خروجتنا

حكاية شارع| “نوبار باشا” كيف أصبح أجنبي أول رئيس وزراء لمصر؟.. وما علاقته باستقلال السودان؟

تتميز القاهرة بشوارعها وميادينها العريقة التي يرجع تاريخها إلى العصور الماضية، وتقع منطقة القاهرة الخديوية في قلب العاصمة المصرية، وتبدأ هذه المنطقة بكوبري قصر النيل وتنتهي في منطقة العتبة، وبدأ الخديوي إسماعيل النهضة العمرانية في هذه المنطقة لتكون واجهة للبلاد عند افتتاح قناة السويس، لذا تم تصميم المكان على الطراز الأوروبي وتحمل شوارعه أسماء مشاهير الزمن الجميل، وفي التقرير التالي تقدم لكم منصة كلمتنا قصة حياة نوبار باشا أول رئيس وزراء لمصر، والذي أطلق اسمه على أحد شوارع منطقة وسط البلد ويعد امتداداً لشارع شريف بالقرب من ميدان السيدة زينب.

ولد نوبار باشا في “سمرينا” بتركيا في 4 يناير 1825م، وتلقى تعليمه في مدارس سويسرا، ثم سافر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه، وأتم دراسته عام 1840م، وقد أتقن اللغات الفرنسية والإنجليزية واليونانية والتركية، ولم يتقن اللغة العربية وتعلم العلوم الأوروبية الحديثة.

فأرسل إليه خاله “بوغوص بك يوسيفيان”، الذي كان ناظرًا (وزيرًا) للتجارة والأمور الخارجية، يطلب منه الحضور إلى مصر للعمل معه.

سافر نوبار إلى مصر عام 1841م، فعمل سكرتيرًا لبوغوص بك، ولم يلبث طويلاً حتى كلفته الحكومة المصرية بأول عمل له خارج مصر في باريس عام 1842م وعقب عودته عمل في مجال الترجمة ومنح رتبة البكباشي ثم أصبح مترجماً ثانيًا لمحمد علي باشا عام 1844م، ومنح رتبة قائم مقام في عام 1846م.

أصبح نوبار ناظرًا للأشغال العمومية بعد تأسيسها على يده عام 1864، كما أسندت إليه إدارة السكك الحديدية ولم يكن لها مدير خاص وظلت تابعة له حتى يناير 1866.

تولى نوبار باشا مهام منصب ناظر الخارجية من 10 يناير 1866م إلى 6 يناير 1874م، فنظارة المالية، ثم ناظراً للتجارة في سبتمبر 1875م حيث تأسست هذه النظارة في ذلك العام، وتولاها نوبار إلى جانب نظارة الخارجية، ثم ناظرًا للخارجية مرة أخرى حتى يناير 1876م.

وأصاب مصر في أثناء ذلك أزمة مالية مما تراكم عليها من الديون، بسبب نفقات الخديوي إسماعيل في سبيل عمارة القاهرة واستصدار الفرمانات الخاصة بوراثة العرش وغيرها من الأمور، حتى أفضى الأمر إلى مراقبة الدول والسعي في غل يديه وضبط الميزانية والاقتصاد فيها، ورأت الدول أن تقيد حكومته بالشورى، فاقترحت عليه تشكيل أول وزارة مسئولة عن إدارة شئون البلاد (مجلس النظار).

فقام الخديوي إسماعيل بتكليف نوبار باشا لتشكيل النظارة، فشكلها في 28 أغسطس 1878م، وقد سميت بالنظارة الأوروبية نظرًا لوجود وزيرين أوروبيين بها أحدهما إنجليزي والآخر فرنسي، ولكن ذلك لم يرضي الخديوي إسماعيل، فلم تمضِ على تلك الوزارة الشورية سبعة أشهر حتى حلها إسماعيل في 23 فبراير 1879م.

وعلى أثر ذلك تدخلت الدول الأوروبية وخاصة إنجلتر لدى السلطان العثماني لخلع الخديوي إسماعيل، فصدر فرمان في 26 يونية 1879م بخلع إسماعيل وتولية نجله “توفيق باشا”، ثم حدثت الثورة العرابية وعقبتها الحوادث السودانية، حيث قامت الثورة المهدية بالسودان، واستفحل أمر المهدي فأشارت إنجلترا على الحكومة المصرية سنة 1884م بإخلاء السودان والتخلي عنه، وكانت الوزارة المصرية إذ ذاك برئاسة “شريف باشا” فلم يوافق إنجلترا على هذا الأمر وفضل الاستقالة على أن يرتكب ذلك الخطأ.

فقام الخديوي توفيق باستدعاء نوبار باشا وعهد إليه بتشكيل وزارة جديدة، وزارته الثانية، فشكلها في 10 يناير 1884م، وتولى هو أيضًا نظارة الخارجية، ووافق إنجلترا على إخلاء السودان، واستمر في ذلك المنصب حتى 9 يونية 1888م.

وتولى نوبار باشا نظارته الثالثة في 15 أبريل 1894م بناء على ترشيح المعتمد البريطاني في مصر “اللورد كرومر” وقد استسلم نوبار تمامًا في هذه النظارة للنفوذ الإنجليزي.

ثم حدث خلاف بين نوبار و”عباس حلمي الثاني” بسبب رفض الأخير رجوع جده الخديوي إسماعيل إلى مصر، بعد أن أصابه المرض وتدهورت حالته الصحية، وأراد عباس أن يقضي جده أيامه الأخيرة في مصر، إلا أن نوبار أصر على موقفه، حتى توفي إسماعيل وهو في أوروبا وزاد هذا الموقف من كره عباس لنوبار لذلك سعى بكل الوسائل إلى التخلص منه، وقد تمكن من التخلص منه في 12 نوفمبر 1895م بمساعدة الإنجليز.

بعد إقالة نوبار باشا من الوزارة انقطع إلى خصوصياته حتى أصابه المرض، فسافر إلى أوروبا للاستشفاء، فأدركته الوفاة في 14 يناير 1899م، فنقلت جثته إلى مصر ودفنت فيها.

اقرأ ايضاً: حكاية شارع| نجيب الريحاني قصة مكان يغطي الغبار معالمه التاريخية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى