الأعلى للثقافة يختتم منتدى الثقافة الرقمية «الفنون الرقمية: التقاء الفن بالتكنولوجيا»
أقام المجلس الأعلى للثقافة منتدى الثقافة الرقمية (الفنون الرقمية: التقاء الفن بالتكنولوجيا)، والذى نظمته لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية الثقافية، وذلك عصر أمس الثلاثاء الموافق 7 مارس الجارى؛ بقاعة المؤتمرات بالمجلس؛ وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان: (مقدمة حول الفن الرقمى)، وأدارها: الدكتور محمد خليف؛ استشاري الابتكار والتحول الرقمي.
وشارك فيها كلٌ من: المهندسة بسنت صلاح الدين؛ مديرة حياة كريمة بقطاع التطوير المؤسسي بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتورة ريم العصفوري؛ أستاذة تصميم الاعلان والجرافيك بقسم الإعلان كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان، ومحمد سراج الدين مدير التسويق بشركة رموز، والدكتورة مها الحلبي؛ الأستاذة بكلية الفنون التطبيقية، ورئيسة تحرير مجلة الفنون الرقمية.
عقب ذلك عُقدت الجلسة الثانية تحت عنوان: (الفنون الرقمية والذكاء الاصطناعى)، وأدارها الدكتور أمجد الجوهرى؛ أستاذ الوثائق والمكتبات بكلية الآداب جامعة عين شمس، وشارك فيها كلٌ من: الدكتور محمد عزام؛ عضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لإدارة التكنولوجيا وعضو المجلس الاستشارى لجامعة النيل، والمهندس وليد حجاج؛ خبير أمن المعلومات.
ثم عقدت الجلسة الثالثة التى حملت عنوان: (الفنون الرقمية والإبتكار وريادة الأعمال)، وأدارها الدكتور محمد خليف استشاري الابتكار والتحول الرقمي، وشارك فيها المهندس عمرو فاروق؛ استشاري أمن المعلومات والرئيس التنفيذى لشركة جات ديف الشرق الأوسط، والدكتور محمد حجازي؛ استشارى تشريعات التحول الرقمى والابتكار والملكية الفكرية والرئيس السابق للجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات، والمهندس مصطفى بخيت؛ الرئيس التنفيذي لشركة بان أراب ميديا.
ثم جاءت الجلسة الختامية التي صيغت بها التوصيات وجاءت تحت عنوان: (الفن الرقمى من أين وإلى أين؟)، وأدار الجلسة المهندس زياد عبد التواب مقرر لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية، وشارك فيها كلٌ من: الدكتور أمجد الجوهري؛ أستاذ الوثائق والمكتبات كلية الآداب جامعة عين شمس، والدكتور محمد خليف؛ استشاري الابتكار والتحول الرقمي وعضو مجلس بحوث صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأكاديمية البحث العلمي.
تحدثت الدكتورة مها الحلبي، مشيرة إلى أن اصطلاح الفن الرقمى يعبر عن عمل فني أو ممارسة فنية، يتم فيها استخدام التكنولوجيا الرقمية في عملية الإبداع أو العرض التقديمي، ومنذ عام 1960 جرى استخدام أسماء مختلفة لوصف هذه العملية، مثل فن الكمبيوتر أو فن الوسائط المتعددة، لكن فيما بعد تم وضع اصطلاح (الفن الرقمى) نفسه كأكبر مظلة للتعبير عن فن الوسائط الجديد.
وتُعد أفضل السبل لتعزيز استراتيجيات البحث العلمي في بيئة العمل الرقمية وبين التخصصات كافة نحو الوصول إلى نموذج تصمیمي رقمي متكامل يتوافق مع العصر ويصلح للتنفيذ فى الواقع؛ خاصة بعدما باتت التكنولوجيا تستخدم بوتيرة عالية متضمنة الاستخدام الرقمي، مما يعطي فرصة لتنفيذ الابتكارات والاستثمارات، وأوضحت أن التكنولوجيا في مجالات الفن والتصميم الرقمي تساعد المصمم المبدع الذي يبحث عن التقنيات الجديدة التي بفضلها يتمكن من تنمية مهاراته التصميمية والإبداعية، ومع وجود التقنيات الرقمية يقع دور كبير على الجانب الأكاديمى فى تفعيلها من خلال توفير البرامج الدراسية حيث أن العديد من جامعات العالم بدأت بإدراج الفنون الرقمية والتصميم الرقمي ضمن برامجها الدراسية الخاصة بمجال الفن والتصميم، كذلك تم أنشاء برامج متخصصة فى الفن والتصميم الرقمي.
