كلام رجالة

مصاص الدماء دراكولا حقيقة أم خيال؟.. وما علاقة الدولة العثمانية بذلك؟

ألقت بعض الأسماء الرعب في قلوب البشر أكثر مما فعل اسم دراكولا، دراكولا هو مصاص دماء أسطوري، اختلقه المؤلف برام ستو، في روايته التي نشرت عام 1897م، التي تحمل الاسم نفسه “دراكولا”، وشكلت هذه الرواية مصدر إلهام لعدد لا يحصى من أفلام الرعب، والعروض التلفزيونية، وحكاياتٍ مرعبة أخرى، عن مصاصي الدماء.

وعلى الرغم من أن دراكولا هو مجرد شخصية قصصِية خيالية، إلا أن الكاتب ستوكر استوحى هذه الشخصية السيئة من إنسان حقيقي متعطش لإراقة الدماء، وهو: فلاد الثالث أمير والاشيا، أو كما يشتهر بـ فلاد المخوزق.

وبصرف النظر عن كونهما يحملان الاسم نفسه، إلا أنه لا توجد الكثير من القواسم المشتركة بينهما، وجاء هذا الاستنتاج وفقا للمؤرخين الذين درسوا الرابط بين شخصية مصاص الدماء، الكونت دراكولا، التي اختلقها ستوكر، وبين فلاد الثالث.

دراكولا الحقيقي:

ولد فلاد الثالث عام 1431م، بما تعرف اليوم بـ ترانسيلفانيا، وهي مركز رومانيا، حكم رومانيا لفترات متقطعة امتدت إجمالا لـ7 سنوات بين 1455 و1478، ولقب بـ”دراكولا”، لانضمامه لما يسمى بـ”عصبة التنين”، التي كانت اتحادا سريا ضم مجموعة من أمراء ونبلاء أوروبا الوسطى والشرقية للوقوف ضد المد العثماني، ويعني اسم “دراكولا” باللاتيني “ابن التنين”، أما في الرومانية الحديثة تعني “ابن الشيطان”.

ولد فلاد في مقاطعة سيجيشوارا بإقليم ترانسيلفانيا التابع لمملكة المجر ويتبع الآن دولة رومانيا الحالية في شتاء عام 1431 لوالده فلاد الثاني دراكول.

عاش دراكولا خلال فترة حرجة من تاريخ أوروبا الشرقية، فبعد سقوط القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح أصبح البلقان بأسره ساحة مفتوحة أمام الجيوش العثمانية، ومقاطعة والأشيا الرومانية عالقة ما بين العثمانيين وسندان الهنجاريين، وكلاهما طامع يتهدد كيان ووجود هذه الإمارة الصغيرة.

وكان هناك مصارعة مستمرة بين أمراء على العرش، ومؤامرات النبلاء الذين استغلوا هذا الصراع لتعزيز نفوذهم ومصالحهم، اعتلى فلاد الثاني، الشهير بـدراكولا، ووالده عرش “ولاكيا”، وظل حاكما لها حتى إزاحته عن العرش مؤامرات رتبها بين خصومه في ولاكيا وملك المجر في ذلك الوقت فلاديسلاف الثالث عام 1442، ومع ذلك عاد فلاد الثاني لاعتلاء عرش والاكيا الذي انتزع من بين يدي بأسراب الثاني وحلفائه من البويار، وذلك بمساعدة السلطان العثماني آنذاك مراد الثاني بعدما اتفق معه على دفع الجزية للدولة العثمانية.

اقرأ أيضًا: تعرف على أشهر 10 أفلام عن القتلة المتسلسلين مستوحاة من قصص حقيقية

فور عودته لعرش والاكيا 1443، أرسل فلاد الثاني ولديه الشرعيين، فلاد وراد إلى البلاط السلطاني العثماني كرهائن لدى السلطان مراد الثاني لإثبات ولائه للإمبراطورية العثمانية، وفي أعقاب وفاة فلاد الثاني، عاد فلاد الثالث ليحتل مكان أبيه على عرش والاكيا بمساعدة العثمانيين، فيما بقي شقيقه دورادو أسيرا للبلاط السلطاني العثماني، الذي اندمج مع الحياة التركية وأعلن إسلامه وأصبح جنديًا في جيش الخليفة العثماني.

وخلال تلك الفترة التي قضاها فلاد الثالث في أدرنة، تمكن الأمير الشاب من دراسة علوم المنطق والقرآن والأدب وكذلك التركية العثمانية، حتى أتقن هذه اللغة خلال السنوات الأخيرة التي قضاها في البلاط السلطاني، كما تدرّب على الفروسية وفنون الحرب، ولكن كان يتعرض للضرب والتعنيف من قبل الأتراك بسبب شخصيته الجريئة.

ولم تدم فترة حكم فلاد الثالث طويلا، حيث عاود نبلاء ترانسيلفانيا و الملقبون بـالبويار، إيوان دي هونيدوارا، وصي عرش المجر، غزو ولاكيا مرة أخرى ليعيدوا أحد حلفائهم، لعرش البلاد مجددا بعد أن أطاحت به الجيوش العثمانية سابقًا.

فترة حكم “دراكولا”، لم تتجاوز إجمالا السبعة أعوام وهي مدة قصيرة جدا مقارنة بأعداد البشر الذين قتلهم، والذين ناهز عددهم المائة ألف إنسان، أغلبهم من الأتراك والبويار، ولقب بـ فلاد المخزوق لاستخدامه الخازوق في القضاء على خصومه.

كما أنه خوزق راهبا مع حماره، كما خوزق 500 شخص من المنتسبين إلى الأسر العريقة، ويقال إنه استمتع عندما خوزق 600 تاجر أجنبي، كما رمى 400 طالب في نار كبيرة أشعلها لهذا السبب، وأجبر الأطفال على أكل لحم أمهاتهم اللاتي قتلهن، وقطع ثدي بعض الأمهات، وخيط محلها رؤوس أولادهن، كما جمع كل متسولي البلد وقدم لهم الأكل، ثم قام بإحراقهم وسلخ جلود أرجل الأسرى الأتراك ثم مسحها بالملح، وجعل الأغنام تلحسها.

وغير ذلك من الجرائم، التي قتل من خلالها بين عشرين وثلاثين ألف إنسان، فقط للاستمتاع، ولذلك أطلق المؤرخ دورسون بك، المعاصر للسلطان محمد الفاتح، اسم “حجاج الكفار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى