“سنة أولى كورونا”.. كيف أدارت مصر الأزمة بنجاح؟
كتب: رضا الشويخي|
البداية:
كالعاصفة التي تأتي فجاة دون سابق إنذار، حل علينا وباء كورونا ضيفا ثقيلا؛ ففي 15 من فبراير من العام 2020، أعلنت وزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية عن أول حالة إيجابية بفيروس كورونا، وهو ضشاب صيني الجنسية يبلغ من العمر (35 عاما) وصل القاهرة قبل أسبوعين من ذلك التوقيت قادما من مدينة ووهان، بؤرة الفيروس في الصين.. ومن هنا بدأت الرحلة التي نسترجعها معا بعد مرور عام كامل.
أرصدة السلع بخير:
في الوقت الذي سقطت فيه الكثير من الدول في الاختبار كان لمصر رأي آخر، فبينما نشاهد صراعا المستهلكين حول العالم على المتجات الغذائية وتوفيرها، خرج علينا الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء؛ يطمئن الناس أن مخزون السلع بخير، ولا داع للازدحام، فلدينا أرصدة والمصانع تعمل بكامل طاقتها.
وبالرغم من التأثيرات السلبية لأزمة وباء كورونا على الأسواق العالمية وتسببها في أزمات غذاء في العديد من دول العالم، إلا أن السياسات المصرية المتبعة لمواجهة تداعيات ذلك الوباء أدت إلى اختفاء أزمات عدم توفر السلع الغذائية للمواطنين طوال فترة المواجهة.
مصر توفر المستلزمات الطبية:
حرصت مصر على توفير المستلزمات الطبية لمواطنيها، بتضافر الجهود بين مؤسسات الدولة كافة؛ أصدر الجيش المصري تعليمات لهيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة من أجل توزيع الكمامات الطبية على المواطنين مجانا في الأماكن العامة والميادين الرئيسية ومحطات المترو والنقل الجماعي؛ تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، باتخاذ كافة الإجراءات الوقائية الحاسمة للحد من انتشار فيروس كورونا، بجانب قيام وزارة الإنتاج الحربي بتصنيع كمامات وتوفير منتجات الكحول ولوازم التطهير للمواطنين، كما قامت وزارة التموين بتوفير الكمامات للمواطنين على البطاقات التموينية، كما قامت الهيئة العامة لمترو الأنفاق بتوفير كمامات بسعر مخفض لراكبي القطارات عبر شباك التذاكر، في الوقت الذي عانت فيه دول صناعية كبرى من ندرة الكمامات وأدوات التعقيم وغيرها من مستلزمات الوقاية.
مصر تنقذ العالم:
وكأن “يوسف النبي” يعود من جديد لينقذ العالم من جائحة كورونا، قائلا: “اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم”.. فلم تكتف مصر بتوفير مستلزمات الوقاية والعناية الشخصية، بل صدرت للعديد من دول العالم؛ فأرسلت مليون كمامة طبية ضمن مساعدات طبية عاجلة إلى دولة إيطاليا في مارس 2020 لدعم الشعب الإيطالى فى ظل انتشار كبير لوباء كورونا فى هذا البلد؛ لمساعدتها على تخطي الجائحة، في الوقت الذي كانت بعض الدول “تصطاد” شحنات الكمامات والمطهرات في مطاراتها قبل وصولها للدول التي استوردتها؛ وخلال الشهر نفسه زارت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة بكين ومعها شحنة من المستلزمات للتطهير والوقاية، كما أرسلت مصر شحنة مستلزمات وأدوات تطهير إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أبريل من العام نفسه.
صراع لا يعرف الرحمة:
كل هذا جاء وسط قرصنة عالمية وسرقة في وضح النهار للكمامات ومستلزمات التطهير والوقاية؛ ففي مارس 2020, اختفت 6 ملايين كمامة من مطار في كينيا، كانت في طريقها إلى الشحن لألمانيا، بحسب متحدثة باسم وزارة الدفاع الألمانية، التي لم تصرح عن القيمة المالية للشحنة المختفية وقتها، كما أعلنت الشرطة في مدينة (كولن) الألمانية في 16 مارس 2020، أن لصوصا سرقوا 50 ألف قناع لحماية الجهاز التنفسي (كمامة) من مخزن تابع لمستشفيات في المدينة الواقعة غربي ألمانيا. وأوضحت الشرطة أن موظفة لاحظت سرقة الكمامات في منطقة مولهايم.
وفي أبريل 2020 قال وزير الداخلية في برلين أندرياس جيزيل إن طلبية تضم 200 ألف كمامة كانت متجهة إلى ألمانيا تمت “مصادرتها” في بانكوك وتحويل وجهتها إلى الولايات المتحدة ووصف ذلك بأنه “من أعمال القرصنة الحديثة”، وهو ما نفته أمريكا لاحقا، كما أعلن راديو فرنسا الدولي في مارس 2020 أن الصين أرسلت شحنة بمئات الآلاف من أقنعة الوجه، إلى إيطاليا لمساعدتها في المحنة الصحية التي تمر بها، إلا أنها تم مصادرتها في جمهورية التشيك ثم أخذتها لصالحها.
الصحة أولا.. قرارات لتحجيم الوباء:
شكلت مصر لجنة إدارة أزمة كورونابرئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وبحضور وزراء: التموين والتجارة الداخلية، التربية والتعليم والتعليم الفني، والتعليم العالي والبحث العلمي، والمالية، والتنمية المحلية، والداخلية، والصحة والسكان، والدولة للإعلام، ومستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، ورئيس الهئية المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية.. والتي اتخذت قرارات حاسمة، سواء بتعليق الدراسة أو وقف حركة الطيران، بالإضافة إلى خفض قوة العمل بالمؤسسات الحكومية وقرارات حظر التجول في ساعات معينة، وتنظيم عمل المحال التجارية والمولات، وإطلاع الرأي العام على مستجدات الوضع أولا بأول.
“كورونا” كان اختبارا قاسيا على الجميع، ولكنه أبرز صلابة الدولة المصرية، حيث شهدنا ارتفاعا لمعدل النمو في الوقت الذي تأثرت فيه أباطرة السوق العالمي، كما استطعنا أن نصل إلى وضع مستقر بعد مرور عام كامل على الوباء وتنتهي “سنة أولى كورونا”