كتاب البابا تواضروس الثاني.. حفاوة الحضور ورحلة التاريخ
في حديثه أوضح البابا تواضروس الثاني أن كتابه “سنوات من المحبة لله والوطن” جزء من التاريخ، ويحفظ مواقف ومحطات مررنا بها، مؤكدا أن كتابة التاريخ باب من أبواب الأمانة، وهناك تزوير لأحداث التاريخ، فعلي معاصري الأحداث أن يسجلوا لتنتقل الخبرات من جيل إلى جيل.
وأضاف البابا تواضروس، أن الوطن هو الأغلى في حياة الإنسان على أرض مصر، وبلدنا بؤرة العالم، ومعظمنا طالع كتاب شخصية مصر للعبقري جمال حمدان، وكيف تكلم عن كل صغيرة وكبيرة في مصر، ومصر وطن لا يشبهه وطن في حضارته وعلومه وتاريخه وموقعه، وهو ما دفع حمدان لقول “مصر فلتة الطبيعة، هذا الوطن أبوه التاريخ وأمه الجغرافيا”
ويضيف أنه زار بلدا وقال لهم المسيح لم يزر غير مصر من بلاد الدنيا، وهو مبعث فخر خاص، موضحا: تكلمت عن الإنسان والوطن، وبقي أن أتحدث عن الكنيسة غي مصر، فهي أقدم كيان شعبي على أرض مصر، منذ القرن الأول الميلادي، تخدم الوطن بمحبة حتى النخاع، ولا تلعب أي سياسة لا من بعيد ولت قريب، وحتى مع لقاءاتنا والسياسيين نلتقيهم كمواطنين يخدمون هذا الوطن.
ويتابع أن معابد الكرنك يقوم على أعمدة، وهكذا الوطن يقوم على أعمدة لا يمكن أن يقف البنيان لو تخلصنا من عمود، وهناك عمود الجيش والشرطة والطاقة والاقتصاد والثقافة والأزهر والكنيسة، كلها أعمدة تحمي الوطن.
وأضاف قداسته أن حين التقى وزير خارجية روسيا قال له “مصر عمود الخيمة” وحرص على شرح ذلك له، ومصر لغيرها من دول المحيط هي عمود الخيمة، والكنيسة عمود ضمن أعمدة الوطن.
وفي حوارها مع قداسة البابا ردا على أسئلة أ. شيرين، عن اسمه المدني “د. وجيه” ورحلته مع الصيدلة، منذ ميلاده في المنصورة، وعمل والده مهندس مساحة، وسفره إلى سوهاج في عمر 5 سنوات، والعودة إلى دمنهور، قبل حرب يونيو بيومين، يوم 3 يونيو توفي والدي، ويوم 5 يونيو كلن امتحان التاريخ في مدرسة أحمد محرم في دمنهور.
ويضيف أن النكسة ارتبطت بوفاة الوالد، “والتحقت بكلية الصيدلة وبعدها دبلوم الهندسة الصيدلية وفي انجلترا زمالة هيئة الصحة العالمية، وبعدها دخلت الدير بعد اختبار نفسي ويوم الأربعاء 20 اغسطس 1986 وبعدها بعامين ترسمت راهبا باسم تيودور الانبا بيشوي، ومعناه عطية الله، وكان عندنا رئيس دير مبارك وتوفي منذ عامين”.
ويضيف أنه عمل في البحيرة وترسم أسقفا حتى جاء اختياره للكرسي البابوي، حيث علقت شيرين أن الله يمنح مصر رجالا مخلصين في كل مرحلة، داعية إلى قراءة الجانب الإنساني.
وعن الغليان في الشارع بين 2011 و2012 وكان في نفس التوقيت رحيل البابا شنودة، بعد 40 عاما بابا للكنيسة، أوضح البابا تواضروس الثاني أن نظام اختيار البابا لا يخضع للرغبة الشخصية، وأنه في مرحلة من المراحل تختار 3 من بين 5 وشطبت على اسمي، وعلى الإنسان أن يستعد في أي سن أن يعطيه الله مسؤولية جديدة.. المهم أن تستعد.
يتابع أن 2012 كان عاما صعبا فمن مارس حتى نوفمبر كانت مرحلة اختيار البابا الجديد، مع الأحداث في الشارع المصري، ويوضح البابا أن أحد القديسين قال: لا تكن رأسا، فإن الرأس كثير الصداع، وهكذا المسؤولية، وبمسئوليها وإخلاصهم ترتقي الأمم.
