“النقد الإيكولوجي وأدب الأطفال”.. مقاربة سيميائية لقيم الوعي البيئي في الجمهورية الجديدة
تناول كل من د. محمد عبد الله محمد، مدرس بكلية الآداب- جامعة بنها، أ. جهاد السيد عبد العزيز، مدرس مساعد بكلية الآداب- جامعة بنها، في مشاركتهما بمؤتمر “أدب الطفل والجمهورية الجديدة” المنعقد في دار الكتب والوثائق القومية، دراسة “النقد الإيكولوجي وأدب الأطفال.. مقاربة سيميائية لقيم الوعي البيئي في الجمهورية الجديدة”.
إن البيئة وجمالياتها من القضايا التي احتلت اهتمامًا كبيرًا لدى أصحاب القرار في ظل الجمهورية المصرية الجديدة؛ فسعت إلى محاولة إيجاد حلول لأزماتها، وعملت على القضاء على العشوائيات وما كانت تحمله من قبحٍ بيئي، ودعت إلى عقد المؤتمرات المختلفة المختصة بتغير البيئة والمناخ، وحاولت وقف منحنى التدهور البيئي الناتج عن تراكم المخلفات، بالإضافة إلى الدعوات إلى الخروج لبيئاتٍ ومدن جديدة؛ تقليلًا للتلوث والازدحام.
وفي هذا السياق تنامت العديد من الدراسات والهيئات التي نادت بوقف استغلال الإنسان للموارد البيئية من حوله، بما يساهم في تشويهها، وإذ كان المبدع كائنًا بشريًا لا يختلف عن البشر العاديين في النوع لكنه يختلف عنهم في درجة الوعى والنضج الفكري، فهو يعيش في بيئةٍ معينة، ينغمس فيها ويتفاعل معها، وبالتالي هناك علاقة حتمية تربط المبدع وعمله الفني بالبيئة التي يعيش فيها، والتي يحاكيها في عمله الفني؛ فيخرج قضاياها في سياقٍ أدبي قابل للتأويل والمعالجة، فصارت البيئة وما تعانيه من مشكلاتٍ تشغل أذهان الأدباء، وبدأوا التعبير عنها في كتابتهم باعتبار أن الإنسان مسئولٌ عما تتعرض له البيئة من اختلالٍ وتدهور؛ ومثَّل ذلك دعوة منهم للحفاظ عليها، ووضعها في إطار توازنها الصحيح.
إن الأدب والنقد وجهان لعملة واحدة، وما يهتم به الأدب من قضايا وإشكالاتٍ، نجد أن النقد يسعى إلى تحليلها وتفسيرها في ضوء تقويم النص الإبداعي، وإذا كان الوعي البيئي وما يحمله من قضايا ومشكلاتٍ صار جزءًا من الأدب، فقد ظهر النقد الإيكولوجي كمصطلحٍ ليدرس علاقة الإبداع الأدبي بالمنظومة البيئية والطبيعية، ومدى حمل النص الأدبي لقيم الوعي البيئي والجمالي، وتوضيح رؤية الكاتب تجاه البيئة.
وأدب الأطفال جزءٌ لا يتجزأ عن العملية الإبداعية للأدب بشكلٍ عام؛ لذا انشغل أدباء الأطفال بتنمية قيم الوعي البيئي عند الطفل، وتزويده بكل ما هو جميل من قولٍ أو فعلٍ أو سلوكٍ يُسهم في المحافظة على بيئته نقية متوازنة؛ حتى يتسنى له الاستمتاع بما وهبه الله تعالى من نِعم.
وتأتي أهمية هذه الدراسة في تسليطها الضوء على الجهود التي تبذلها الجمهورية الجديدة في محاولة كبح جماح الاستغلال البشري لموارد البيئة، ومحاولة الحفاظ عليها، ودور الأدب بشكلٍ عام، وأدب الأطفال بشكلٍ خاص، في إحداث الوعي البيئي، والالتزام الجمالي والأخلاقي تجاه البيئة وقضاياها، وسعي النقد الإيكولوجي في بلورة الجهد المُقدَّم في أدب الأطفال؛ من أجل إبراز رؤية الكاتب تجاه البيئة ومحاولته حل أزماتها، ودور جماليات النص الإبداعي في إبراز المعنى الذي حاول المبدع غرسه في نفس الطفل.