وتابعت مؤكدة أن الفن الرقمى يتموضع تحت الفئة الأكبر من فنون الوسائط الجديدة، ويتم تعريفه على أنه ممارسة إبداعية تستخدم التكنولوجيا الرقمية كجزء أساسى من العملية الفنية، تمامًا مثل الفنون الجميلة التقليدية، ويقدم الفن الرقمى وسائط وأساليب متعددة يمكن للفنانين استخدامها للتعبير عن أنفسهم، بداية من التصوير الرقمى ورسومات الكمبيوتر وفن البكسل (Pixel)، وصولًا إلى المزيد من الوسائط التجريبية، مثل الفن الذى أنشأه الذكاء الاصطناعى وفن الواقع المعزز؛ فإن كل شىء بات يسير فى فلك الفن الرقمي.
كما أشارت إلى الدور الكبير الذى قدمه رواد الفن الرقمى، أو (الفن الإلكترونى) كما وصفه فى القرن العشرين “بنجامین فرانسیس” (2000 – 1914, Benjamin Francis Laposky)؛ حيث كان عالم رياضيات وفنان ورسام أمريكى صنع أول رسومات كمبيوتر باستخدام راسم الذبذبات، كوسيلة لإنشاء الفن التجريدى وفى عام 1953 أصدر ما أسماه “الذبذبات”، أو تصاميم الذبذبات مع أطروحة مقابلة بعنوان “التجريدات الإلكترونية”، وذلك عبر معرض يضم خمسين صورة تحمل الاسم ذاته فى متحف سانفورد، وكذلك (1987-1928, Andrew Warhola) “أندرو ورهولا”، الذى كان فنانًا تشكيليًا أميركيًا، ومخرجًا ومنتجًا سينمائيًا، وكان شخصية بارزة فى حركة الفن البصرى المعروفة باسم فن البوب.
وتكشف أعماله العلاقة بين التعبير الفنى والإعلان وثقافة المشاهير التي ازدهرت بحلول الستينيات، وتشمل مجموعة متنوعة من الوسائط، بما فى ذلك الرسم والشاشة الحريرية والتصوير الفوتوغرافى والأفلام والنحت، وكذلك “جورج نيس” (1926) – (2016) الأكاديمى الألمانى ورائد فن الكمبيوتر والرسومات التوليدية، الذى درس الرياضيات والفيزياء والفلسفة؛ حيث عرض نيس أول أعمال فنية للرسم بواسطة الحاسوب فى العالم عام 1966.
وأقيم المعرض الذى يحمل عنوان رسومات الكمبيوتر فى معرض الدراسات فى كلية شتوتجارت عام 1969، وبدأ العمل على منحوتات الكمبيوتر فى كتالوج بينالى نورمبرج، ويصف لنا نيس كيف يتحكم برنامج الكمبيوتر فى آلة الطحن؛ بحيث تم إنشاء تمثال بدلًا من قطعة العمل وعُرض له مجموعة مجسمات خشبية والعديد من الأعمال الفنية عام 1970 فى (بينالى البندقية – 35).
وفي مختتم حديثها أكدت الدكتورة مها أنه خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بدأت التقنيات الرقمية تشكل جزءًا من حياتنا اليومية، فنراه سواء فى الأعمال التجارية بتعدد وجوهها أو عبر الاستخدامات الشخصية بتنوعها ويحظى الفن الرقمى بعدة تسميات مثل: الوسائط الرقمية، وفن الحاسوب، وفن الإعلام، ووسائل الإعلام الجديدة، وبغض النظر عن تلك التسميات، ليس هناك من ينكر أن الفن الرقمى قد أحدث ثورة كاملة فى عالم الفن؛ ففى مطلع القرن، كانت الطفرة الرقمية فى ذروتها، وتحديدًا خلال العقد الأول من القرن الحادى والعشرين؛ فصار الملايين من الناس يمتلكون هواتفهم الذكية وأجهزتهم اللوحية ومجموعات VR؛ لذا أصبح الفن الرقمى الآن مجالًا شائعًا للدراسة فى مدارس الفنون حول العالم، مما سمح لجيل جديد الفنانين ومنصات الفن بالظهور، والآن لدينا تقنية (NFT’S) (الرمز الغير قابل للاستبدال)، والعملات الرقمية التى ترفع قيمة الفن الرقمى بدورها.
فيما أوضح المهندس عمرو فاروق أن تطوير التكنولوجيا هو سبيل الوقوف في موضع الحائز أو المتحكم فى البيانات، وهو السبيل البديهي والأولي لحماية حقوق الملكية للبيانات، وهو سبيل تطبيق السياسات المناسبة لمعالجة أو تحويل البيانات، كما أنه سبيل حماية وتأمين البيانات، والكثير والكثير من مميزات التخزين والأرشفة والحفظ، بالإضافة إلى إمكانيات المعالجة الرقمية والتنظيم والتحليل للبيانات، ما يعتبر من أهم متطلبات العصر هذا العصر.
أكد الدكتور محمد عزام أهمية توطين التكنولوجيا بشكل أكثر كثافة فى كل القطاعات الاقتصادية، بما يمثله هذا من جانب مهم جدًا، يمكننا من تنفيذ الخطط الاستراتيجية، مشيرًا إلى ما حققته الدول التى استثمرت استثمار جيد خلال الخمس سنوات التى جاءت قبل حلول جائحة (كوفيد-19)، والتى باتت أكثر الدول على التعافى السريع.
أوضح الدكتور محمد حجازى أهمية وجود إرادة حقيقية نحو تطوير البنية التشريعية للبيانات وتكنولوجيا المعلومات؛ حيث أنها تُمثل حجر الأساس فى دعم المنتج الرقمى الوطنى؛ فلا مناص عن وضع قانون لتصنيف البيانات، وذلك فيما يتصل بصناعة مراكز البيانات العملاقة، وفى استخداماتنا لتطبيقات الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية، وأشار إلى أهمية مواجهة التحديات التشريعية التى يواجهها التحول الرقمى فى مص، موضحًا أن المطلوب فيما يخص التشريع أن لا يتم تمرير القوانين بشكل سريع يكاد يكون غير مدروس، ينتج عنه تعطيل القوانين عقب تشريعها، ومن هنا علينا أن نفطن لأهمية طرح المسودات التشريعية عبر منصة إلكترونية، لكى نحظى بفرصة للتفاعل مع التشريع، ولمس الجوانب الناقصة فيه، لكى يخرج فى الصورة النهائية بما يحقق أفضل استفادة عامة، وأوضح حالة التوغل لمواقع التواصل الاجتماعى وشركات التكنولوجيا الكبرى، وما لذلك من تأثير قوى عن الرأى العام محليًا وعالميًا.
وفي مختتم كلمته أكد مغبة خطورة عدم وجود تشريعات ملزمة لتلك الشركات فيما يتعلق بمسئوليتها عن تطوير الخوارزميات المستخدمة فى هذه المواقع العالمية، مما يجعلنا فى حاجة لقانون ينظم مسئولية الشركات مقدمة الخدمة عن هذه الخوارزميات.
ختامًا تناول المهندس زياد عبد التواب أهم التوصيات التى توصل إليها المنتدى؛ حيث أوضح أن مصر من أكبر الدول استخدامًا للإنترنت والتكنولوجيا؛ حيث تحتل المركز الحادى عشر عالميًا فى هذا الإطار، وينبغى علينا أن نتعلم أن نتحول إلى منتجين وليس فقط مستخدمين مستهلكين للتكنولوجيا وما يتصل بها، فإنا لدينا فرص كبيرة علينا علينا استغلالها أفضل استغلال؛ لأن خطورة هذا العصر الرقمى الذى نعيش فيه أن من لم يستطع امتلاك التكنولوجيا سيعانى من احتلال عقول مجتمعنا بواسطة منتجى التكنولوجيا، وأوصى الدكتور محمد خليف بأهمية توسيع الرؤية والإرادة نحو تنمية الصناعات الرقمية؛ فلا يمكننا مقارنة المنتج التكنولوجى المصرى بنظيره الأجنبى المدعوم عالميًا والصادر بواسطة عمالقة الشركات العالمية، كما يتوجب علينا فيما يتصل بالصناعات الرقمية والتكنولوجية أن نعمل على دعم المستثمرين المحليين بشكل حقيقى؛ حيث سيثمر هذا الأمر بدوره فى توفير مناخ جاذب للاستثمار الأجنبى لدينا، وتابع مؤكدًا ضرورة الاهتمام بدعم التكنولوجيات المستقبلية التى تذخر بفرص نمو واعدة جدًا مثل الميتافيرس والذكاء الاصطناعى وتطبيقات الألعاب الإلكترونية المختلفة والسينما الرقمية وما إلى ذلك.