وعن مقولة وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن، وكيف يرى مصر الآن، يقول إن مصر دائما صبية، ومهما مر من أزمات ستمر وتنتهي، ويوضح عن مقولة السيد الرئيس خلال المؤتمر الاقتصادي أننا شاهدنا أزمة كورونا ومرت، فلا نتشاءم والمقبل أفضل.
وحول الكتاب قال الدكتور وسيم السيسي، إن كثيرا من الكتاب صفحة من هنا وصفحة من هناك تغني عن الكتاب، ولكن بدأت الكتاب منذ 4 أيام وأحسست بصدق كل كلمة في الكتاب، والبعد الإنساني ومواقف من حياته.
ويضيف د. وسيم السيسي في تعليقه، أن الخلفية العلمية لقداسة البابا مشرفة، وكلمة pharmacist معناها بنت الشفاء في لغة مصر القديمة، وفقا لغليونجي صفحة 100، وكذلك الكيمياء من كيميت المصرية القديمة، مؤكدا أن رجل الدين الواعي يستدعي حبنا.
وفي تعليق أ. نادية مبروك، رئيس الإذاعة الأسبق وعضو مجلس الشيوخ، أن الكتاب يرصد جزءا مهما جدا من تاريخ مصر، مؤكدة سعادتها بجهد شيرين وأن ماسبيرو يقدم نماذج مشرفة مثل شيرين مذيعة متميزة ونفخر بها، وتضيف في سؤالها للبابا “هل قال أحدهم لماذا تعهد إلى مذيعة مسلمة ومحجبة أن تحرر الكتاب؟” حيث أجاب قداسته أن الله له ترتيبات ولم يتعرض لهذا التعليق، موضحا أن الإنسان حين يقابل إنسانا آخر فكأنه فتح وقد عرضت علي أ. شيرين غي حوار رمضاني وأجبت بكل الصدق حيث أهدتني فانوس رمضان.
ويضيف أنه على مدار 3 سنوات كان حلم الكتاب حلما بعيدا وكان الوقت عزيزا وصعبا ولكن أراد الله له أن يتم ويخرج للنور، حيث أوضحت نادية مبروك أن الكتاب إضافة للمكتبتين المصرية والعالمية.
ورحب قداسته بالدكتورة د. غادة والي، وزير التضامن الأسبق، مثمنا جهودها في الوزارة، حيث قالت إنها قبلت دعوة قداسة البابا دون تفكير أو معرفة الفعالية، مشيدة بجهد أ. شيرين، مثمنة دور قداسة البابا خلال السنوات وأنه حان الوقت لتشكر قداسة البابا على صبره وحكمته، مؤكدة أنه مع الأحداث الإرهابية كان السند والتعزية وكذلك زيارته إلى النمسا والحفاوة باستقباله في النمسا، واستقبلته بصفتي المصرية، لأنه بابا لكل المصريين، ومصر دولة لا تعرف غير هذا.
وقالت إن تأثير الزيارة كان ممتدا وشرحت لزملائي سبب سعادتي وكل مرة نلتقيه نتعلم منه ونحن محظوظون به في مصر، وشرحت تاريخ الأزهر والكنيسة، معربة عن شكرها قداسته لمساندتها ودعمها.
وقالت د. مايا مرسي إن صورة مصر القوية لن يهزمها أحد وهذه صورة كاتبة مسلمة توثق رحلة السنوات العشر لبابا المصريين، وأن هذه هي مصر بصورتها، وقابلته ١٣ سبتمبر ٢٠١٣ وهو يوم عيد ميلادي وكان حادث إرهابي، وكان الموقف صعبا، وبدلا من تقديمي للتعازي وجدت من يطمئنني ويقول ما تخافوش على مصر ومهما مر من صعب او أصعب فنحن حجر عثرة ضد من تسول له نفسه المساس بمصر، وثمنت د. مايا مرسي بحفاوة وترحاب قداسة البابا وشرحه لأعمدة مصر وأن علينا تعليم أولادنا ذلك، مؤكدة سعادتها بالوجود ولو لدقائق معدودة فهو شخصية عظيمة.
كانت هذه أبرز التعليقات في حفل توقيع كتاب قداسة البابا تواضروس الثاني “سنوات من المحبة لله والوطن” والذي شرفت بحضور توقيعه، فتحيا مصر بنسيجها الوطني وتسامح شعبها.