بروفايل| “حسن فتحي” أول من استخدم نظام الغرف الطينية
كل من درس عمارة بالتأكيد سيعلم من هو حسن فتحي ويعتبر بيته في درب اللبانة مزار مهم، التي اشتهرت بالطراز الإيطالي أو الفرنسي وزخرفة الكبيرة بالطرز المعمارية من هذه البلدان.
حسن فتحي أحد أشهرِ مهندسي مصر المعماريين، ذو أفكار بعيدة المدى، وهو أحد المهندسين القلائل الذين اكتسبوا شهرتهم بعيدا عن الهياكل البراقة والمعقدة، بل من خلال تصاميم بسيطة وفعالة وقليلة التكلفة.
كان حسن فتحي مهتما بتحسين مستوى معيشة الفئات المتوسطة أو القليلة الدخل، وقد استخدم الطين والطوب لبناء وحدات سكنية من الخرسانةِ الحديثة والفولاذ، ولم يكن ذلك جيدا من ناحيةِ التكلفة فقط، بل استطاع تسليط الضوء على واحدة من الأفكار الرئيسية التي كان الناس في الماضي يعتمدونها لبناء أفضل الأبنية.
وفي عام 1930، تم تكليفه ببناء دار للمسنين بمحافظة المنيا، إلاّ أن رئيسه حاول حرمانه من حرية اختياره لأسلوب البناء أمرا، أن يكون التصميم كلاسيكي، وهو الأمر الذي رفضه حسن رفضا تاما وصل به إلى تقديم استقالته من وظيفته.
بعد ذلك، عمل حسن فتحي كمدرس للفنون الجميلة وكان أول مصري يتم قبوله بها، إلاّ أنه مرة أخرى لم يتمكن من إيصال شغفه إلى طلابه لكون العمارة الكلاسيكية كانت شائعة في ذلك الوقت، واستمر الحال على ما هو عليه إلى أن تم تكليفه سنة 1946 ببناء قرية القرنة بالأقصر.
حيث قام مرة أخرى ببنائها على الطراز الريفي، وشيئا فشيئا بدأ هذا المهندس الشاب باكتساب شهرته الناتجة عن تمسكه بطرازه المعماري الفريد، الذي استمده من العمارة النوبية التي يتم استخدام الطوب اللبن في تنفيذها، وكذا لتعلقه بالفن المعماري الذي كان يميز بناء البيوت والقصور القديمة بالقاهرة في العصرين المملوكي والعثماني.
900 منزل من الطين:
كانت هذه المشاريع هي الولادة الفعلية وبداية التطبيق لاتجاه فتحي في العمارة، ثم جاء مشروع قرية “القرنة الجديدة” التي كانت فرصته بناء قرية كاملة وتطبيق مبادئه على مقاس أكبر.
بدأت أعمال البناء بـ “القرنة الجديدة” عام 1946، وهي العمل الذي اكتسب شهرة عالمية، خصوصاً بعد عرضه تجربة بنائها في كتابه الأشهر “عمارة الفقراء”. كانت قرية القرنة بأسوان مُشادة على موقع أثري، وكان سكانها يستولون على قطع الآثار ويبيعوها، فجاء القرار بنقلهم إلى قرية جديدة، حيث تولى فتحي تصميم القرنة الجديدة بعد تقديمه العرض ذو الكلفة الأقل، وكان من المقرر أن تضم 900 منزلاً، إضافة إلى ثلاث مدارس، ومركز طبي، وجامع.
اقرأ أيضًا: “أبوليوس”.. اتهم بالسحر فقام بتأليف أول رواية عرفتها البشرية
مميزات طراز بيوت حسن فتحي:
أهم ما يميز البيوت درجة الحرارة تكون 45 في الخارج و في الداخل البيت يكون 22، وحتى في البيت لا يكون استهلاك الكهرباء أو التكييفات، وتكتفي بمروحة صغيرة تعطيك هواء مع جو البيت المميز، وهو الأمر الذي جمع جميع الحضارات الفرعونية والإسلامية والقبطية وجمعهم في البيت، ومن طبيعة الغرف الطينية هي معزولة عن العالم ولا يعمل بها الهواتف الخلوية لا يوجد بها شبكة، وهذا يعطيك سكينة وراحة البال.
فكرة القباب:
إنها المصد التي تأخذ الشمس و تقوم بفلترة الهواء ويدخل لك هواء نقي ودرجة حرارة أقل، ويكمن فكرة القباب كأنك تزرع البيت في الأرض.
عمارة الفقراء:
وقال في كتابه المهم “عمارة الفقراء”: “مادام لديّ طوب لبن لستُ أسوأ حالا من أجدادي الأقدمين”، وبعدما تخرج بسنوات اتجه إلى التدريس بكلية الفنون الجميلة، في نفس الوقت الذي جذب فيه اهتمام العالم بعدما صمم ونفذ قرية القرنة بالأقصر في أربعينات القرن الماضي، إذ كانت بيوتا مصرية مصممة على طريقة القباب.
وحصل على جوائز مختلفة، منها جائزة الدولة التشجيعية في الفنون الجميلة ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وجائزة بلزان العالمية وجائزة الرئيس من منظمة أغاخان العالمية، وهو يردد دائمًا “إن الله خلق في كل بيئة ما يقاوم مشكلاتها”، و”ذكاء المعماري في التعامل الموجودة تحت قدميه لأنها المواد التي تقاوم قسوة المكان”.
اقرا أيضًا: نُفي 17 عاما وعلم نفسه الإنجليزية.. ما لا تعرفه عن البارودي