في ذكرى “عيد الحب”.. أبرز 5 قصص حب عربية.. لن تصدق كيف انتهت الخامسة
كتب: رضا الشويخي|
احتفالات “عيد الحب” تذكرنا بمناسبة لا تنساها ذاكرة التراث العربي، فكم من قصة سطرتها حكايات العشاق بأحرف ملتهبة، تلفح من يقترب منها بعذاب لا تنتهي، فمن منا لا يتذكر عنترة وعبلة وكيف عاش يحتضن الأهوال كي يصل لمبتغاه، أو جميل وبثينة وكيف عاش وحر الحب يفطر كبده، هؤلاء وغيرهم لن ينساهم التاريخ أبد الدهر، وهنا نذكر 5 من أبرز قصص العشق في التراث العربي:
*عنترة وعبلة:
كثير من الأفلام والمسرحيات جسدت هذه الرحلة من الحب والولع ومنها الفيلم المصري: “عنتر وعبلة: وهو فيلم مصري تم إنتاجه عام 1945، قصة عبد العزيز سلام وحوار بيرم التونسي، وسيناريو وإخراج نيازي مصطفى و بطولة كوكا، سراج منير، وفيلم “مغامرات عنتر وعبلة”، عام 1948، جسد دور عنتر الفنان سراج منير، ولكنه كان من إخراج صلاح أبو سيف، وشارك فى مهرجان “كان”.
وفي عام 1960، قدمت كوكا فيلم “عنتر يغزو الصحراء” بطولة فريد شوقى وفردوس محمد وفاخر فاخر، وإخراج نيازى مصطفى، وهو نفس مخرج النسخة الأخيرة والأشهر من “عنتر وعبلة” لفريد شوقى ونفس فريق العمل، وتم انتاجه عام 1964، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا.
وبطلاها عنترة بن شداد العبسيّ، من قبيلة بني عبس، وابنة عمه “عبلة”، ظهرت شجاعة عنترة أمام الأعداء في حرب داحس والغبراء، ولكن أمه كانت جارية، ما يعد عارا في ذلك الوقت، ولكن ببطولته ألحق نسبه ببني عبس وأصبح من الأحرار.
ولما طمحت نفسه إلى الزواج من “عبلة” طلب والدها مهرا غاليا وهو النوق العصافير من الملك النعمان.
وقد ذكر عنترة عبلة في أشعاره كثيراً، ومعلقته الشهيرة، كقوله:
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ مِنِّي وَبِيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمِي
فَوَدِدْتُ تَقْبِيلَ السُّيُـوفِ لأَنَّهَا لَمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ الْمُتَبَسِّـمِ
2 – جميل وبثينة
رغم أن القصة بدأت بمشادة في مرابع الإبل بسبب الهجن، في العصر الأموي، ولكنها انتهت بولع شديد بينهما، إلا أن أهلها حالوا بينهما، فظل يلتحف نار الحب في صدره، رغم زواجها برجل آخر، ويشار إلى كلمة “الحب العذري” جاءت من هذه القبيلة “بني عذرة” وسياق قصة جميل وبثينة، أي ذلك الحب العفيف والطاهر.
هاجر جميل إلى مصر وظل هناك إلى أن مات يتذكر حبه القديم، وهناك أنشد في أيامه الأخيرة قبل رحيله:
أبلغ بثينـة أني لست ناسيهـا.. ما عشت حتى تجيب النّفس داعيها
بانت فلا القلب يسلو من تذكّرها.. يوما ولا نحن في أمـر نلاقيهـا
3 – كثير وعزة
هو الشاعر الأموي كثير بن عبد الرحمن الأسود الخزاعي، عرف بعشقه لعزة بنت جميل الكنانية، فقد والده في الصغر وعاش يتيماً وقيل إنه كان سليط اللسان منذ صباه، رباه عمه في مرابع الإبل وأبعده عن الناس حتى يصونه عن الطيش، وقد اشتهر بهيامه بعزة حتى أنه كُني بها فصار يلقب بـ “كثير عزة”، ويذكر أنه أولع بها عندما أرشدته مرة إلى موضع ماء لسقاية الإبل في إحدى رحلاته بالمراعي وقد كانت صغيرة السن.
