزرها ولأول مرة هي الكتيبات المترجمة عن حضارة “الفلاش” اليونانية القديمة.
وفي السطور التالية “كلمتنا” ترصد لكم العلاقة الثقافية بين مصر واليونان، وسر ارتباط الإسكندرية دائمًا باليونان.
ما هي العلاقة الثقافية بين مصر واليونان؟
تعتبر الثقافة من أهم الروابط القوية التي تدعم العلاقات المصرية اليونانية، ويعود ذلك لقديم الأزل فهما من أقدم الحضارات في العالم، وتربطهما علاقات وثيقة منذ العصور القديمة، ويعود ذلك إلى عصر نشأة الإسكندرية مثل المدن اليونانية من قبل الإسكندر الأكبر، وكذلك أيضًا تعود إلى عصر محمد علي الذي أحضر اليونانيين لمصر الذين اعتبروها بلدهم الثاني وأبدعوا فيها وقدموا لها مثل ما قدمت لهم.
فمع حلول القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد كان لدى العديد من المفكرين اليونانيين الكثير من المعرفة عن الثقافة المصرية وحضارتها ليتعاملوا معها باعتبارها مصدرهًا مهمًا للمعرفة والحكمة، حتى اعتقد البعض أن مصر قد أثرت على اليونان قديمًا، وزاد ذلك الارتباط عندما أسس الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية وجعلها مقرًا للسلالة اليونانية المقدونية، لتجمع مصر بين الثقافة المصرية واليونانية وكذلك اللغة.
كما كان الشغف بالأدب من أهم العناصر الأساسية المشتركة بين مصر واليونان، فكان الإغريق لديهم أدب شفوي، أما مصر كان لديها أقدم التقاليد الأدبية، لذلك عندما أتى الإغريق إلى مصر وعاشوا فيها واجهوا الأدب المصري وتأثروا به كثيرًا، فلقد تم ترجمة ذلك الأدب إلى اليونانية القديمة، لذلك فإن الأدب اليوناني تأثر بالمصري في تلك الفترة.
والوجود اليوناني في مصر ظل موجودًا لقرون طويلة حتى العصر الحديث بداية من عهد محمد علي وصولًا إلى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، فاليونانيون هم أول من ساندوا مصر حين قررت تأميم قناة السويس، كما كانت الإسكندرية خير شاهدًا على العلاقات الثقافية والتاريخية التي تجمع بين مصر واليونان.
رائحة اليونان ما زالت في الإسكندرية:
إذا ذهبت إلى الإسكندرية يومًا فستلاحظ دون شك وجود ارتباطًا وثيقًا بينها وبين اليونان، نظرًا للحاضرة العظيمة التي جمعتهما سويًا، فتلك المدينة بما تحمله من أناس ومقاهي وآثار، تحمل بين طياتها روح اليونان بلونها الأزرق البحري الساحر، كما أن بعضًا من شوارعها تحمل أسماء مدن يونانية، مثل “أثينيوس” وهي منطقة بمحطة الرمل، وكذلك محل “أثينا” الموجود بنفس المنطقة، فعلى الرغم من مرور عصور طويلة إلا أن التاريخ يحتفظ بالسر وراء ذلك الارتباط الروحي الفريد.
فمنذ قرون طويلة عُين “بطلميوس بن لاجوس” نفسه ملكاً لمصر، من هنا بدأت رحلة جديدة في تاريخ مصر عُرفت آنذاك “بالحقبة البطلمية”، التي شهدت عددًا كبيرًا من الإنجازات الحضارية، ففي هذه الفترة شهدت مصر استكمال تأسيس مدينة الإسكندرية، لتصبح فيما بعد عاصمة مصر.
كما تم أيضًا وضع حجر الأساس آنذاك لمكتبة الإسكندرية العريقة وكذلك جامعتها القديمة بكل تفاصيلها المعمارية، لذلك تمتلك مدينة الإسكندرية نسبة كبيرة جدًا من الآثار اليونانية، لأن الملوك البطالمة اعتبروها مدينة رائعة، فضلًا عن موقعها الفريد على ساحل البحر المتوسط، لذلك ما زالت الإسكندرية حتى هذه اللحظة هي قطعة من أوروبا بنكهة يونانية خالصة.