الأرشيف والمكتبة الوطنية يطلق اليوم فعاليات النسخة الثالثة للمؤتمر الدولي للترجمة
انطلقت اليوم أعمال المؤتمر الدولي للترجمة في نسخته الثالثة، والذي ينظمه ويستضيفه الأرشيف والمكتبة الوطنية بمقره في أبوظبي، تحت شعار “الذكاء الاصطناعي بين الترجمة وإثراء المكتبات الوطنية” ويأتي هذا المؤتمر الدولي المتخصص دعماً لقطاع الترجمة الذي يؤدي دوراً عظيماً في الحراك الثقافي العالمي؛ إذ تعدّ الترجمة الوسيلة الأساسية في المثاقفة والحوار مع الآخر، وهي تؤدي رسالتها على صعيد تحقيق الأخوة الإنسانية والتعايش السلمي بين الحضارات، وهذا من القيم التي أكدت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة.
افتُتِحَ المؤتمر بكلمة سعادة عبد الله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية – أكد فيها اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالترجمة وما لها من دور في إثراء المكتبة العربية بثمار الفكر العالمي، وفي تصدير حضارة الأمة العربية إلى لغات العالم، مشيراً إلى أن أهميتها في تقديم الوجه المشرق لدولة الإمارات العربية المتحدة -في الماضي والحاضر- للعالم جعل الأرشيف والمكتبة الوطنية يهتم بالترجمة في وقت مبكر من مسيرته التي تقترب من خمسة عقود ونصف على طريق حفظ الذاكرة.
وثمّن سعادته عالياً الاهتمام الرسمي لدولة الإمارات بالترجمة والدعم الذي تحظى به فعالياتها، وذلك في إطار الدور المحوري الذي تقوم به في الوقت الراهن بوصفها حاضنة للثقافة والمعارف والفنون على المستوى العربي والإقليمي والدولي، وامتداداً لجهودها في تعزيز ودعم الثقافة العربية في مختلف مجالاتها.
وقال سعادته: إن الأرشيف والمكتبة الوطنية وهو يتبنى تنظيم هذا المؤتمر الدولي ورعايته فإنه يعتبره محطة مهمة على طريق المستقبل، ونحن نسير بخطى واثقة نحو مئوية الإمارات؛ وأملنا كبير بأن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة في الصدارة، والأرشيف والمكتبة الوطنية وهو يعقد هذا المؤتمر في دورته الثالثة يعبّر عن إدراكه الكبير لما تسفر عنه بحوث الذكاء الاصطناعي في تطوير آليات الترجمة، خاصة في هذه المرحلة الفارقة، وهو يعمل من أجل توسيع آفاق الترجمة، وفتح فضاءات جديدة أمام نقل المعرفة بشتى فروعها وتوطينها لدفع عجلة التقدم إلى الأمام، وذلك استكمالاً لما بدأه في المؤتمرين الأول والثاني اللذين أُقيما عامي 2021 و2022.
بعد ذلك ألقى معالي زكي نسيبة -المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة- الكلمة الرئيسية للمؤتمر؛ حيث استعرض بدايات تأسيس الأرشيف والمكتبة الوطنية عام 1968 بتوجيهات المؤسس والباني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
وأشاد معاليه بدور الأرشيف والمكتبة الوطنية كمحرك للاستكشاف الفكري لتراث الإمارات، ومنهجيات التاريخ وعلم وفن الترجمة.
ثم تحدث معاليه -في كلمته التي اتخذت طابعاً علمياً – عن رحلته التي استمرت أكثر من أربعة عقود مترجماً فورياً وتحريرياً للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وسلط الضوء على فن وعلم الترجمة من خلال تجربته الشخصية الثرية، وتطرق إلى فنون رسالة الترجمة، وهدفها؛ مؤكداً أن المترجم يجب أن يترك بصمته في عمله.
وأشاد معاليه بالموضوعات التي سيتناولها مؤتمر الترجمة الدولي الثالث في فعالياته، والتي تشمل أعمق التحديات التي يواجهها المترجمون التحريريون والفوريون.
هذا وتضمنت الجلسة الافتتاحية التي أدارها السيد حمد الحميري مدير إدارة البحوث والخدمات المعرفية – كلمة للأستاذ الدكتور حسن النابودة عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات العربية المتحدة كلمة شكر فيها الأرشيف والمكتبة الوطنية على اهتمامه بحفظ ذاكرة الوطن ممثلة بتاريخ دولة الإمارات وتراثها العريق، ومسيرته الحضارية، وإرثه وقِيمِه، وإنجازاتِه الاستثنائية.
وأعرب النابودة عن تقديره للجهود المتميزة التي بذلها الأرشيف والمكتبة الوطنية في سبيل عقد هذا المؤتمر الدولي المتخصص، الذي يأتي حَلْقةً في سلسلة حلقات متتابعة في خدمة تاريخ وطننا وإرثه وقيمه، ومسيرته الحضارية والمعرفية، وهو يكشف عن حرص الأرشيف والمكتبة الوطنية الدائم على دعم الإنجاز المعرفيّ، ومتابعةِ أحدث المسارات العلمية في تحقيق أهدافها، وفي إثراء المكتبة العلمية الوطنية بكل نافع ومفيد.
وأشاد بمحاور المؤتمر التي تكشف أهمية الترجمة ومساراتها في التعريف بتراثنا وحضارتنا، وتكشف أيضاً الشروط المعرفية والتكوينية في الترجمة، والعقبات المختلفة التي تواجهها في مجال التراثيات والأدب الوطنيّ، وأكد النابودة أهمية التعاون المثمر والبناء مع الأرشيف والمكتبة الوطنية.
وقال عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات: يسعدنا- في هذه المناسبة- أن نعرب عن حرصنا الدائم على التعاون المثمر مع هذه المؤسسة الوطنية الرائدة في خدمة تاريخ وطننا الغالي، وفي تعزيز هُويتِه وقيمِه وإرثِه، ويسرّنا أن تتّصلَ جهودُنا العلمية والأكاديمية من أجل تحقيق الأهداف الوطنية المشتركة في الحفاظ على إرثنا وذاكرتنا، وقيمِ الآباء المؤسّسين، ومتابعةِ مسيرة النهضة الوطنية وفقَ رؤى قيادتنا الرشيدة.
وشهدت الجلسة الافتتاحية تكريم كل من: معالي زكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، والأستاذ الدكتور حسن النابودة عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات العربية المتحدة.
وقد قدم مدير الجلسة الافتتاحية حمد سليم الحميري للتكريم قائلاً: إن عظمة العطاء تتجلى في أثره على الوطن وأبنائه، ويظل التكريم تقديراً على العطاء الكبير، والتكريم الآن لمن لم يدخر جهداً في سبيل الوطن منذ بدايات نهضته وتقدمه وازدهاره.
واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة المتحدث الرسمي للمؤتمر والتي قدمها البروفيسور صديق جوهر خبير الترجمة في الأرشيف والمكتبة الوطنية بعنوان: ” واجهات ومسارات الترجمة في العالم العربي: إطلالة اجتماعية وتاريخية”، وجاءت الكلمة على شكل دراسة كرونولوجية تسلسلية لتاريخ الترجمة في العالم العربي والإسلامي منذ ظهور الإسلام وحتى العصر الحديث.
وسلط البروفيسور جوهر في كلمته اهتمام العرب والمسلمين بالترجمة منذ بداية الفتوحات الإسلامية الباكرة، مروراً بالدولة الأموية، ثم الخلافة العباسية مع التركيز على دور بيت الحكمة في بغداد في تشجيع حركة الترجمة، ثم الدور الذي لعبته مدرسة طليطلة للترجمة في الأندلس بعدما أحرق المغول مقتنيات دار الحكمة، ودور مدرسة طليطلة في نقل التراث الإسلامي إلى اللغات الأوروبية، ثم جهود محمد علي باشا والي مصر في استعادة بريق الترجمة في القرن التاسع عشر وفي عهد النهضة العربية، وانتهاءً بالأدوار المعاصرة التي تقوم بها العديد من المؤسسات الإماراتية في دعم الحراك الترجمي على كافة المستويات ومن بينها الأرشيف والمكتبة الوطنية ومشروع كلمة ومؤسسة محمد بن راشد.
وبعد الجلسة الافتتاحية، توالت جلسات المؤتمر في يومه الأول، فكانت الجلسة الأولى برئاسة الأستاذ الدكتور مانفريد ملزان، وقد شارك فيها خمسة متحدثين، والجلسة الثانية برئاسة الدكتور جمال جابر، وقد شارك فيها خمسة متحدثين أيضاً، والجلسة الثالثة جاءت باللغة العربية، وكانت برئاسة الدكتورة هالة شركس وشارك فيها أربعة متحدثين، وبهذا اختتم المؤتمر الدولي الثالث للترجمة والذي ينظمه ويستضيفه الأرشيف والمكتبة الوطنية يومه الأول.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية تجول ضيوف المؤتمر في قاعة الشيخ زايد بن سلطان؛ حيث اطلعوا على تجربة متحفية مبتكرة تحتضن الماضي وتوثق اليوم وتستشرف المستقبل، وهي تسخّر أحدث التقنيات المبتكرة وأساليب العرض لتقدم للزوار كبسولة معرفية من شأنها أن تعزز الانتماء للوطن والولاء لقيادته الرشيدة وترسخ الهوية الوطنية في نفوس الأجيال، وتبهر زوارها بما حققته الإمارات من تقدم وتطور وازدهار.