وكأغلب قصص الحب عند العرب لم يتزوج، لأن عادة العرب كانت ألا يزوجوا من يتغزل شعراً ببناتهم.
وقد تزوجت بثينة وغادرت من المدينة المنورة إلى مصر مع زوجها، ولحق بها جميل هناك. لكنه عاد إلى المدينة وتوفي بها.
ومن قوله:
رأيت جمالها تعلو الثنايا
كأنّ ذرى هوادجها البروج
وذكر أن عبد الملك بن مروان سمع بقصصه، فلما دخل عليه ذات يوم وقد كان كثير قصير القامة نحيل الجسم كما قيل إنه كان أعور كذلك.
قال عبدالملك: أأنت كثير عزة؟
وأردف: أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه!
فأنشده قولا القصيدة الشهيرة التي مطلعها:
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفـي أثـوابـه أســد هـصـورُ
ويعجـبـك الطـريـر إذا تـــراهُ
ويخلفُ ظنكَ الرجـلُ الطريـرُ
بغـاث الطيـر أكثرهـا فراخـاً
وأم الصقر مقلات نزور
فقال عبد الملك: لله دره، ما أفصح لسانه، وأطول عنانه! والله إني لأظنه كما وصف نفسه.
وقيل إنه عند وفاته شُيّع بواسطة النساء أكثر من الرجال وكن يبكينه ويذكرن عزة في ندبهن.
4 – مجنون ليلى
هو قيس بن الملوح، وتبادل العشاق قصة عشقه ليلى بنت مهدي بن ربيعة بن عامر، والتي تعرف “ليلى العامرية” وعاشا في البادية بنجد في العصر الأموي، وككل القصص السابقة لابد من رعي الأبل وحيث يبدأ الحب في المرابع، وهي ابنة عمه كانت لهما طفولة مشتركة وقد أحبها في سن صغيرة.
وكما جرت العادة.. رفض أهلها طلب زواجه وتزوجت رجلا آخر أخذها بعيدا عن الديار إلى الطائف، فبدأت القصة الملهمة التي دخلت التاريخ، قصة مجنون ليلى التي فيها حب غير عادي، فالرجل فعل فيه الهيام فعله، أصبح يطارد الجبال والقفار، ويمزق الثياب ويستوحش من الناس ويكلم نفسه كما المجنون، وهل بعد تلك الأفعال من شيء يذهب بعقل صاحبه؟!
ومما ينسب إليه من أبيات:
ذكرتك والحجيج له ضجيج
بمكة والقلوب لها وجيب
فقلت ونحن في بلد حرام
به لله أُخُلصت القلوب
أتوب إليك يا رحمن مما
عملت فقد تظاهرت الذنوب
وأما من هوى ليلى وتركي
زيارتها فإني لا أتوب
وقيل إنه مات وحيدا في الصحراء، ووجدت جثته امرأة كانت تحضر له الطعام.
5 – مجنون لبنى
في بداية العصر الإسلامي، طارت أخبار قيس بن ذريح الليثي الكناني، ولبنى بنت الحباب الخزاعية؛ معلنة عن قصة عشقهما، منذ أن زار أهل لبنى فطلب سقي الماء، فجاءت له بها فأغرم من وقتها وقد كانت طويلة القامة، بهية الوجه.. عذبة الكلام.
وقد أنشد بعد فراقه لبنى:
فيا ليت أني مِتّ قبل فِراقها
وهل تَرْجِعَنْ فَوْتَ القضيةِ ليتُ
وعلى خلاف القصص السابقة، فقد تزوج قيس ولبنى، ولكنه طلقها لأنها كانت عاقراً، وقد فعل ذلك تحت ضغط الأسرة لاسيما والده الذي كان يرى عارا أن يقطع نسله.
فعاش باكيًا، وأنشد يلوم نفسه:
أتبكي على لبنى وأنت تركتها
وكنت عليها بالملا أنت أقدر
فإن تكن الدنيا بلبنى تقلبت
فللدهر والدنيا بطون وأظهر
وظل يبكي وينحب، وقد تزوجت لبنى بغيره، فظل هائما على وجهه، ووصلت الأخبار إلى زوج لبنى فطلقها، وتزوجت من جديد بقيس ولكن بعدها لم يعيشا طويلاً، فماتت هي أولاً وهو ثانياً.