شمس الدين التبريزي.. ولادة جديدة في حياة جلال الدين الرومي
تحولت حياة جلال الدين الرومي، شاعر الحب الإلهي العبقري الصوفي، بعد مقابلة شمس الدين التبريزي، جلال الدين، ذلك الرجل الذي اتخذ الشعر الموسيقي ليأخذ الإنسان في رحلة روحية للسمو بالنفس البشرية وتجريدها من كل ما يأخذها بعيدا عن طريق الحب والوصول بها إلى حب الله.
من خلال منصة كلمتنا نبحر أكثر في حياة جلال الدين الرومي.
تجليات جلال الدين الرومي
“عندما اشتعلت نيران الحب في صدري أحرق لهيبها كل ما كان في قلبي فازدريت العقل الدقيق البارد والمدرسة والكتاب وعملت على اكتساب صناعة الشعر وتعلم النظم”، يوجد لحظة فارقة لكل إنسان يتحول فيها لشخص آخر، فحدثت نقلة روحية في حياة جلال الدين الرومي عند مقابلة شمس الدين التبريزي، ليعتكف معه شهورا وربما سنين ابتعد فيها الرومي عن كل حياته السابقة ومحبيه، ليتحول من فقيه وعالم ديني، ليصبح فيلسوف وشاعر عظيم ومتصوف يرتقي بفكره وقلبه إلى الله، فكان دائما يقول”إن العالم هو الله والله هو العالم”.
حياته كمتصوف
لم تقتصر حياة مولانا الرومي على الكتب فقط، بل جسد “المولوية” وعمل منها رقصة جاءت عن طريق الصدفة، لتصل بالنفس الإنسانية إلى الله، بأن تجعل الجسد يتمايل شوقا لمن يهواه “تعالوا أيها الفنانون والصناع المهرة، تعالوا أيها المتجهون إلى قبلة العشق الواحدة من أي مذهب أو دين، تعالوا نرقص معا نحور وندور لنجسد في رقصنا ما حاولت أن أقوله عبر الكلمات سنين عمري”.
أصل رقصة المولوية
استوحى الرومي المولوية عن طريق الصدفة، في أثناء سيره في سوق الذهب وقد تناهى إلى سمعه طرق الصانعين في السوق، فسرح معهم الرومي وبدأ في إغماض عينيه وإمالة رأسه على كتفه ورفع يديه بجانب رأسه وبدأ يدور مع نغمات المطارق، واصفا روحه بالطائر الذي يحلق عاليا، ومن هنا جاءت فكرة رقصة المولوية، “أيتها الموسيقى اصدحي قد تم الوصال ولتقرعي يا طبول فقيامتنا اليوم قامت”.
المولوية هي نوع من الرقص الصوفي الذي يعتمد على الدوران حول النفس البشرية وأثناء دوران الإنسان يعود بنفسه إلى الكمال نحو الله، فهو دائما كان يقول الكواكب تدور حول الشمس، وكل الكائنات تعيش في عالم يدور ولا أحد متوقف، فلماذا أنا لا أدور؟
أهم مؤلفات الرومي
ترك لنا الرومي إرثا كبيرا من الأشعار وأهمها:
1. المثنوي، ويعد المثنوي من أعظم الكتب الصوفية، وترجم الكتاب لمعظم لغات العالم.
2. كتب أكثر من ثمانين ألف بيت شعر، كان لها تأثيرا كبيرا في العالم الإسلامي.
3. ديوان الكبير، الذي كتبه لملهه الصوفي شمس الدين التبريزي
4. الرسايل،كتبها الرومي بالفارسية والعربية إلى مريديه ومحبيه.
جيش من المحبين لجلال الدين الرومي
يعتبر الرومي من أكثر الشعراء تأثيرا، فحظى الشاعر المتصوف بشعبية كبيرة، وقال عنه المستشرقين الرومي: رجل فريد ولافت للأنظار وخاصة برسالته الإنسانية التي تسمو جلية في كل أشعاره، وقال عنه الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو، إنه يريد تصوير فيلم يجسد فيه شخصية الرومي، كما قالت عنه BBC إنه من أكثر الشخصيات شعبية في الولايات المتحدة،وأعلنت اليونسكو عام 2007 أنه عام الاحتفال عالميا بجلال الدين الرومي بمناسبة مرور 800 عام على ولادة ذلك الرجل.
وفاته
توفي الرومي بعد أيام من حدوث زلزال قوي في 17 ديسمبر 1273 تاركا إرثا شعبيا كبيرا، فقد سار في جنازته المسلمون واليهود والمسيحيون، ذلك الرجل الذي أحبته كل الطوائف، جلال الدين الرومي الذي ولد في بلخ في عهد الحروب الشرسة للحضارة الإسلامية في القرن الثالث عشر، لأب من أشهر علماء وفقهاء بلخ واشتهر والده بقوله للحق دائما، وعلم جلال الدين الرومي شتى العلوم الدينية والدنيوية فتأثر به الرومي وقال عنه عند وفاته: ” نحن ارتحلنا بسلام على الباقين فلابد للمولود أن يموت.. وأن كنت فريد عصرك والمشار إليك.. ففي يوما ما ستغادر.
اقرأ أيضا: “شمس التبريزي”.. معلم العشق الإلهي