خروجتنا

حكاية شارع| إرث تاريخي للإمام محمد عبده يضربه الإهمال!

تتميز القاهرة بوجود العديد من الأماكن التراثية والسياحية الجميلة، والتي يبلغ عمر البعض منها آلاف الأعوام، وفي شوارع منطقة المعز تجد إرثاً تاريخياً تركه ملوك وسلاطين الدول الإسلامية الذين حكموا مصر، واهتموا بالعمارة والفنون والتصميم ليتركوا لنا أماكن تعد بمثابة المتحف المفتوح الذي يجذب كل من يمر من أمامه، ومن هذه الأماكن الشهيرة شارع محمد عبده والذي يقع خلف جامع الأزهر بالقرب من منطقة المعز التاريخية، وتقدم لكم منصة كلمتنا في التقرير التالي تاريخ شارع محمد عبده.

مولده

ولد الإمام محمد عبده في محلة نصر في مركز شبراخيت بمحافظة البحيرة عام 1849م، وبدأ في تلقي مبادئ القراءة والكتابة والحساب على يد والده، ثم ألحقه والده بكُتاب القرية، فأتم حفظ القرآن الكريم كاملاً في سنتين.

وفي عام 1866م توجه محمد عبده إلى القاهرة ليلتحق بالجامع الأزهر حتى يتلقى العلم على شيوخه، وبعد فتره قضاها في تلقي العلم بالجامع الأزهر أحس بالنفور من الطريقة القديمة التي تدرس بها العلوم في الجامع الأزهر، وكاد محمد عبده ينصرف عن دروس الأزهر لولا أستاذه الشيخ حسن الطويل حيث وجد فيه محمد عبده عوناً على تحمل تقاليد الأزهر، كما وجد فيه الينبوع الذي يرتجيه لينهل من علومه ومعارفه وفنونه، وقد تأثر محمد عبده بهذا الشيخ كثيراً.

مشواره العملي

حصل الشيخ محمد عبده على شهادة العالمية من الأزهر عام 1877م، وبعد تخرجه عُين مدرساً بمدرسة دار العلوم، حيث قام بتدريس علم التاريخ بأسلوب جديد بعيداً عن السرد الجاف والحشو التافه، وداخل قاعات الدرس وخارجها شارك مع جمال الدين الأفغاني في معركة الجهاد من أجل الإصلاح.

ولم يتوقف طموح محمد عبده عند هذا الحد بل واصل مسيرة النجاح، فعمل صحفياً بالوقائع المصرية إلى أن ترأس تحريرها، ولم يكن ذلك أول عمل لمحمد عبده بالصحافة، فقد كتب في الأهرام عندما كان طالباً بالأزهر مشيراً إلى عظمة مصر وتمدنها.

بدأت أفكار وأراء محمد عبده تثير حقد المحافظين عليه وسعوا إلى عرقلته حتى تم فصل محمد عبده من وظيفته عا 1882م وخاصة بعد أن ظهر ميله إلى الزعيم أحمد عرابي وثورته، حيث مثل الإمام محمد عبده الاتجاه الفكري المعتدل في صفوف الثورة العرابية.

أفكار إصلاحية معتدلة

وفى عام 1892م شارك محمد عبده في تأسيس “الجمعية الخيرية الإسلامية”، ومن خلال هذه الجمعية راح صوته يرتفع من جديد بأفكاره الإصلاحية المعتدلة، التي تدعو إلى التعليم واستخدام العقل والاستفادة من التقدم العلمي، ونبذ البدع والخرافات والأساطير.

وتحول محمد عبده إلى مدرسة من مدارس الفكر الإصلاحي الديني، وأصبح مصلحاً دينياً عظيماً وأستاذاً لجيل من العلماء الذين نشأوا على يديه، وأشهرهم محمد رشيد رضا ومصطفى المراغي.

وكان قبل هذا قد عيَن عضواً دائماً بمجلس الشورى فى 25 يونيو 1890م وعضواً في مجلس الأوقاف الأعلى.

جهود إصلاحية

وضع الإمام محمد عبده الأساس لإصلاح المحاكم الشرعية، وإصلاح الأزهر وفتح باب الاجتهاد، وقام بتأسيس “جمعية إحياء العلوم العربية” وذلك في سنة 1900م، وكان هدفها الارتقاء بمستوى اللغة العربية.

حاول محمد عبده التوفيق بين الدين والعلم الحديث، وبين الحضارة الأوروبية والقيم الإسلامية، فمن رأيه أن الإسلام يهتم اهتماماً كبيراً بالعقل باعتباره وسيله لكشف الحقيقة.

كما سعى الإمام محمد عبده إلى إصلاح الأزهر الشريف حتى حقق بعض آماله فأدخل إلى المناهج الدراسية به بعض العلوم الحديثة للارتقاء بمستوى التفكير للطلاب.

وفاته

وظل الإمام محمد عبده محافظاً على كرامة العلم والدين حتى وفاته في يوم الثلاثاء الموافق 11 يوليو 1905م برمل الإسكندرية ودفن في القاهرة.

الإهمال يضرب الشارع

وبالنظر لحال شارع محمد عبده اليوم والذي يقع بالقرب من منطقة المعز التاريخية أصبح يسكنه الإهمال، وتحولت التحف المعمارية إلى مبانٍ مهجورة وخرابات تملؤها القمامة، وصارت مرتعا للحيوانات.

اقرأ ايضاً: حكاية شارع| أرميني بنى سور القاهرة.. من أرشيف بدر الدين الجمالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى